فشلت فى غزة .. رعب فى إسرائيل من فاتورة العدوان

فشلت فى غزة .. رعب فى إسرائيل من فاتورة العدواننتنياهو

عرب وعالم27-11-2023 | 10:40

ما زال العدوان الإسرائيلى على غزة يحمل فى طياته خطرا كبيرا على دولة الاحتلال ويثير مخاوف الكثيرين داخل الحكومة الإسرائيلية من الوقوع فى براثن المحكمة الجنائية الدولية، بالإضافة إلى تكبد تل أبيب خسائر اقتصادية كبيرة جراء هذا العدوان الغاشم، ويتوقع أن تعود حكومة نتنياهو مجددا لمواجهة الاحتجاجات ضد التعديلات القضائية التى أجراها الائتلاف الحكومى المتطرف، تلك الاحتجاجات التى انضم إليها الآن الآلاف من عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس، مطالبين بوقف الحرب واسترجاع أبنائهم على الفور وإقالة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذى يرى محللون سياسيون فى إسرائيل أنه يتجه إلى توسيع الحرب لخدمة مصالحه الشخصية غير مبالٍ بالعواقب الوخيمة على إسرائيل اقتصاديا وعسكريا.

وجهت 3 منظمات فلسطينية غير حكومية ومعها 5 دول أخرى، هى جنوب إفريقيا، وبنجلاديش، وبوليفيا، وجزر القمر وجيبوتى، رسالة تنديد للمحكمة الجنائية الدولية بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التى يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة، مطالبين المحكمة بإصدار مذكرات توقيف بحق المسئولين عن تلك الجرائم، وعلى رأسهم نتنياهو والرئيس الإسرائيلى إسحاق هرتسوج.
وتم الإعلان عن تجهيز أكثر من 300 محام من جنسيات مختلفة، بقيادة محامى فرنسى يدعى «جيلدبج»، ملفا لمقاضاة إسرائيل، وأعلنت منظمة العفو الدولية أنها رصدت أدلة جديدة على ارتكاب إسرائيل جرائم حرب فى غزة، حيث تم قصف مدنيين فى مدارس ومستشفيات بشكل مباشر دون سابق إنذار، وهو ما يدحض رواية جيش الاحتلال بأنه يخوض حربا، بل الواقع أنه يرتكب عمليات إبادة منظمة.
فى الوقت نفسه، أعلنت منظمة العفو الدولية، أن مقاضاة إسرائيل أمام المحاكم الدولية مسألة صعبة نظرا لمساندة الدول العظمى لها، وحثت المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية على اتخاذ إجراءات ملموسة فورية لتسريع التحقيق فى جرائم الحرب وغيرها من الجرائم بموجب القانون الدولى، وهو التحقيق الذى فُتح فى عام 2021 إلا أن إسرائيل تمكنت من غلقه كالعادة.
يأتى هذا بالتزامن مع اعتراف قادة إسرائيليين بالفشل أمام حركة حماس، بالرغم من إنكار نتنياهو ذلك وإصراره على استمرار الحرب إلى حين القضاء تماما على حركة المقاومة الفلسطينية، فرئيس هيئة الأركان بجيش الاحتلال الإسرائيلى هرتسى هليفى، أقر بالفشل فى أول مؤتمر صحفى بعد اندلاع الحرب، وكذلك رئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، الذى بعث برسالة إلى عناصر الجهاز يتحمل فيها المسئولية عن الفشل أمام حماس، وانضم إليهما كل من رئيس شعبة الاستخبارات أهارون ماليفا، ورئيس الأركان هرت هاليفين، وقائد القوات الجوية تومر بار، ورئيس هيئة الأمن القومى تساحى هنغبى.
ويرى محللون إسرائيليون - حسب صحيفة «معاريف» - أن الفشل فى غزة يمكن أن يهدد العلاقات مع أمريكا مجددا، فى الوقت الذى تواجه فيه إسرائيل بسبب جرائمها فى غزة موقفا دوليا معقدا من الشرق إلى الغرب بعد سحب عدد من الدول لسفرائها فى تل أبيب وتغير مواقف الدعم، فى ظل استشهاد أكثر من 14 ألف فلسطينى منذ بدء العدوان فى
7 أكتوبر الماضى.
وذكرت صحيفة «الجارديان» البريطانية، إن نتنياهو بات يشكل عبئا على بايدن، وهو ما يضر بفرص إعادة انتخاب الرئيس الأمريكى، حيث إنه يواجه ضغطا جماهيريا كبيرا بسبب دعمه لجرائم إسرائيل فى غزة، وهو ما أشارت إليه أيضا صحيفة «معاريف»، التى أوضحت أنه مع استمرار ارتفاع عدد الضحايا المدنيين فى غزة وزيادة موجة العنف من قبل المستوطنين فى الأراضى الفلسطينية المحتلة يتم اختبار حدود الصبر فى واشنطن تجاه إسرائيل.
أزمة أخرى تواجهها إسرائيل الآن بسبب حربها فى غزة، وهى هجرة الإٍسرائيليين إلى الخارج، ففى الوقت الذى شهدت فيه دولة الاحتلال فى الأيام العشرة الأخيرة عودة مئات الآلاف من الإسرائيليين بالخارج- الغالبية العظمى منهم للتجنيد بالجيش تحت «القيادة 8»، وبعضهم للتطوع- لكن فى الوقت نفسه شق عدد ليس بقليل من الإسرائيليين طريقهم فى الاتجاه المعاكس.
وذكرت صحيفة «هآرتس» أن هناك حوالى نصف مليون مواطن إسرائيلى غادروا البلاد فى أكتوبر الماضى، وهناك من مدد إقامته بالخارج، إلى جانب آلاف العمال المهاجرين.
كما أصبح مواطنو إسرائيل يفضلون الذهاب فى رحلات سياحية إلى بلاد بعينها، على رأسها اليونان وقبرص، وقرروا المكوث هناك إلى حين انتهاء الحرب، حسب ما ذكرته رويترز بالعبرى، فهناك إحصائيات رسمية ب إسرائيل تؤكد وجود إقبال كبير على النزوح من إسرائيل لقبرص خلال الفترة الماضية، ويوجد اليوم أكثر من 3 آلاف عائلة إسرائيلية فى قبرص، حيث شهدت السنوات الخمس الماضية نزوح حوالى 400- 500 عائلة إسرائيلية لقبرص سنويا، هربا من الأسعار المرتفعة والتعديلات القضائية التى أدت لتدهور الأوضاع فى إسرائيل.
على الصعيد الاقتصادى، ذكر يونى بينينج، كبير المحللين الاستراتيجيين ب إسرائيل فى غرفة المعاملات، أنه لا تزال آثار الحرب تتضح على الاقتصاد المحلى، مع ارتفاع العجز الحكومى بشكل كبير فى أكتوبر، من 1.5 إلى 2.6% من الناتج المحلى الإجمالى.
وتبدو الفجوة بين جانبى الإيرادات والإنفاق- التى ساهمت فى ارتفاع العجز- متوازنة نسبيا فى هذه المرحلة، إلا أنه من المتوقع اتساعها إلى مستوى يتعدى ما كانت عليه فى الأشهر السابقة.
وكان للعدوان الإسرائيلى على غزة عواقب مباشرة على سوق العقارات الإسرائيلية، وذكرت صحيفة «هآرتس»، أن من أبرز هذه العواقب انخفاض الطلب على الشقق، خاصة من قبل المستثمرين الأجانب الذين اتجهوا- بسبب الخوف وعدم اليقين من مستقبل إسرائيل الاقتصادى- إلى الاستثمار فى أصول بدول أخرى.
وبحسب مؤشر أسعار المستهلك الصادر عن مكتب الإحصاء المركزى، فإن إيجارات المستأجرين الذين بدأوا عقود إيجار جديدة مع بداية أكتوبر ارتفعت بنحو 8%، وبالنسبة لأولئك الذين جددوا العقود ارتفعت بنسبة 3.6%، ولكن منذ 8 أكتوبر بدأ إفراغ العديد من الشقق المستأجرة.
وذكر موقع «جلوباس» الإسرائيلى، أن التأثير السلبى على الاقتصاد الإسرائيلى سيظهر أكثر بعد انتهاء الحرب، فعندما قدرت وزارة الخزانة مؤخرا تكلفة الحرب على خزائن الدولة ب إسرائيل رأت أنها ستصل إلى 200 مليار شيكل، بجانب الركود الذى من المحتمل أن يسجله الاقتصاد فى الربع الرابع من العام الحالى، وجزء كبير من الـ 200 مليار شيكل سيذهب للقطاع الخاص، لدفع تعويضات للشركات وجنود الاحتياط ولإعادة إعمار المنطقة المحيطة، وما شابه ذلك.
ويقدر أليكس زيبزينسكى، كبير الاقتصاديين بإسرائيل، أنه إذا اتسع نطاق الحرب، فسيضعف الشيكل وسيتراجع أداء الأسواق المالية فى إسرائيل مرة أخرى، ومع ذلك، من الصعب جدا تقدير إلى أى مدى يمكن أن تعانى إسرائيل من ضعف العملة وتراجع أسواقها.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2