مع استمرار الجرائم الإسرائيلية في غزة.. 5 مخاطر تهدد الاقتصاد العالمي

مع استمرار الجرائم الإسرائيلية في غزة..  5 مخاطر تهدد الاقتصاد العالميصورة أرشيفية

حوارات وتحقيقات20-11-2023 | 09:28

الحرب الإسرائيلية على غزة، والتى دخلت شهرها الثانى، أدت لتداعيات اقتصادية كارثية ليس فقط على قطاع غزة أو حتى الكيان الإسرائيلى، وإنما امتدت تداعيات هذا العدوان الغاشم لتشمل اقتصاد المنطقة والعالم، وهو ما طرح تساؤلات عديدة حول تأثير حرب غزة على الاقتصاد العالمى، خاصة أن تحليلات عالمية كشفت عن مخاوف من أن يؤدى الدعم العسكرى الأمريكى والأوروبى اللامحدود لـ «إسرائيل» إلى تحول الحرب الإسرائيلية فى قطاع غزة إلى صراع إقليمى، وأن يلقى هذا الصراع بظلاله على آفاق الاقتصاد العالمى، ويهدد بإضعاف النمو الاقتصادى، وإعادة إشعال أسعار الطاقة والغذاء المشتعلة من الأساس.

يرى خبراء أن الاقتصاد العالمى لن يتحمل صدمة كبيرة أخرى، خاصة بعد تعرضه لسلسلة من الصدمات على مدى السنوات الأربع الماضية، بداية من جائحة «كوفيد- 19»، والتضخم فى مرحلة ما بعد كوفيد، ثم اشتعال الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وأخيرا الحرب الإسرائيلية على غزة.

وأشار محللون، إلى وجود 5 مخاطر رئيسية تحيط بالعالم تسببها هذه الحرب، هى احتمال ارتفاع أسعار النفط لمستويات متقدمة وعودة التضخم للارتفاع، وتفاقم أزمة الديون والسندات السيادية العالمية، وخسائر البورصات، وتراجع التجارة العالمية، وانهيار أمن الممرات المائية.

العامل الأساسى الذى سيلعب الدور الأكبر فى التأثّر على حرب غزة هو سلاح «البترول» أو النفط العالمى، حيث أشارت مصادر اقتصادية إلى أن الحرب فى غزّة يُمكن أن تؤدى إلى ارتفاع الأسعار فى محطات الوقود وتسبب التضخم وتدفع الاقتصاد إلى الركود، إذ إن ارتفاع أسعار النفط سيؤدى بدوره إلى تصاعد أسعار العديد من المنتجات الاستهلاكية التى ستتأثر مباشرة بتكلفة النقل.

ووفقاً لوكالة «بلومبيرج»، إذا ارتفعت أسعار النفط إلى 150 دولاراً للبرميل، فسوف ينخفض النمو العالمى بنسبة 1.7%، وسيكلف الركود العالم 1000 مليار (1 تريليون) دولار.

وفى هذا السياق، حذّر البنك الدولى من أن تصاعد الحرب فى غزة قد يسفر عن ضرر بالغ للاقتصاد العالمى الذى يعانى بالفعل وضعاً سيئاً، وأشار تحديداً إلى آثار مباشرة على السلع الأساسية خاصة النفط والأغذية.

وقال كبير الاقتصاديين فى البنك الدولى، إنديرميت جيل، «هذه هى المرة الأولى التى نتعرض فيها لصدمتين للطاقة فى نفس الوقت»، فى إشارة إلى تأثير حربى أوكرانيا و غزة على أسعار النفط والغاز.

ولا تؤدى هذه الزيادات فى الأسعار إلى تقليص القوة الشرائية للأسر والشركات فحسب، بل تؤدى أيضا إلى ارتفاع تكلفة إنتاج الغذاء، مما يزيد من مستويات انعدام الأمن الغذائى المرتفعة، لا سيما فى البلدان النامية.

وفى الوقت الحالى، تعانى الدول بالفعل من مستويات مرتفعة بشكل غير عادى من الديون، والاستثمارات الخاصة المتعثرة، وأبطأ انتعاش فى التجارة منذ خمسة عقود، مما يجعل من الصعب عليها أن تسلك طريقها للخروج من الأزمة.

يضاف إلى ذلك، ارتفاع أسعار الفائدة، نتيجة جهود البنوك المركزية لترويض التضخم، ما جعل من الصعب على الحكومات والشركات الخاصة الحصول على الائتمان وتجنب التخلف عن السداد.

وأكد كبير الاقتصاديين فى البنك الدولى، «نحن فى واحدة من أكثر المراحل هشاشة بالنسبة للاقتصاد العالمى».

ويتماشى هذا التقييم مع تقييمات محللين آخرين، منهم جيمى ديمون، الرئيس التنفيذى لبنك جيه بى مورجان تشيس، الذى يؤكد أن «هذا قد يكون أخطر وقت شهده العالم منذ عقود من الزمن»، ووصف الصراع فى غزة بأنه «الأمر الأكثر أهمية بالنسبة للعالم الغربى».

وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن استمرار الصراع فى الشرق الأوسط يشير إلى أن سلسلة من الأحداث الكارثية قد تمتد إلى الخليج نفسه.

وأوضحت أن الحرب على غزة يمكن أن تؤدى إلى صراع بين القوى العظمى، أى بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جانب، والصين وإيران من جانب آخر.

وترى «فاينانشيال تايمز» أنه إذا انتشرت الحرب، فسيكون للأمر تداعيات كبيرة على الاقتصاد العالمى، لأن هذه المنطقة تعد أهم منتج للطاقة فى العالم.

ووفقا للمراجعة الإحصائية للطاقة العالمية لعام 2023، فإن منطقة الشرق الأوسط تحتوى على 48 فى المائة من الاحتياطيات العالمية المؤكدة وأنتجت 33 فى المائة من النفط العالمى فى عام 2022.

علاوة على ذلك، ووفقا لتقرير لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، مر خُمس إمدادات النفط العالمية عبر مضيق هرمز، فى قاع الخليج، فى عام 2018، وبالتالى فإن أى إغلاق لهذا المضيق سيكون بمثابة نقطة الاختناق لإمدادات الطاقة العالمية.

ويشير البنك الدولى أيضا إلى أن صدمات الطاقة فى الحروب الماضية كانت مكلفة للغاية، فقد أدى غزو العراق للكويت فى عام 1990 إلى رفع متوسط أسعار النفط بعد ثلاثة أشهر بنسبة 105 فى المائة، كما رفع الحظر النفطى العربى الأسعار فى الفترة 1973- 1974 بنسبة 52 فى المائة، كما رفعتها الثورة الإيرانية فى عام 1978 بنسبة 48 فى المئة، حسب «فاينانشيال تايمز».

وعلى صعيد التضخم، يقول مصرف «جولدمان ساكس» فى تحليل إن الحرب على غزة يمكن أن يكون لها تأثير كبير على النمو الاقتصادى والتضخم فى منطقة اليورو ما لم يتم احتواء ضغوط أسعار الطاقة.

وفى نفس السياق، أبرزت محللة الاقتصاد الأوروبى بالمصرف الاستثمارى، كاتيا فاشكينسكايا، فى مذكرة بحثية أن الأعمال العدائية المستمرة ضد قطاع غزة يمكن أن تؤثر على الاقتصادات الأوروبية من خلال انخفاض التجارة الإقليمية، وتشديد الظروف المالية، وارتفاع أسعار الطاقة وانخفاض ثقة المستهلك.

وهناك أيضا مخاوف من أن يدفع تفاقم الحرب الإسرائيلية وعدم اليقين الدول الناشئة لتشديد السياسة النقدية للحد من التضخم، وبالتالى ترتفع تكاليف الاقتراض السيادى، مما سيضيق نطاق الإنفاق الحكومى ويزيد من نقاط الضعف المتعلقة بالديون، بخاصة فى اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.

وقالت مديرة صندوق النقد الدولى «كريستالينا جورجيفا»، إن الصراع القائم بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية عزز الغموض الاقتصادى العالمى، إلى جانب الحرب الروسية الأوكرانية، والتباطؤ الاقتصادى العالمى، وأسعار الفائدة والتضخم المرتفعين.

واعتبرت جورجيفا أن الحديث عن أى أرقام أو إحصاءات لتبعات الصراع سواء على الاقتصاد الإسرائيلى أو اقتصاد الضفة الغربية وغزة، أو حتى الاقتصاد العالمى، لا يزال مبكرا.

وأضافت: «ما زال الصراع قائما، وكل يوم إضافى يحمل تأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمى. نراقب الوضع عن كثب .. لكن من المبكر تقديم أى إحصاءات عن تأثير الصراع على الأسواق العالمية».

أضف تعليق