يأتى الاحتفال باليوم العالمي للطفل في العشرين من نوفمبر، ليذكرنا ب طفولة النجم الأسمر الراحل أحمد زكي، والذى وُلد قبل يومين فقط من هذا التاريخ، ورغم طفولته القاسية، إلا أنه استطاع أن يتغلب على كل الصعاب التى واجهته فى حياته، ليصنع من نفسه أسطورة فنية من الصعب تكرارها.
ذاق «أحمد زكى» مرارة اليتم، وتوفى والده قبل أن يتم عامه الأول، وبعد فترة قصيرة تركته والدته لكى تتزوج، وتولى جده رعايته وتربيته، وحصل على تعليم صناعى، حتى يعول نفسه سريعا، ولكن موهبته التمثيلية أجبرت المعهد العالى للفنون المسرحية على تغيير قواعد قبول الطلاب، وسمح له بالتقدم للاختبارات، والتى نجح فيها بجدارة، بعد تحقيقه المركز الأول على دفعته بالمعهد.
و«اليتم» والحياة القاسية التى عاشها بسببه، هى التى أكسبت النجم الراحل تلك القدرة اللانهائية على تحدى الإحباط والفشل، والتصميم على النجاح، وجعلته ينجح فى أن يحطم تقاليد السينما المصرية العتيقة، ويصر على أن يقدم البطولات المتتالية بالبشرة السمراء والشعر الأشعث، وينتصر فى أول مقارنة مع النجم الكبير محمود ياسين، ويتفوق عليه بشدة فى أداء شخصية طه حسين، كما تفوق على الجميع فى الشخصيات الواقعية التى أداها بعبقرية لم يستطع أن يباريه فيها أحد، وأهمها شخصيتا الزعيمين الراحلين جمال عبدالناصر وأنور السادات.
ويروى أحمد زكى عن طفولته فى مقال له بمجلة "الكواكب" عام 1990 قائلا: "حياتى ميلودراما كأنها من أفلام حسن الإمام. والدى توفى وأنا فى السنة الأولى. أتى بى ولم يكن فى الدنيا سوى هو وأنا، وها هو يتركنى ويموت. أمى كانت فلاحة صبية، لا يجوز أن تظل عزباء، فزوجوها وعاشت مع زوجها، وكبرت أنا فى بيت العائلة بلا أخوة. ورأيت أمى للمرة الأولى وأنا فى السابعة.. ذات يوم جاءت إلى البيت امرأة حزينة جداً، ورأيتها تنظر إلى بعينين حزينتين ثم قبلتنى من دون أن تتكلم ورحلت. شعرت باحتواء غريب، هذه النظرة تصحبنى إلى الآن. فى السابعة من عمرى أدركت أننى لا أعرف كلمة "أب وأم" وإلى اليوم عندما تمر فى حوار مسلسل أو فيلم كلمة بابا أو ماما أشعر بحرج ويستعصى على نطق الكلمة".
وتابع:"جئت إلى القاهرة وأنا في العشرين: المعهد، الطموح والمعاناة والوسط الفنى وصعوبة التجانس معه، عندما تكون قد قضيت حياتك فى الزقازيق مع أناس بسطاء بلا عقد عظمة ولا هستيريا شهرة. ثم ال أفلام والوعود والآلام والأحلام …. وفجأة، يوم عيد ميلادى الثلاثين ، نظرت الى السنين التى مرت وقلت: أنا سرقت.. نشلوا منى عشر سنين . عندما يكبر الواحد يتيماً تختلط الأشياء فى نفسه.. الابتسامة بالحزن والحزن بالضحك والضحك بالدموع!