حركت المياه الراكدة في المنظومة الأممية.. هل تؤدي حرب غزة إلى إصلاح مجلس الأمن؟

حركت المياه الراكدة في المنظومة الأممية.. هل تؤدي حرب غزة إلى إصلاح مجلس الأمن؟جمال رائف

الرأى29-10-2023 | 20:50

عقب حرب عالمية ثانية انتهت بكارثة نووية، لم تستطع أن توقفها عصبة الأمم فى وقتها ظهرت منظومة عمل دولية أكثر اتساعا، وهى الأمم المتحدة، كبديل يمكن أن يرسخ للتعايش السلمى بين الدول والشعوب، ومع تصاعد الصراع الدولى يشهد دور المنظمة الدولية تراجعا كبيرا، ينذر بتلاشى التأثير الأممى على صعيد دعم مسارات السلام الدولى، وقد نادت العديد من الدول حول العالم بضرورة إحداث تعديل فى عمل منظومة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، بشكل خاص فقد دعت بلدان مختلفة لتوسيع عضوية مجلس الأمن، بما يمثل واقع المجتمع الدولى والمتغيرات القائمة.

فمنذ عام 1965، وهناك حديث وحراك بهذا الشأن أسفر حينها عن توسيع عضوية المجلس من 11 إلى 15، وفى أعقاب نهاية الحرب الباردة، وبالتحديد عام 1992 أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة، مجموعة عمل مفتوحة لبحث إصلاح مجلس الأمن، لتأسيس ما يطلق عليه مجموعة الأربع، والتى تضم البرازيل واليابان والهند وألمانيا، وتعمل على توسيع العضويات بمجلس الأمن، كما تسعى تلك الدول للحصول لنفسها على العضوية الدائمة، بجانب دول أخرى، فى حين لم تحقق تلك المجموعة أى نجاحات على أرض الواقع، ما أدى إلى دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2008 إلى مفاوضات جادة بشأن إصلاح عمل مجلس الأمن، بما يحقق التمثيل العادل للمجتمع الدولي، بينما لم تسفر تلك المناقشات عن جديد.

الاتحاد الإفريقى هو الآخر دعا إلى منحة مقعدين دائمين وثلاثة مقاعد غير دائمة فى إطار إعادة صياغة منظومة عمل مجلس الأمن، الذى يحتل مكانًا فى أجندة نقاشات الجمعيات العامة للأمم المتحدة على مدار الأعوام الماضية ولكن دون جدوى.

تحدثت القاهرة أيضا فى هذا الشأن عدة مرات على مدار السنوات الماضية داخل أروقة الأمم المتحدة، آخرها ضمن كلمة مصر بالجمعية العامة للأمم المتحدة 78، حيث قال وزير الخارجية سامح شكري، كشفت تجربة منظومة العمل الدولى متعدد الأطراف بعد الحرب العالمية الثانية عن خلل هيكلى فى أسلوب التعاطى مع الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية على مستوى العالم.. وكانت السمة العامة هى استئثار القوى الكبرى على حق صياغة القرار الدولى دون اكتراث بحقوق وطموحات مئات الملايين من الشعوب والمجتمعات، الأمر الذى يستدعى إصلاحاً جذرياً وفورياً لآليات الحوكمة الدولية.

ومن هنا تتمسك مصر والدول الإفريقية، بتوافق «أوزلويني»، وإعلان «سرت»، لتصحيح الظلم التاريخي، الذى وقع على قارتنا من خلال توسيع تمثيلها ب مجلس الأمن بما فى ذلك الحصول على مقعدين دائمين بكافة الصلاحيات.

الحديث المصرى الاستباقى عن تطوير عمل منظومة مجلس الأمن، بالتحديد تظهر أهميته الآن فى ظل تصاعد الصراع الإقليمي، وحالة الانسداد السياسى التى تشهدها القضية الفلسطينية، ما أسفر عن تصعيد خطير من الجانب الإسرائيلى على قطاع غزة فى ظل دور متراجع ل مجلس الأمن الذى بات لا يستطيع إصدار أى قرارات من شأنها خفض التصعيد فى ظل عناد سياسى تمارسه الدول الخمس أصحاب حق النقض « الفيتو»، وهو ما سلب من مجلس الأمن دوره وفاعليته.

وفى هذا الصدد أكدت النائبة د. سماء سليمان، وكيل لجنة الشئون الخارجية والعربية والإفريقية بمجلس الشيوخ أن ما تمر به المنطقة من أزمة مفاجئة وغير مسبوقة من شأنها النيل من الأمن القومى للدول، بعرض سيناريو التهجير على أنه الحل الوحيد للقضية الفلسطينية، وبالتزامن مع القصف الإسرائيلى لقطاع غزة والعقاب الجماعى لأهلها، والذى تسبب فى استشهاد الآلاف كان يتطلب دورا حاسما من الأمم المتحدة، خاصة مجلس الأمن لاتخاذ قرار لوقف إطلاق النار، إلا أن اخفاق المجلس فى اتخاذ هذا القرار شجع إسرائيل للمضى قدما فى عدوانها على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة والضفة الغربية، وهذا مؤشر على عجز مجلس الأمن فى وقف العدوان وتحقيق السلم والأمن الدوليين.

وقد كان لزيارة السكرتير العام للأمم المتحدة لمعبر رفح ووقوفه على حقائق الأمر وهو قصف إسرائيل المستمر للمعبر من الجانب الفلسطيني، وأن المعبر المصرى مفتوح لنجدة الفلسطينيين كان له بالغ الأثر فى كلماته فى قمة القاهرة للسلام، وكلمته فى الاجتماع الوزارى للأمم المتحدة وتنديده بالمأساة التى يعيشها الشعب الفلسطينى والتى وضعت المجتمع الدولى أمام مسئولياته، وتعد تعويضا منه لفشل المجلس فى إصدار قرار لوقف إطلاق النار، فقد عكس الأمين العام للأمم المتحدة ما يجب أن يكون عليه الضمير العالمي، وسط دول منحازة لإسرائيل، وتسىء استخدام حق الفيتو.

وأضافت النائبة سماء سليمان، أن أى تعديل أو صياغة جديدة للمنظومة الأممية وخاصة مجلس الأمن مرتبط بانتهاء الصراع الدولى الدائر حاليا، والذى من الممكن أن يؤثر على طبيعة النظام الدولى المعتمد على الولايات المتحدة الأمريكية، كقطب أوحد بينما فى المقابل الصين و روسيا الاتحادية اللتين يسعيان ليصبح النظام الدولى متعدد الأقطاب.

وحول دور مجلس الأمن و الأمم المتحدة فى حلحلة الصراع - القضية الفلسطينية، تقول د. إيمان زهران، أستاذ العلاقات الدولية، أنه مع التغير فى سياقات إدارة الملفات الصراعية، أصبح هناك خلل واضح لدى المؤسسات الدولية فى إدارة تلك الملفات، وذلك على مستويين، أولا: ما يتعلق بأن أغلب النقاشات التى تتم سواء فى مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة لا تخرج عن نطاق «المكلمة» دون التوصل إلى قرار إلزامى ومُلزم للجانب المُعتدى بالتوقف والالتزام بالمسارات السياسية والقانونية. وثانيا: ما يتعلق بإنتفاء نمط الأحادية وفرض الأجندة الأمريكية ورؤيتها. فأصبح هناك استعادة للأٌقطاب الدولية القديمة، وفى مقدمتها «روسيا»، فضلا عن تصاعد أجندات أوروبية تسعى لتقاسم الأدوار. وهى تلك المستويات التى تُضعف من فرضية «مدى نجاح المؤسسات الدولية (الأمم المتحدة، مجلس الأمن) فى الوفاء بتعهداتهم القائمة على حفظ الأمن والسلم والدوليين.

وحول إعادة هيكلة النظام الأممى ترى «زهران»، أنه بالنظر إلى التطورات القائمة بالنظام الدولى ككل، وتصاعد منحنى الأحداث الصراعية بكافة الأقاليم الدولية. مقابل فشل الأجهزة الأممية فى احتواء التطورات الصراعية القائمة، أصبحنا فى حاجة إلى مزيد من الإصلاحات تتجاوز فكرة «تعديل الميثاق الأممى»، وذلك لإعادة النظر فى الأدوار المتباينة التى تقوم بها المؤسسات الأممية - وفى مقدمتها «الأمم المتحدة، مجلس الأمن» - وطرح صياغات أكثر إلزامية فى عالم أصبح يموج بالاضطرابات الأمنية على كافة المستويات النوعية التقليدية وغير التقليدية.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2