إنّ الغسل من الجنابة واجبٌ بإجماع العلماء، وله صفتان: الأولى الصفة الكاملة، والثّانية صفة الأجزاء، وفيما يأتي بيانٌ للصفتيّن:
صفة مُجزئة: ويُشترط فيها أمران، الأول هو النية: فيجب على المحدث أن ينوي بالغسل الطهارة من الجنابة، والثاني هو تعميم الجسد بالماء: فكي يكون الغُسل صحيحاً لا بد من إيصال الماء إلى جميع أعضاء البدن، وتدليكه بالماء مرة واحدة.
صفة كاملة: وتبدأ بالنية فينوي المحدث الغسل للتطهر من الجنابة، ثم يغسل محل النجاسة، أي يغسل فرجه بالماء، ثم يتوضأ فيغسل يديه بالماء ثم يتمضمض ويستنشق، ويغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويؤخر غسل قدميه لآخر الغسل، ثم يغسل رأسه وجميع بدنه بالماء، ثم يخلل شعر رأسه بيديه ثلاثاً، ويصب الماء على كامل بدنه ويدلكه، ولا بد من إيصال الماء لجميع أعضائه، والسُّنة غسل الجزء الأيمن من بدنه أولاً ثم الأيسر، ثم يغسل قدماه آخر الغُسل.
فقد ورد عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيهِ، وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اغتَسَلَ، ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدِهِ شَعرَهُ حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّه قَد أَروَى بَشرَتَهُ، أَفَاضَ عَلَيهِ المَاءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ) رواه البخاري ومسلم
وعنها رضي الله عنها قالت: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ دَعَا بِشَيْءٍ نَحوَ الحِلَابِ، فَأَخَذَ بِكَفّهِ، بَدَأَ بِشقِّ رَأسِهِ الأَيمَنِ، ثُمَّ الأَيسَرِ، ثُمَّ أَخَذَ بِكَفَّيهِ، فَقَالَ بِهِمَا عَلَى رَأسِهِ) الحلاب: الإناء الذي يُحلب فيه. أخرجه البخاري ومسلم.
وفى هذا الصدد قالت دار الإفتاء إنه لا يصح شرعًا شيءٌ مما انتشر بين العوام من أن الملائكة تلعن الجنب في كلِّ خطوةٍ، أو أنها تلعنه حتى يغتسل، أو أن كل شعرة فيه تحتها شيطان، ولا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومع ذلك ينبغي المسارعة إلى الطهارة من الجنابة ما استطاع المسلم إلى ذلك سبيلًا، وإلا فيستحب له أن يتوضأ إذا أراد معاودة الجماع أو الطعام أو النوم أو الخروج لقضاء حوائجه والتصرف في بعض شئونه، ولا يكون الجنب آثمًا بتأخيره غسلَ الجنابة ما لم يؤدِّ ذلك إلى تأخير الصلاة عن وقتها، فيأثم لتأخيره الصلاة عن وقتها.