لتطبيق الطب الشخصي.. «الجينوم المرجعي » يرسم خريطة جينية للمصريين

لتطبيق الطب الشخصي.. «الجينوم المرجعي » يرسم خريطة جينية للمصريينصورة تعبيرية

حوارات وتحقيقات20-11-2023 | 11:12

للقدرة على تطبيق الطب الشخصي في مصر كان هناك خطوات سابقة، ففي مارس 2021 أعطى الرئيس عبد الفتاح السيسي إشارة البدء لتنفيذ مشروع الجينوم المرجعي للمصريين، والذي يهدف إلى إعداد خريطة للجينوم البشري المصري، وذلك لاكتشاف والوقوف بدقة على الخصائص الوراثية للأمراض المختلفة، ومن ثم دخول عصر الطب الشخصي والعلاج الجيني وأدوية المستقبل المتخصصة والمصممة بناءً على التركيبات الجينية، بالإضافة إلى القدرة على التنبؤ بالأمراض المستقبلية وطرق علاجها وتقليل نسب الأمراض الوراثية، وسيساهم بشكل فعال في تحديد سر وسبب الأمراض الشائعة عند المصريين.

وتتلخص أهداف برنامج الجينوم المصرى فى ثلاثة محاور رئيسية، الأول تحديد الجينوم المرجعى المصري، والثانى دراسة جينوم قدماء المصريين، والثالث دراسة الجينوم الوظيفى ،والذى يتناول ارتباط التغييرات الجينية بانتشار الأمراض بين أفراد الشعب المصري، ومن المتوقع دراسة جينوم 100 ألف مصرى فى هذا المشروع.

ما هو الجينوم البشري؟
هو كل الصفات الموجودة فى الإنسان ومحمولة على صورة شفرة “DNA” ولفترة طويلة كانت غير مكتشفة. وهنا بدأت المبادرة للعمل على المشروع بشكل رسمى فى عام 1990. وبالرغم من أنه كان مخططًا له أن يستغرق 15 عامًا، لكن التطورات التكنولوجية قد سرعت من العمل به، فأعلنت النتيجة النهائية للمشروع عام 2003، وبدأ العمل الرسمى على المشروع من خلال التعاون بين وزارة الطاقة الأمريكية والمعاهد الوطنية للصحة، والتى كانت تهدف فى البداية إلى التعرف على الجينات التى يحتوى عليها الـ “DNA” البشري.

وقد توصلت فى حينها إلى أن عددها (100.000) جين تقريبًا. ولكن مع التقدم العلمى فقد تم التوصل الآن إلى كونها (22.000) جين فقط، مع تحديد متوالية تتابعات القواعد الكيميائية التى تكون الـ “DNA” البشرى وعـددها 3.3 مليار زوج قاعدة وراثي، مع الاحتفاظ بهذه المعلومات على قواعد البيانات، وتطوير الأدوات اللازمة لتحليلها.

دراسة تحدد الجينات المميزة للمصريين
وقد نُشرت دراسة فى دورية “نيتشر كومينيكيشن” عن تحليل عينات من الحمض النووى لـ 110 مصريين بهدف تحديد الجينات المميزة للمصريين، وبفحص البيانات ومقارنتها بنظائرها الإفريقية والأوروبية، تمكن القائمون على هذه الدراسة من إثبات أن المصريين لديهم بعض الاختلافات فى القواعد الوراثية.

وتكون المشروع من مجموعتين بحثيتين، الأولى من خلال البروفيسور المصرى صالح إبراهيم من جامعة لوبيك بألمانيا، وكان الهدف دراسة بعض الجينات المصرية المسببة للأمراض الجلدية، والثانية محمد سلامة، مدير مركز البحوث الطبية التجريبية بجامعة المنصورة، وكان هدفها دراسة الجينات المسببة للأمراض العصبية. وتوصلت المجموعتان إلى أن بعض الجينات المسببة لبعض الأمراض فى مصر تختلف عن الجينات المتعارف عليها المسببة للأمراض ذاتها فى مناطق أخرى من العالم.

وتوصلت المجموعتان فى النهاية إلى إنشاء خريطة جينية للأصحاء فى مصر، لمعرفة الفروق التى تميزهم عن نظرائهم من المصابين بالأمراض الوراثية.
وللوصول إلى نتائج الدراسة، تم سحب عينات دم من 110 مصريين متطوعين أصحاء، من منطقة الدلتا والقاهرة والجزء الشمالى من صعيد مصر، وفصل منها الحمض النووى الريبوزى الذى يُعرف اختصارًا بالـ(DNA)، بمركز البحوث فى جامعة المنصورة، ثم تم إرسال تلك العينات إلى معمل خاص بجامعة لوبيك بألمانيا لتحليلها.

علاج الأمراض المستعصية
وصرح وزير التعليم العالى بأن برنامج الجينوم المصري، هو أكبر برنامج بحثى تتبناه الوزارة فى تاريخها ممثلة فى أكاديمية البحث العلمي، وتمت الموافقة على خطة البرنامج المطروحة من قبل الأكاديمية، وتوفير كل الدعم المادى والفنى اللازم للبدء فى التنفيذ فورا، وأن وضع خريطة جينية للأمراض فى مصر سيساهم فى وضع عادات غذائية وصحية للوقاية من الأمراض، وهو ما سوف ينعكس على تكلفة وجودة الرعاية الصحية، كما يفتح الباب إلى تطبيق العلاج الجينى فى الأمراض المستعصية داخل مصر.

وأشار د. ياسر رفعت، أستاذ الأورام بطب قصر العيني، على ارتباط برنامج الجينوم المصرى بخطة الدولة وأهميته فى الطب الشخصى والدقيق و العلاج الجينى والصيدلة الجينية، وأن خطة الوزارة لتوجيه برامج بناء القدرات المتوفرة بالإدارة المركزية للبعثات، لتلبية احتياجات برنامج الجينوم المصرى من التدريب المتخصص، فى أفضل المدارس العلمية فى الخارج والاطلاع على تجارب الدول المتقدمة فى هذا المجال.

وأكد أن المشروع يعد مبادرة وطنية متميزة، حيث سيساعد على التنبؤ بالأمراض الوبائية المستقبلية، وتحديد طرق مواجهتها، وسيساعد فى الاكتشاف المبكر للجينات المتعلقة بالأمراض الأكثر شيوعًا عند المصريين، وأفضل البروتوكولات العلاجية والوقائية لها، وستمكن نتائج المشروع منظومة الصحة المصرية من الاستفادة من التقدم الطبى فى مجال الطب الشخصى والدقيق، مشيرًا لأهمية العمل على توسيع قاعدة البيانات المتعلقة بهذا المشروع، وانعكاس ذلك على تحويل نموذج الرعاية الصحية من خلال توقع ومعالجة أفضل.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2