هنا فى المزدلفة لاشىء يستقبلك بترحاب سوى تراب أرض المزدلفة.. تترنح فوقه لتسقط على الأرض من تعبك وأنت عائد من عرفات وقلبك ملهوف بقبول دعاء التوبة الذى أفنيت نهارك تتوسل فيه إلى الله أن يغفر لك ذنبوك. وإلى متى سوف تبقى المزدلفة هكذا بطيئة فى تطوير مرافقها، فبالكاد جهزت حماماتها، ويقول أولى الأمر هنا بالمملكة إن المزدلفة ساكنة بلا حراك طوال العام ولاتستخدم إلا لقضاء ساعات الليل المعدودة عقب وقفة عرفات لتعود إلى سكونها مرة أخرى .. فما الذى يدعو لتطويرها؟!
هنا لن تجد كرسيك الجلدى الفخمً الوثير أو سريرك المزخرف بمراتبه القطنية استيراد الخارج، أو وسادتك الطبية غالية الثمن. هنا ستبحث عن قطعة من (الكرتون) لتنام فوقها لتعزلك عن حرارة وقسوة أسفلت وتراب الأرض.. هنا فى المزدلفة سيقلق نومك حبات الحصى الذى افترش فوقه جسدك المعروق.. لاتشم هنا سوى رائحةً واحدة، رائحة غالية الثمن كلفتك ربما آلاف الجنيهات اسمها رائحة (الرجاء) فى مغفرة الله.
هنا فى المزدلفة مهما كان مقامك فى الدنيا ستمد يدك لتأخذ نفحات أهل الخير من عصائر وألبان وفطائر وفواكه ستتسابق مع العوام وتزاحمهم لتأخذ ما يجود به أهل الخير فالنقود التى فىً جيبك ليس لها فى المزدلفة قيمة، فلا بيع ولا شراء إلا لوزام النوم فوق التراب
لا تنزعج قد تغفو فى سبات عميق من تعب النهار لتصحو من نومك فجراً فتجد نفسك فى وسط كومة من مخلفات قمامة تجمع زجاجات مياه وعصائر فارغهً إلى بقايا طعام من كافة الأشكال والألوان.
تستيقظ لتجمع الحصى لترجم به فى هذه اللحظة الشيطان الذى بداخلك الذى أوعز اليك الغرور بالمنصب وفتنة الأموال، والأولاد وتعاليت بها على من حولك ومنهم من استبق الباب لينظف لك حمامك قبل دخوله.
ولن يحدث هذا إلا إذا كنت قد استوعبت درس ليلة المزدلفة
.. وعيد مبارك عليكم من الجمرات.