هل يتحول "طفل غزة " الي قنبلة موقوته؟.. متخصصون يجيبون

هل يتحول "طفل غزة " الي قنبلة موقوته؟.. متخصصون يجيبوناطفال غزة

حوارات وتحقيقات25-11-2023 | 03:16

فى ظل المجازر والاعتداءات الغاشمة من الاحتلال السرائيلى على غزة ، واستهداف الأطفال وقتل ذويهم أمام أعينهم ، كيف سيصبح الناجون من بين أطفال غزة، في المستقبل؟ ومن يمكنه أن يحكم على تصرفاتهم؟
مما لاشك فيه أن المضاعفات بعيدة الأمد لهذا الإرهاب البشع والتضحية الصادمة بالأطفال في غزة، ستدفع الناجين من بينهم للإحساس بالغضب والخوف مستقبلاً، والسعي للانتقام....
عن مستقبل الأطفال الناجين فى غزة ورؤيتهم للأحداث ، وخلق جيل جديد صامد وأكثر شراسة فى وجه الاحتلال، سألنا الخبراء فى مجالات مختلفة ...

يقول دكتور وليد عتلم، الكاتب والباحث المتخصص فى الشؤون السياسية،
فى البداية ، ظاهرة أطفال المقاومة تعكس الخلط الشديد خاصة على مستوى الغرب ما بين مفهوم الكفاح المشروع للدول والشعوب، وبين مفهوم الإرهاب، في ازدواجية واضحة للمعايير؛ بينما يدين الغرب بشكل كامل الحق الفلسطيني في النضال والكفاح الوطني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وممارساته العنصرية، والتي تندرج تحت بند "إرهاب الدولة"، والغريب أن العالم الغربي هو أول من يدفع ثمن هذا الانحياز الأعمى لإسرائيل، والتاريخ أيضاً خير دليل على أن هذا الانحياز يرتد على العالم الغربي ويكوى بناره في شكل هجمات إرهابية، يستغل المتطرفون هذا الانحياز السافر ضد القضية الفلسطينية، فتنطلق الجماعات وقطعان الذئاب المنفردة في هجمات وضربات انتقامية ضد العالم الغربي، وهو ما تعترف به مراكز الأبحاث الغربية نفسها، ثم يعودون ليصمونا نحن بتصدير الإرهاب.
وأضاف عتلم، والسؤال الآن للعالم الغربي المتحيز، المتكتل خلف الدولة العبرية؛ هل يجوز أخلاقياً استخدام وسائل غير عادلة إذا كانت ضرورية حقاً للوصول إلى غاية عادلة أو تحقيق قضية عادلة؟ فإذا ما اعتبرنا أن دفاع الفلسطينيين عن قضيتهم العادلة إرهاب، فإن الإرهاب الإسرائيلي هو أيضاً أسوأ من الإرهاب الفلسطيني المزعوم لأنه دائما وأبداً ما يهاجم ويقتل الأبرياء في حرب غير متكافئة وصراع غير عادل على الإطلاق، لذلك وجب التفريق بين الممارسات الإرهابية التي تقوم بها إسرائيل وغيرها من الدول، وأعمال المقاومة المشروعة التي تقوم بها حركات التحرير الوطنية لتحقيق أهدافها في تقرير المصير والاستقلال، حتى لا تختلط المفاهيم كما هو الحال في غزة الآن.


وأشار إلى أنه على مستوى أطفال غزة؛ كيف لمن تفتح وعيه على مشاهد أشلاء أمه وأبيه، وأخته وأخيه، أن لا يتعصب ضد الكيان المحتل وضد الغرب المتحيز، كيف لمن يقضي غالبية يومه نهاره وليله تحت هدير الطائرات الحربية والقاذفات والقنابل أن يحيا حياة طبيعية بنفسية غير معبأة بكل مفردات ومعاني الثأر من هذا الاحتلال المعتدي.
ويتابع دكتور وليد ، إسرائيل قامت بنحو 14 ألف غارة جوية منذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر الماضي، وهو رقم ضخم لم يشهده العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وغارات التحالف على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في الموصل بالعراق، ما يوضح حجم العدوان وآثاره النفسية والصحية والتدميرية على البنية التحتية في قطاع غزة.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية، إسرائيل تصنع الإرهاب سواء بالممارسات الوحشية الفعلية، أو من خلال ما تتركه في نفوس وإدراك كل طفل فلسطيني وعربي شب وعيه ونشأ على تلك المشاهد المروعة التي نشاهدها على مدار الساعة، لهذا السبب لا تفلح إسرائيل في القضاء على حركات المقاومة منذ نكبة 1948، فالتاريخ الدموي للدولة العبرية ينتقل ويورث من جيل إلى جيل.
ولننظر إلى رمز المقاومة النسائية الفلسطينية والعربية عهد التميمي التي حولها الاحتلال من طفلة "خجولة" كانت تحلم بأن تصبح لاعبة كرة قدم، إلى رمز للمقاومة والنضال بعد أن اعتقلها الاحتلال الإسرائيلي في سن الحادية عشر.
عهد شأنها شأن كل أطفال فلسطين؛ نشأت وشبت كما يقول والدها على وهي تستمع إلى قصص عن الاعتقالات والاقتحامات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي"، وأن في عائلتها شأن كل العائلات والأسر الفلسطينية "شهداء بينهم خالها وعمتها". هنا "ثقافة المقاومة شكّلت وعي عهد وإيمانها" بقضيتها.
الآن العدوان الغاشم على غزة؛ يعيد تشكيل جيل جديد من أطفال المقاومة، وكذلك يعيد تشكيل وعي الأطفال في العالم وفي المنطقة العربية حول القضية الفلسطينية، وصمود المقاومة.
هذا الجيل من أطفال غزة هم وقود الصمود والمقاومة للسنوات القادمة وحتى الوصول لحل عادل للقضية الفلسطينية.
ومن جانبها تقول دكتورة حنان أبو سكين أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية،
موضوع أطفال غزة من الموضوعات الشائكة للغاية؛ ف المجازر التى ترتكبها إسرائيل فى حق الفلسطينيين المدنيين تؤثر فى العالم العربى كله ، والدليل على ذلك أنه فى ظل موجة الاعتداءات الغاشمة على أطفال فلسطين، فكل أطفال الوطن العربى الآن أبدوا تعاطفا شديدا معهم ومع المقاومة الفلسطينية..


وأشارت أبو سكين إلى أن تلك المجازر والاعتداءات لن تؤثر فقط على أطفال فلسطين، بخروج جيل جديد من المقاومة الفلسطينية ولكن جيل جديد من أطفال العرب أجمع، وأوضحت " أبو سكين" أنه لو استطاعت إسرائيل أن تبيد أطفال غزة ، فلن تقوى على أبادة أطفال الوطن العربى والعالم الإسلامي كله..
وتتابع، أطفالنا أصبحوا يدعون إلى المقاطعة، يرفضوا شراء المنتجات المحببة إليهم؛ لأنها تدعم الاحتلال، يرسمون علم فلسطين فى مدارسهم، وأشارت أستاذ العلوم السياسية إلى أن أطفال الوطن العربي أصحاب وعى شديد بالقضية الفلسطينية ومتعاطفين معها ومؤيدين لها، وتلك هى المفاجأة الكاشفة فى هذه الظروف ..
وأضافت أن المجازر الإسرائيلية لن تقضى على المقاومة بقتل الأطفال، بل على العكس فهى تخلق مقاومة أكبر ضدها سواء من أطفال غزة أو أطفال العالم العربى ككل.
وتتابع دكتورة حنان ، المقاومة لن تموت؛ ليس لأسباب عاطفية فقط ولكن لأسباب عقلانية، فالقضية الفلسطينية عمرها ٧٥ عام ، ولم ولن تموت ولا يمكن اختزال القضية الفلسطينية كلها فى الحرب على غزة ، الحرب على غزة فصل من فصول مجازر الاحتلال الإسرائيلي، فهى ليست المرة الأولى، لقد سبق وتعرضوا لمجازر وتهجير واعتداءات على المدنيين من عام ١٩٤٨، فتلك هى الحرب الخامسة على غزة..
والقضية أكبر من حرب واحدة ، ولكن هناك تكثيف إعلامي فى الآونة الأخيرة، كما أن هناك فجاجة فى التعامل هذه المرة ، ولكن الفلسطينيين دوما يتعرضون للمجازر الإسرائيلية، ولو كان هناك احتمال لموت المقاومة فكان أولى أن تموت من عام ١٩٤٨، فالمقاومة مستمرة حتى إيجاد حل عادل للقضية، حل يرضى الفلسطينيين، ويحقق السلام والاستقرار فى المنطقة..
ويقول إبراهيم عبد الحليم الحضرى باحث علم الاجتماع المساعد بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، انه منذ اندلاع حرب السابع من أكتوبر عام 2023 بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيونى شهدت الأراضى الفلسطينية إبادة جماعية لشعبها بسبب الغارات و المجازر التى يشنها الاحتلال وقتل الكثير من الأطفال والنساء الأبرياء بحجة الدفاع عن النفس بمساعدة الدول الأوروبية التى تمدها بالأسلحة ، وعلى الجانب الآخر لم تستطع الدول الأخرى من مد القطاع بالمساعدات الإنسانية أو حتى قرار بوقف إطلاق النار ، حيث رأينا الأيام الأخيرة استهداف المستشفيات التى تأوى الجرحى ، هل هذا يسمى دفاعاً عن النفس ؟ حيث شهدت هذه المجزرة اللإنسانية أكثر من ٨٠٠٠ شهيد من الأطفال الأبرياء ظننا منهم أنهم يشكلون الخطر الحقيقي لهم فى المستقبل، هل أصبح ضرب البنية التحتية والمستشفيات والمساجد وسيارات الإسعاف التى تنقل الجرحى والمدراس التى تأوى النازحين يسمى دفاعاً عن النفس ؟ أم هى حجة الاحتلال الصهيوني لقتل الأطفال والنساء.


ويُشير الحضرى أن قطاع غزة من بين أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، حيث يعيش فيه حوالي 2.3 مليون فلسطيني في منطقة طولها 41 كيلومترا (25 ميلا) وعرضها 10 كيلومترات. ويعتمد نحو 80 في المئة من سكان غزة على المساعدات الدولية، بحسب الأمم المتحدة، كما يعتمد نحو مليون إنسان على المساعدات الغذائية اليومية .
ويقول الحضرى أن منظمة "أنقذوا الأطفال" نشرت تقريراً العام الماضي، تعرض فيه مقارنة بين الحالة النفسية للأطفال في قطاع غزة في السنوات الأخيرة، وأظهرت أن حوالي 88% من الأطفال يعانون من اضطرابات عاطفية عام 2022 مقارنة بما نسبته 55 % في الأعوام السابقة، إلى جانب عدد آخر من الاضطرابات النفسية التي يعاني منها الأطفال وآخذه نسبتها بالازدياد كالخوف والقلق والحزن الشديد، بحسب التقرير.
ويذكر الحضرى أن إسرائيل تتعمد قتل مزيد من الأطفال لأنهم يزعمون أنهم الخطر الحقيقى لهم مستقبلاً ، أين حقوق الإنسان من تلك المجزرة الواضحة ؟ أين المنظمات المهتمة بالطفولة ؟
ويقول الحضرى إلى متى يظل المجتمع الدولى صامت دون أى قرار أو رد فعل لهذه الإبادة الجماعية التي يشهدها قطاع غزة ، حيث يرى العالم كل دقيقة المجازر فى حق الأطفال والمدنيين ب غزة دون أى قرار ، وشدد الحضرى على أن هدف الاحتلال الصهيوني واضح أمام العالم كله و هو تهجير الشعب الفلسطينى من أرضه وهذا لن يحدث بصمود أبناءه وعدم تركهم لوطنهم ..
وتقول سارة ممدوح، مدرب تنمية بشرية، ومتخصص إدارة ضغوط وأزمات، لا شك أن الصدمات النفسية التى يتعرض لها أطفال غزة الآن تؤثر بشكل كبير فى تكوين شخصياتهم وفي تعاملهم ونظرتهم للمجتمع ولشكل حياتهم عموماً فماذا ننتظر من جيل يعيش على صوت الصواريخ والمدافع والقنابل التى تطلق عليهم من وقت لآخر أجواء يسودها رائحة الموت والدم، الحياة متعتها فى الأمان والاستقلال والهدوء فهى أقوى حافز لنشئ جيل سوى نفسياً، ولكن الحياة المليئة بالحروب والدمار والقتل الوحشى وانتظار الموت بين لحظة وأخرى والتخريب والدمار الذى يحدث لن نجنى منه إلا تخريب ودمار نفسية الأطفال اللذين بالطبع داخلهم كتلة من الانتقام لذويهم .


فماذا ننتظر من جيل نشأ فقد أسرته بالكامل ومنهم من وجد أهله أشلاء يلملمها ومنهم من وجد أهله فى كفن واحد ومقابر جماعية ، وأوضحت "ممدوح" إن الإرهاب الذى يمارس على أهل غزة فاق كل الحدود الإنسانية واختراق لكل القوانين الدولية
وتتابع، الأطفال اللذين عاشوا بمثل هذه الأوضاع الكارثية يعانون من الأعراض النفسية الشديدة مثل الخوف والعصبية والتشنجات بالإضافة إلى السلوك العدوانى والتبول اللاارادى واضطرابات النوم وصعوبة التركيز ، إن أطفال غزة لم يكن فى يوم من الأيام آمنين مطمئنين فهم لهم طبيعة خاصة ووعى خاص ولكن ما يحدث الآن جريمة بحق شعب غزة ، وأضافت سارة ، إن الأطفال اليوم هم جيل المستقبل غداً
وكل هذه المشاهد تمثل تحديا كبيرا للأطفال فى المستقبل بين النزاع النفسى فى أخذ حق أسرته التى قتلت غدر وبين حقه فى أن يعيش حياة سليمة آمنه ولم يحالفه الحظ وبين أنه سيظل يدافع عن هذه الأرض حتى يستشهد ، هل نحن نتخيل كل هذه الضغوط التى يمر بها ويعيش فى صراعها مع نفسه ؛لذا لابد من توفير العلاج النفسى لكل أهل غزة ليس الأطفال فقط بل جميعهم ، فالحرب لا تنتهى فقط عند وقف إطلاق النار بل تمتد إلي الأذى النفسى نتيجة الإصابة الجسدية التى تترك أثرها مدى الحياة، فكل هؤلاء الأطفال اللذين يروا كل هذا العدوان ، وفقدوا العزيز والغالي لديهم ، هم الآن مفعول بهم ولكن غداً هم فاعلون .

وتقول أسماء محمد نبيل أستاذ مساعد علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس، لقد فُرضت هذه الحرب العدوانية الظالمة على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة تحت مرأى ومسمع العالم، وبدأها الاحتلال الصهيوني واستخدم فيها القنابل والأسلحة المحرّمة دولياً واستهدف خلالها المنازل والمدارس والمساجد والمستشفيات والأراضي الزراعية والأبراج السكنية، وارتكب المجازر المروّعة ضد المدنيين العزّل، وأباد عائلات بأكملها، وبالتأكيد أن فعل المقاومة الفلسطينية يسعى من أجل التمرد والصمود في وجه الاحتلال والوصول إلى تعزيز مصيره.
وفى خضم هذا العدوان الغاشم انتصرت المقاومة الفلسطينية واستطاعت بفضل الله وببسالة رجالها ونسائها وأطفالها أن تدافع عن هذا الشعب فصنعت المقاومة ملاحم الصمود والبطولة والتضحية .
صمدت المقاومة سياسياً وهى تدافع عن مبادئها وتحمى ثوابت شعبها وتفوقت إعلامياً وهى تفضح جرائم العدو وتنقل بالصوت والصورة إنجازات الرجال والأطفال والنساء المقاومين .
كما انتصرت أخلاقيا لأنها ركزت على جنود الاحتلال وضباط جيشه لا كما فعل جيش الاحتلال الجبان باستهداف الأبرياء.المقاومة وقفت سياسياً في وجه المحتل وكما أن المحتل لم يتوقف فالمقاومة الفلسطينية لم تتوقف للدفاع عن القدس وأهلها وسيبقى السجال والاحتدام حتى ينتصر أصحاب الأرض ، فالأطفال الفلسطينيون يكبرون وهم يشعرون أن قدرهم هو الدخول في صراع مع جيرانهم، بالتأكيد أن هناك الآلآف من الأطفال ماتوا دون أن تراهم الكاميرا أو تتداول صورهم وسائل الإعلام لأن أطفال فلسطين أسود دوماً لن ينسوا ولن يتهاونوا في الدفاع عن أرضهم.
وتتابع ، لقد تعرض أطفال غزة لمجازر وشاهدوا أمام أعينهم انتهاكات لأبسط حقوقهم فى الحياه، لقد تعمد الاحتلال الإسرائيلي استهداف وقتل عدد كبير من الأطفال، وبالتالى لكل فعل رد فعل، لقد أثرت تلك الحرب على الأطفال وعلى ورود أفعالهم ، تركت آثار مدمرة على قلوبهم وأذهانهم؛ لقد شاهدوا ذويهم موتى لذا سيولد لديهم فكرة الثأر، فالطفل الفلسطينى طفل صامد ، وكبر قبل الآوان...
وبالطبع سيصبح الطفل الفلسطينى قنبلة موقوتة ستنفجر فى وجه المحتل من الآن وغدا من جراء ما شاهده، وسيكولوجيا واجتماعيا سيتأثر هؤلاء الأطفال ليصبحوا السلاح الحقيقى فى وجه العدو.

أضف تعليق