عمليًا تحدث جميع الأمراض بسبب مكون وراثي وقد أخذت أمراض كثيرة مثل السرطان و الأمراض الوراثية والقلب والسكر، تكشف أسرارها من خلال الحمض النووي، وبعد أن كان هناك عدد كبير من المرضى يفقد الأمل في الحياة، تم اكتشاف عالم جديد من المعرفة والعلاج والوقاية.
«الطب الشخصي» هو طريق جديد لعلاج الكثير من الأمراض أهمها السرطان، فبدلاً من استخدام نفس العلاج لجميع المرضى، فإن الطب الشخصي لعلاج الأورام يشبه وجود خطة خاصة لكل مريض على حدة، يستخدم فيه الطبيب الخريطة الجينية للبشر، من خلال إجراء تحاليل جينية لكل مريض لوضع خطة علاجية تحقق أفضل النتائج، ويمكن للطب الشخصي أن يساعد الكثير من الناس على التمتع بحياة أفضل أثناء علاج السرطان وبعده.
رغم ارتفاع تكلفة الأدوية المخصصة للعلاج والتحاليل إلا أن المبادرات الرئاسية ساعدت على تطبيق الطب الشخصى داخل جميع مراكز الأورام فى مصر مما أدى لارتفاع نسب الشفاء من السرطان، نتعرف خلال السطور التالية على الطب الشخصى، وأهميته فى علاج الأورام، وتأثيره فى حياة مرضى السرطان.
ما هو الطب الشخصي؟
قال د. باسل رفقي، أستاذ مساعد جراحة الأورام بمركز الأورام جامعة المنصورة، إنه فى الغالب كان يستخدم الأطباء علاجات مماثلة للأشخاص الذين يعانون من نفس نوع السرطان، فكان يستجيب البعض للعلاج والبعض الآخر لا يستجيب، وبالتالى يوجد اختلافات بين البشر رغم الإصابة بنفس النوع من السرطان، حتى جاء الطب الشخصى ليحاول فهم هذه الاختلافات، عن طريق الخريطة الجينية للبشر لتحديد أفضل علاج لكل مريض.
وأضاف رفقي: فى البداية كان يستخدم العلاج الكيماوى لعلاج غالبية أنواع السرطان إلا أنه كان يعمل بقسوة على الجسم ويؤدى لآثار شديدة عليه مثل سقوط الشعر، لكن الآن يعتمد الطب الشخصى على معرفة الطبيب أسباب المرض بدقة، فالتشخيص المناسب يساعد الأطباء على علاج المريض بشكل دقيق، والتشخيص الخاطئ يؤدى إلى حدوث أخطاء فى عملية العلاج، مضيفا أنه فى هذا الإطار تم إيجاد طريقة تجنب المرضى تحمل آثار الأدوية الكيميائية أكثر مما يحتاجونه، إذ تم تطوير اختبار للمقاومة يمكن بواسطته معرفة أكثر الأدوية الكيميائية تأثيرا على جسد المريض، مما يساعد الأخير على تجنب الأدوية غير الفعالة، ويحاول الطب الشخصى تجنب ذلك من خلال استهداف الخلايا السرطانية فقط، وليس الخلايا السليمة، ونظرًا لأن العلاج مخصص لك، فهناك احتمال أكبر أن يشعر المريض بالتحسن وأن يتمتع بنوعية حياة جيدة أثناء العلاج وبعده.
أنواع الأورام التى يمكن للطب الشخصى علاجها
وأوضح رفقى أنه لكل نوع من الأورام سماته الخاصة، ويأمل الأطباء فى أن يسهم تطبيق أساليب طب الأورام الدقيق فى اكتشاف تلك السمات وتطوير أفضل الخطط العلاجية الممكنة بناء على تشخيص كل فرد، ويستخدم طب الأورام الدقيق حاليًا فى علاج عدد من السرطانات، ومنها: أورام الثدي، أورام القولون والمستقيم، أورام الجهاز الهضمي، أورام المبيض والرحم، أورام البروستاتا، وأورام الرئة.
تحاليل الجينات
وأشار رفقى إلى أن الأطباء ينظرون إلى جيناتك للمساعدة فى تحديد أفضل علاج، ويفعلون ذلك عن طريق اختبار جزء من الحمض النووى الخاص بك من خلال قراءتها، ويمكن للأطباء تعلم الكثير عن السرطان الخاص بك وهذا يساعدهم على اختيار العلاجات التى تناسبك بشكل أفضل، مؤكدا أن جزءا من التحاليل يتم داخل مصر ويتم إرسال جزء للتحليل خارج البلاد وبالتالى تكلفة هذه التحاليل مرتفعة جدا، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأدوية فكلها مستوردة، وعلى الرغم من ذلك ساعدت المبادرات الرئاسية فى تطبيق الطب الشخصى فى مصر ثم دخل العلاج على نفقة الدولة والتأمين الصحى.
وأكد رفقى أن كل مراكز الأورام فى مصر بدأت فى التوسع فى تطبيق الطب الشخصى الذى رفع نسب الشفاء من السرطان إلى أعلى مستوياتها، وأعطى الأمل لمرضى المراحل المتقدمة مثل المرحلة الثالثة والرابعة فى البقاء على قيد الحياة لسنوات طويلة بعد أن كانوا فاقدين الأمل فى الحياة.
اكتشاف السرطان مبكرًا
واستكمل أستاذ الأورام: يمكن أن يساعد الطب الشخصى أيضًا فى اكتشاف السرطان مبكرًا، من خلال النظر إلى جيناتك، فيمكن للأطباء معرفة ما إذا كان لديك فرصة أكبر للإصابة ببعض أنواع السرطان وبهذه الطريقة يمكنهم فحصك كثيرًا واكتشاف الإصابة ب السرطان مبكرًا فى حالة حدوثه.
السيطرة على الأمراض والوفيات
وقالت د. نجوى عبد المجيد أستاذ الوراثة البشرية بالمركز القومى للبحوث إن الطب الشخصى الدقيق هو ممارسة سيطرة موثوقة على معدلات الإصابة بالأمراض والوفيات والعجز وكذلك تحسين تكلفة وفاعلية العلاج بشكل كبير سواء للمرضى أو للأشخاص المعرضين للخطر، مضيفة أن هذه الاستراتيجية من شأنها أن تعطى فرصة حقيقية لتأمين التدابير الوقائية التى يمكن أن يكون لتخصيصها تأثير إيجابى كبير على التركيبة السكانية.
وأضافت عبد المجيد أنه لتنفيذ موارد الطب الشخصى الدقيق فى الممارسة السريرية هناك حاجة قوية إلى تطوير استراتيجى جديد يعتمد على المؤشرات الحيوية، موضحة أن هناك 4 أنواع من المؤشرات الحيوية المتعلقة بالطب الشخصى الدقيق وهي: التشخيص، التنبؤ، الإنذار، أثناء العلاج، مشيرة إلى أهمية تحسين دعم اتخاذ القرار السريرى مما يؤدى إلى تجنب العلاج غير الضروري.
وأشارت أستاذ الوراثة إلى أهمية الطب الشخصى فى علاج الأمراض الوراثية ودوره المهم لمرضى التوحد خاصة وبالتالى فهناك حاجة إلى الاهتمام الدقيق بتناول المغذيات الدقيقة فى مرضى التوحد مثل: فيتامين د، والكالسيوم، والبوتاسيوم وغيرها»، ولذلك تعد الأساليب الشخصية مثل الرعاية الغذائية الدقيقة أمرا بالغ الأهمية.