قّدرنا .. ودورنا

قّدرنا .. ودورناسعيد عبده

الرأى4-11-2023 | 15:47

قد لا يعلم الكثير من أبنائنا وأجيال متعاقبة أهمية شبه جزيرة سيناء بالنسبة إلى مصر وكم دفعنا من ثمن لحماية بلادنا على أرض سيناء، فهى البوابة الشرقية لنا وقطعة غالية من أرض مصر على مر العصور كان يأتى منها الغزاة إلى مصر والحروب التى خاضتها مصر فى التاريخ القديم والحديث على هذه الأرض.

فمنذ عام 48 وقرار إنشاء إسرائيل كدولة على أرض فلسطين، وبدأت الحرب العربية الإسرائيلية الأولى ولأن مصر على خطوط المواجهة فالمسألة أكبر من الخسارة المادية أو تقديم مساندة وينتهى الأمر لا، فالاشتباك المباشر والحرب وما أدراك ما الحرب من مصابين وشهداء وشعب يعيش على هذه الأرض يعانى من ويلات الحروب، وأيضًا محاولات الاحتلال قديمًا وحديثًا لفصلهم عن مصر.

الحقيقة المؤلمة

بدأت حرب 48 وكانت هناك خسائر للجيوش العربية المشاركة وهزيمة ولم تسلم مصر وحدها من القادم، حرب 56 والاعتداء الثلاثى من كل من إنجلترا وفرنسا وإسرائيل، واستطعنا الصمود والانتصار وعودة الدول الثلاث أو التحالف بخفي حُنين وخسارة كبيرة ووقفت معنا وقتها روسيا.. وبدأت التعاون مع مصر فى أمور عسكرية واقتصادية كثيرة وأهم مشروعاتها السد العالى وغيره من المشروعات.

وقتها كانت أمريكا ليست القطب الأوحد لكن كان هناك عالم يتشكل بين الحربين العالمية الأولى والثانية وفق ما تقضى به مصالح الأطراف المختلفة فى ذلك الوقت.

اليمن: كانت مصر السند الرئيسى لكل حركات التحرير فى إفريقيا والعالم العربى من خلال زعامة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.. ودخلنا حرب اليمن مساندين الثورة ضد الإمام الذى كان يحكم اليمن ودفع فيها خيرة شبابنا أرواحهم ودماءهم لنصرة إخواننا هناك.

الجزائر: كان لمصر أيضًا دعم كبير للثورة الجزائرية على الاحتلال الفرنسى مساندين أحمد بن بيلا والشعب الجزائرى الشقيق.. هذا إلى جانب العديد من حركات التحرير التى ساندناها بقوة.

67 عام النكسة وسيطرة إسرائيل على أرض فلسطينية جديدة مثل قطاع غزة ومرتفعات الجولان فى سوريا إلى جانب سيناء العزيزة.. كانت الخسارة ثقيلة على مصر وعلى الأطراف الأخرى ولم نستسلم وبدأت حرب الاستنزاف التى دفعنا فيها الكثير وإعادة الثقة للمقاتل المصرى وكانت إعداد جيد لما بعدها.

73 كانت النصرة الكبرى فى مجالات مهمة النصر العسكرى واسترداد جزء من الأرض وعودة الروح للشعب المصرى، وأيضًا النصر السياسى لاكتمال الفرحة من خلال السياسة رحم الله الرئيس السادات بطل الحرب والسلام.

سيناء والثمن الغالي

كل هذه الحروب دفعت ثمنها مصر كلها من خيرة أبنائها، وسيناء على وجه الخصوص من تأخر التنمية وصعوبة العمل على مسرح عمليات الحروب.

تريليون جنيه

كان لأعمال التنمية على أرض سيناء غير المسبوقة فى تاريخها الحديث لتغيير وجه الحياة على أرض سيناء، وتتحول من معبر وأرض صحراء إلى عالم آخر.

- 500 ألف فدان بفضل محطة المحسمة وبحر البقر وإعادة الاستفادة من المياه لرى هذه المساحات فى أرض سيناء وزراعتها.. وخلق مجتمعات زراعية متكاملة هناك.

- 1100 كم طرقًا لتصبح هناك أكبر شبكة طرق نُفذت أيضًا لسهولة تنفيذ برامج التنمية والاستثمار.

- أكبر محطة تحلية لمياه البحر فى المنطقة بطاقة 300 ألف متر مع مشروعات للكهرباء تصل إلى كل مناطق سيناء.

- 10 تجمعات سكنية تنموية جديدة.

-11 ألف طن أسماك سنويًا من بحيرة البردويل مساهمة فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الأسماك.

- ميناء العريش ليكون من أكبر الموانى فى منطقة البحر الأحمر جذبًا للاستثمارات والتصدير لكل منتجات سيناء ومصر كلها.. وأسمنت ورخام وسيناء وتمورها.

- مدينة عالمية للرخام لتعظيم العائد على الإنتاج هذا خلاف جنوب سيناء ومدنها ومكانتها السياحية على مستوى العالم، كمقصد سياحى مهم ومنها دهب وشرم الشيخ.

فى النهاية تحولت الطبيعة من صحراء سيناء إلى محافظات جاذبة للعمالة والاستثمار، يستفيد أهلها من كل ما سبق مع رفع مستوى الخدمات الصحية وإنشاء جامعة سيناء.
ولما لا فهى بقعة عزيزة وأبناؤها قدموا كل ما يملكون للحفاظ على الأرض.

من يدفع الثمن

إذًا قيل إننا مستهدفون أجيب نعم فى السِّلم والحرب فكل ما سبق له ثمن فى الاستعداد للحرب ثمن والحرب نفسها ثمن والتنمية ثمن كبير للإصلاح.

الشعب وحده تحمل بصبر ورضا خلف قيادته توابع كل ما حدث على مر التاريخ وأيضًا فى أحلك الظروف تحمل الكثير.. بل تحمل الكثير من أجل الأخرين خاصة القضايا العربية لم يتخل أبدا عن دوره تجاه الأشقاء العرب أو القضايا الإقليمية الملحة.

ويأتى دور المجتمع الدولى من واجبات تجد الصندوق الدولى يؤجل القرض المطلوب ويتأخر فى تنفيذ الدفعات ويعاد تقييم مصر من خلال مؤسسات التقييم الدولية الخاصة، مما يؤثر على ثقة الآخرين فى الاقتصاد المصرى ورغم كل الضغوط المعلومة للجميع فإن مصر قامت ببرامج عديدة وغير عادية فى كل الأزمات لحماية الفئات غير القادرة والرعاية الصحية وغيرها من أمور لا يتسع لها هذا المجال.

أزمة كورونا وحرب روسيا وأوكرانيا وإسرائيل وفلسطين.. لا نخرج من أزمة إلا ونجد أنفسنا أمام أزمة أخرى، وقدرنا أن نتحمل من يدفع الثمن لمصر من يساعد ويتفهم دور هذه الدولة المحورى فى المنطقة، لا حل بدون مصر ولا سلام بدون مصر فى السودان وليبيا وفلسطين وسوريا والعراق واليمن.

الكلمة القاطعة

قالها وأعلنها الرئيس السيسى بشفافية وثقة وقوة عندما عُرض على مصر سداد ديونها الخارجية والداخلية بالكامل مقابل جزء من سيناء ينتقل إليه سكان قطاع غزة.. إن حبة رمل تساوى كنوز الدنيا كلها ومصر لا تبيع أرضها.

أضف تعليق