عاطف عبد الغنى يكتب: آخرة الجرى وراء الشائعات؟!

عاطف عبد الغنى يكتب: آخرة الجرى وراء الشائعات؟!عاطف عبد الغنى يكتب: آخرة الجرى وراء الشائعات؟!

*سلايد رئيسى7-9-2018 | 14:49

كان التاكسى يمر أمام جامعة القاهرة حين قطع السائق حديثه عن الأسعار والغلاء وألقى علىّ قنبلته، ليس فى فى شكل جملة استفهامية ولكن فى جملة خبرية شبه مؤكدة، ومفادها أنهم (من هم ليس مهمًا) سوف يقسمّون أيام الدراسة فى الجامعة 3 أيام للأولاد الذكور، و 3 للبنات الإناث، ولم أتمالك نفسى فضحكت كمن سمع «نكتة»، لكن السائق لم يضحك لأنه لم يكن مازحًا حين ألقى علىَّ الشائعة التى لم يراها هو شائعة تتسم بالسذاجة المفرطة، ولم أندهش بسبب أنه تعامل معها بجدية وتقريبًا صدقها.. لماذا؟! باختصار لأن ذهنه مهيأ أن يصدق، وهذا أمر خطير لا نعالجه نحن فى إعلامنا بالأسلوب العلمى المناسب، نحن فقط نكتفى بملاحقة الشائعات التى تصدر الآن بمعدلات غير مسبوقة على مدار الساعة وليس اليوم، ونهرول خلفها لنكذّبها، ونكتفى – غالبًا – بذلك دون أن نرد برسائل مهندسة علميا تتعامل سيكولوجيًا مع الجماهير العريضة التى تتعرض لحظيا لسيول الإعلام المضلل، وخاصة من وسائل الإعلام الرقمى «الإنترنت» حيث يستقى أغلب هذا الجمهور معلوماته الآن.

(1)

لك أن – تتخيل – شخصًا يعمل سائق تاكسى، متى وأين وكم من الوقت سوف تتيحه له طبيعة عمله ليجلس أمام شاشة التليفزيون، أو يقرأ صحيفة ورقية ؟! غالبا عندما ينتهى عمله، ويصل آخر اليوم مرهقا ومتعبا إلى بيته، فيتناول طعامه ويتواصل مع أسرته ثم يخلد إلى النوم ليستعد بدنيا ليوم العمل التالى، وفى كل الأحوال لن يركز كثيرا مع التليفزيون، والأحرى أنه لن يقرأ جريدة، حتى ولو كان يفعل ذلك فى الماضى.

وإذا كررنا نفس السؤال عن الإعلام الرقمى (التليفون المحمول ومشتقاته) فالإجابة أن نفس السائق الذى يعمل فى الشارع من 5 إلى 10 ساعات يوميًا فى المتوسط، يتخللها نسبة من الوقت ينصرف فيها اهتمامه عن قيادة سيارته، للراحة أو فى الإشارات، وفى هذا الوقت لن يجد ما يشغل اهتمامه إلا «المحمول»، وفى ثوان سوف يسحبه من جواره ويفتحه على صفحته بموقع التواصل «الفيسبوك» المفضل للفئة الثقافية التى ينتمى إليها، ويأتى بعده «اليوتيوب»، ومن الموقعين سوف يتلقى بنسبة تزيد على 90% كل أخباره، ويتشارك مع أصدقائه المعلومات، ومن أخبار العالم والكون التى يتيحها الإنترنت لن يتوقف إلا عند أخبار عالمه هو، واهتماماته، وشئونه، وشجونه هو، وتلك الأخبار التى تلبى حاجة نفسية بداخله من الإثارة إلى أحوال المعيشة والهوايات، ومن كليب الراقصة فلانة إلى مواقع تربية الحمام والكلاب وكمال الأجسام والكرة، إلى الشائعات (يتعامل معها على أنها أخبار) من وصول شحنات البيض والأرز البلاستيك من الصين، أو حكايات الفتن الإخوانية، مثل التشكيك فى نتائج تحقيقات النيابة مع قاتل طفليه فى ميت سلسيل.

(2)

وفى القضية الأخيرة وعلى الرغم من كل الأدلة والإثباتات، من اعترافات القاتل، وشهادة الشهود، والمكالمات التليفونية التى صدرت عن تليفونه، وتفريغ كاميرا «البنزينة» القريبة من مسرح الجريمة والتى زارها القاتل وزود سيارته منها بالوقود قبل دقائق قليلة من ارتكابه لجريمته البشعة، وعلى الرغم من كل ما سبق، تم التشكيك فى نتائج التحقيق!

هل بسبب شذوذ الجريمة أو عدم معقوليتها؟! لا أعتقد فقد باتت مثل هذه الجرائم التى تتعارض مع الطبيعة البشرية أمرًا لا يدعو كثيرًا للدهشة فى ظل انتشار المخدرات التخليقية مثل «الأستروكس والترامادول والفودو» التى تجاوزت كل ما عرفناه من قبل عما يذهب العقل ويلغى المشاعر، ويدمر الوجدان.

ونضيف أن زيادة النشاط الإعلامى المعادى للسلطة الحاكمة، والدولة المصرية.. وعدم الرد عليه بالكيفية وحجم التدفق المطلوبين يحدث بعض التأثير.

(3)

إنهم يحاربون الوطن، والدولة، بما تشمله من أرض وشعب وسلطة، بأكثر ما يحاربون شخص الرئيس السيسى، ودعونا ننتظر كيف استقبل الإخوان خبر وفاة عضو مجلس الشيوخ الأمريكى الجمهورى، السيناتور جون ماكين فهذا المثل كاشف وفاضح.

الإخوان ترحموا وكادوا يقيمون مأتمًا ونصب بعضهم سرادقات على موقع التدوين تلقوا فيها العزاء عن صديقهم الراحل، ولما لا وقد تواصلوا معه قبل يناير 2011 وربطتهم به صلات وساندهم فى أروقة الحُكم الرسمية المصرية قبل هذا التاريخ، وبعد ثورة 30 يونيو 2013 جاء لأجلهم إلى القاهرة على رأس وفد يضم صنوه ليندساى جراهام أحد أكثر الكارهين لمصر، وآخرين وتعاملوا مع السلطة القائمة فى ذلك التاريخ بعنجهية وغرور وألقوا عليهم إملاءات، وغالبًا فاجأهم رد الفعل العنيف الذى لم يكن يتوقعونه، فى هذا الوقت، ورفضت مصر تهديداتهم حال عدم الاستجابة لمطالبهم، ومطالب الإدارة الأمريكية بشأن الإخوان.

ومن قبل ثورة يناير وبعدها وإلى اليوم لم يصدر عن الإخوان الإرهابية – إلا كذبا – ما يدل على تقديمهم لمصلحة الدولة العليا - وحفظ أمنها وسلامتها - على مصلحتهم فى الوصول إلى السلطة.

والإخوان قبل غيرهم يعرفون سيرة جون ماكين أحد أقطاب حركة المحافظين الجدد فى الغرب، والصقر الجمهورى وعرّاب الثورات الملونة ورئيس المعهد الجمهورى الذى موّل ودرّب ما أسموهم نشطاء الديمقراطية وأنفق وآخرون عليهم بسخاء ليحركوا الجماهير ويدفعوها للشوارع والميادين ليس فى مصر فقط ولكن فى عدد من الدول العربية، وهو أحد أهم أنصار التدخل العسكرى فى ليبيا.

وعندما تحركت السلطات فى مصر وهاجمت مقر المعهد الجمهورى، حيث يعمل دون إذن أو ترخيص على الأرض المصرية، وقبضت على بعض النشطاء الذين يحملون الجنسية الأمريكية أو الجنسية المزدوجة لتحقق معهم على تهم مخالفة القوانين الإدارية، ناهيك عن تهم التجسس، وتهديد أمن البلاد، وجرائم أخرى ارتكبوها، ما زاد هذا ماكين ومن معه إلا مزيدًا من الغضب والكراهية ضد مصر.

(4)

يقينا لا يحب ماكين الإخوان ولا يرغب فى دمقرطة الدول والشعوب العربية أو مصر، لكنه بالتأكيد يحب ما عاش واقتات عليه فى حياته، من قيم صهيونية تصب فى مصلحة كل ما يعلى من شأن إسرائيل ويقيد لها السيادة على العرب أعدائها، لكن الإخوان – للأسف – يؤمنون ويعملون بنظرية (عدو  عدوى صديقى)، وماكين لم يكن عدوًا لشخص ولكن عدوًا لمصر والشعب المصرى بكل أطيافه بمن فيهم الإخوان الأغبياء.. فهل هى السياسة يا عزيزى؟!.. لا إنها الكراهية التى تعمى عن رؤية الحقيقة حتى ولو كانت فى سطوع الشمس.

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2