كتب: عاطف عبد الغنى
.. من القاهرة عاصمة مصر، ومن مصر درة القارة الأفريقية، انطلقت طائرة الرئاسة مساء الخميس الماضى ٣٠ / ٨ / ٢٠١٨ تحمل على متنها الرئيس عبد الفتاح السيسى متجهة شرقاً، إلى مملكة البحرين الشقيقة، وفى مساء اليوم التالى (الجمعة) عادت الطائرة للإقلاع لتقطع مسافة أكبر إلى أحد أطراف الشرق الأقصى وقارة آسيا، حيث العاصمة الصينية بكين ليتسع فارق التوقيت إلى ٦ ساعات، مابين نقطة الارتكاز والإنطلاق العاصمة المصرية، ونقطة الوصول العاصمة الصينية، وهذا بالنسبة للزمن أما بالنسبة للمسافة مابين العاصمتين ( القاهرة وبكين ) فقد استطاع الرئيس عبد الفتاح السيسى، أن يقربها كثيرا عما كانت عليه قبل عام ٢٠١٤ ، والأرض هى الأرض، لم تقترب أطرافها، ولكن اقتربت العقول وتآلفت أفئدة القادة والمسئولين فى البلدين، واجتمعت على السعى إلى المصلحة المشتركة للشعبين، والتطلع إلى مستقبل أفضل من الماضى والحاضر.
القاهرة وبكين
.. وفى هذا المستقبل تؤمن بكين أن الاقتصاد هو القاطرة التى تشد البلاد وتدخل بها إلى مصاف القوى القطبية، وتؤمن القاهرة بأنها تستحق أكثر بكثير من الحاصل على مستوى الدور والمكانة فى القارة التى تسكنها، والإقليم، والعالم.
بكين لديها مشروع وحلم عنوانه مبادرة الحزام والطريق (طريق الحرير) الذى يربط الشرق بالغرب والعكس.
والقاهرة تعمل بقوة على استعادة مكانتها كركيزة للقارة الأفريقية التى يتصارع على خطفها الطامحين، والطامعين، فى خيراتها من الغزاة القدامى والجدد، أصحاب المشاريع الإمبراطورية من الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وإسرائيل، إلى إيران وتركيا وحتى قطر.
بكين تصارع لأجل أن تجد مكانها فى القارة السمراء، وهى تفعل ذلك عن طريق مد جسور العون والمساعدة، والصداقة، والسعى إلى خلق مصالح مشتركة مع دول القارة وعلى رأسها مصر.
والقاهرة عادت لتلعب دورا محوريا فى أفريقيا، وتؤسس لاستراتيجية جديدة تشبه إلى حد كبير الاستراتيجية الصينية حيث المصالح المشتركة بين الدول والشعوب، هى التى تصنع التقارب وترسخ السعى إلى التعاون والمساندة فى عالم يموج بالصراعات ،ويسعى فيه الكبير من الدول إلى ابتلاع الصغير منها.
مصر والصين
ومن هنا كان على مصر أن تعود إلى أحياء سياسة التكتلات، والأحلاف، وتنفتح على العالم كله لأجل خلق مصالح مشتركة مع الحلفاء فى كل الدوائر إنطلاقا من الدائرة العربية والقارية إلى دائرة العالم الواسعة.
الصين تستضيف قمة ومنتدى أفريقيا والصين، التى انطلقت لأول مرة عام 2000، ومصر عادت إلى مكانها، ومكانتها فى الاتحاد الأفريقى، وترأس الدورة القادمة ٢٠١٩، والصين كما أسلفنا - تقدم للعالم مشروعها الكبير طريق الحرير، ومصر تقدم مشروعها الحلم محور قناة السويس، مركزا لوجستيا عالميا يسهم فى تطوير حركة الملاحة العالمية، ويفتح آفاقاً استثمارية رحبة فى مجالات النقل، والطاقة، والبنية التحتية، والخدمات التجارية.
وفى زيارته التى استمرت ٤ أيام للعملاق الأسيوى، التنين الصينى، شارك الرئيس فى قمة منتدى التعاون الصينى الأفريقى ومنتدى الأعمال بحضور ممثلو ٣٠ دولة، وهيئة عالمية، وشارك فيها ٢٠ رئيسا.
اتفاقات
وخلال فعاليات الحدث، ألتقى الرئيس السيسى نظيره الصينى شى جين سينج فى أكثر من مناسبة وجلسة، وشهدت المباحثات توقيع ٥ اتفاقات مهمة تعزز من حجم التعاون الاقتصادى، والتبادل التجارى، الذى ينطلق بقوة إلى آفاق أرحب ويتسع فى طفرات منذ عام ٢٠١٤، وقد تعزز خلال السنوات الأربع التى مضت ليبلغ فى أحدث إحصائية 11 مليار دولار، وذلك عن العام الماضى ٢٠١٧، وقد صارت مصر الشريك الاقتصادى الأول للصين فى قارة أفريقيا، فى حين بلغ حجم الاتفاقات الخمسة التى وقعتها مصر مع الجانب الصينى خلال المنتدى الأخير ما يقرب من ٢٠ مليار دولار.
وتشير الأرقام الصادرة عن قمة ومنتدى هذا العام، 2018 ، إلى أن حجم التبادل التجارى بين الصين والقارة الأفريقية بلغ فى أحدث إحصائياته ١٧٠ مليار دولار، حيث تعمل ٢٥٠٠ شركة صينية فى القارة السمراء.
وأعلن الرئيس الصينى فى افتتاح القمة الأخيرة أن بلاده سوف تمنح أفريقيا ٦٠ مليار دولار على سبيل المساعات والاستثمار والتمويل لمشروعات التنمية، وفي ذلك دلالات على أن قطار التعاون الصينى الأفريقى غادر محطته وقطع مسافة كبيرة فى الطريق إلى تحقيق الأمانى.
الأفارقة فى الصين
وما كان الرئيس السيسى أن يترك فرصة وجود عدد كبير من زعماء ورؤساء القارة الأفريقية دون أن يلتقى عدد منهم، ويجتمع بهم، وبالفعل انعقدت ٣ قمم أفريقية مع رئيس الوزراء الأثيوبى آبى أحمد، والرئيس السودانى، عمر البشير، والرئيس الصومالى محمد عبدالله وهناك قضايا هامة وخطيرة عاجلة ولبست آجلة، تجمع مصر والدول الثلاثة ( أثيوبيا والسودان والصومال )، تدرج هذه القضايا فى ملف الأمن القومى سواء ما يتعلق منها بمياه نهر النيل أو تأمين باب المندب وحركة مرور السفن فى البحر الأحمر وصولاً إلى قناة السويس..
الاتفاقات، ومد جسور التعاون مع الصين، وأفريقيا، وتقديم مشروع المنطقة الصناعية، ومحور قناة السويس للعالم.
ما سبق أهم الأهداف التى حققتها زيارة الرئيس فى الجزء الذى انجز منها بمغادرة الرئيس مساء أمس الثلاثاء بكين، أو الجزء المتبقى، والمتمثل فى زيارة جمهورية أوزباكستان التى بدأت اليوم الأربعاء.