أين ذهبت أموال الحكام العرب الذين أطاحت بهم ثورات الربيع؟! الإجابة: تونس

أين ذهبت أموال الحكام العرب الذين أطاحت بهم ثورات الربيع؟! الإجابة: تونسأين ذهبت أموال الحكام العرب الذين أطاحت بهم ثورات الربيع؟! الإجابة: تونس

* عاجل10-9-2018 | 22:24

دار المعارف – مصادر عربية

حسب تصريحات لرئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج لوكالة "سبوتنيك" الروسية وصل حجم الأموال الليبية المجمّدة في الخارج إلى ما يُقارب 67 مليار دولار.

وحسب تقرير لمنظمة الشفافية الدولية أن قيمة الأموال المهرّبة من تونس ومصر وليبيا واليمن تُقدّر بـ152 مليار دولار تم استرجاع ملياري دولار فقط منها، ويشير التقرير الأخير إلى أن أسباب بطء استرجاع الأموال يعود إلى غياب التعاون بين الجهات القضائية الدولية، وفى ذات الوقت تسعى الدول التي توجد فى بنوكها الأموال المجمَّدة إلى تأخير إرجاع الأموال لأكثر من 10 سنوات قبل أن تُعيدها بشكلٍ رسمي.

والأمر الأغرب فى هذه القضية التى حيرت المسئولين قبل الشعوب فى الدول التى هبت عليها رياح ما يسمى بـ "الربيع العربى" ما أعلنته قناة "لا ليبر بلجيكا" أن هناك أكثر من 10 مليارات يورو من أصول الليبيين المجمَّدة قد اختفت وهي عملية يلفّها الكثير من الغموض بالنظر  إلى طبيعة الحسابات التي اختفت منها الأموال وهي حسابات مُجمَّدة، وهو ما يطرح تساؤلاً حول جدّية البنوك الأوروبية في تجميد الأموال وإعادتها إلى الدول المعنية. كما أن عملية استرجاع الأموال من البنوك الأوروبية تبقى مسألة مُعقَّدة جداً ومُتشعّبة مثلما وصفها المنسّق المقيم للأمم المتحدة في تونس وهو يؤكّد التساؤلات المطروحة حول مدى تعاون الجهات الأجنبية في مسألة إعادة الأموال.

والسؤال الذى يفرض نفسه هو: هل هناك تعاون من الجهات الأجنبية لإعادة الأموال؟

والإجابة تتلخص فى أن الحسابات البنكيّة الثقيلة تخضع إلى ترتيبات مُعقّدة في الدول الأوروبية ما يعني أن تجميدها أيضاً يخضع لتراتيب مُعقّدة وأهمّها مدى القوّة القانونية للملف المقدَّم من الدولة الضحية لإثبات أن هذه الأموال فاسدة. لكن التجميد هو مرحلة أولى من مراحل أخرى، يليها الاسترجاع وهو مسلسل طويل يفرض على الدول التي تتبع أموالها.

البداية الحقيقية فى هذا الملف كان يجب أن تبدأ من تونس، حيث بذلت الدولة العربية الشقيقة جهودا كبيرة فى هذا الملف وفى هذا السؤال: ما الذي حدث لثروة بن علي وعائلته؟

يشتكى التونسيون من أن الحكومات المتعاقبة على بلادهم منذ ثورة "الياسمين" التى انطلقت فى الشهر الأول من العام 2011 وحتى الآن، لم تتمكن هذه الحكومات - على اختلاف هوياتها السياسية - من إنهاء ملف الأملاك المصادرة لعائلة الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي.

الأملاك المصادرة شىء مذهل حبث تقدر بمليارات الدولارات وتتنوع بين عقارات ومحافظ مالية وسيارات وشركات ومنقولات وغيرها.

وشكلت الدولة التونسية بعد ثورة 14 يناير ثلاث لجان للتصرف في هذه الأملاك وهي: "لجنة المصادرة" و"لجنة استرجاع الأموال الموجودة بالخارج والمكتسبة بصفة غير شرعية" وتتولى اللجنتان إحالة تلك الأملاك إلى لجنة ثالثة مختصة في التصرف فيها.

أملاك ضخمة

جمدت الدولة التونسية منذ مراحل مبكرة عقب ثورة 14 يناير 2011، معظم الأملاك التي تحوم حولها شبهات فساد وتلاعب مالي.

وأصدر في الغرض مرسوم ينص على ضرورة إنشاء لجان تتولى عملية مصادرة تلك الأملاك والتصرف فيها.

وبحسب تقرير أصدرته لجنة التصرف في الأملاك، فقد صادرت الدولة التونسية إلى موفى العام 2015 نحو 545 شركة.

وذكر البنك المركزي التونسي أن قيمة الاموال التي عثر عليها بقصر للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي تجاوزت 41 مليون دينار (36 مليون دولار أمريكي).

ويبلغ رأس مال الشركات المصادرة إلى حدود العام 2014 كما يوضح موقع لجنة المصادرة نحو 696 مليون دينار من جملة 1862 مليون دينار (القيمة الإجمالية لرأس مال تلك الشركات).

وتنشط معظم الشركات المصادرة في مجال التجارة (152 شركة) والخدمات (92 شركة) والصناعة (80 شركة) والقطاع العقاري (58شركة) والسياحة والترفيه (40 شركة) علاوة على شركات أخرى في مجال النقل والمال والاتصالات والسياحة والصحة والتعليم.

وإلى جانب الشركات، صادرت الدولة التونسية عددا من العقارات التي تعود ملكيتها لأفراد عائلة بن علي وبلغ عدد قرارات المصادرة 539 قرارا إلى حدود العام 2015.

وتركت الدولة في نحو 19 عقارا بالبيع بقيمة 117.5 مليون دينار إلى حدود العام 2015.

وتمت مصادرة نحو 158 عقارا في العام 2011 و 126 في 2012 و234 في العام 2013، والبقية في الأعوام 2014 و2015 ويتركز جزء من هذه العقارات بالمناطق والأحياء الراقية بالعاصمة تونس كمنطقة قمرت والمنازه.

وحرصت العائلة الحاكمة السابقة في تونس على الاستثمار في القطاع المالي، إذ اشترى أعضاء فيها حصصا في شركات مالية وأسهما في بنوك وغيرها من المؤسسات المالية وأصدرت اللجنة 212 قرارا بالمصادرة حتى موفى العام 2013، وبلغت مداخيل الدولة من خلال تلك العمليات نحو 978 مليون دينار.

أملاك خارج تونس

تقدر ثروة بن علي وأسرته بين 5 و10 مليار دولار. وفي عام 2014، ذكرت منظمة "الشفافية العالمية" غير الحكومية أن هذه الثروة تقدر بـ13 مليار دولار منها 5 مليارات للرئيس التونسي المخلوع.

وخلال العامين الماضيين رشحت معلومات جديدة عن الأموال التي أودعتها أسرة بن علي في مصارف خارج تونس منها 52 مليون يورو في سويسرا و30 مليون يورو في بلجيكا و12 مليون في 10 ملايين في كندا.

ولا تزال أجهزة الدولة التونسية المختصة تواجه مصاعب كثيرة لمحاولة استرداد أموال أسرة بن علي الموجودة في الخارج منها تلك التي تتعلق بإشكالية التعرف بدقة إلى الأملاك العقارية التي يشتبه بتسجيلها في إطار شركات وهمية.

ويوجد الجزء الهام من هذه الأملاك في القارة الأوروبية حسب عدد من المنظمات الأهلية التونسية التي تتابع هذا الملف، علما أن دول الاتحاد الأوروبي كانت قد اتخذت منذ 15 يناير عام 2011 قرارا بتجميد أموال مودعة لديها تملكها 48 شخصية تونسية بينها أفراد أسرة بن علي والمقربين منها. وظلت تمدد بانتظام هذه الإجراء. وهو ما فعلته مثلا في 28 يناير –كانون الثاني الماضي من خلال قرار يمدد للإجراء حتى نهاية عام 2017.

الأموال المهرَّبة إلى الخارج

لا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة للأموال المهرَّبة، في هذا أيضاً لم تتمكّن الدولة التونسية على مدى 7 سنوات من حصر الأموال المهرَّبة إلى الخارج التي يمتلكها الرئيس الأسبق وعائلته، لكنّ تقريراً لمنظمة النزاهة المالية العالمية Global Financial Integrity صدر في ديسمبر 2015  أكّد أن قيمة الأموال المهرَّبة من تونس بين سنتني 1987 و2011 تقدَّر بـ33.9 مليار دولار وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف الميزانية التونسية.

ويشير التقرير إلى أن تونس تحتل المرتبة 57 عالمياً في قيمة الأموال المهرّبة، حيث يتم تهريب 1600 مليون دولار سنوياً. وقد تقدّمت تونس بشكايات إلى عدّة دول لتجميد هذه الأموال، وقد تمت إعادة التجميد أكثر من ثلاث مرات إلا أن تونس لم تحرز تقدّماً في استرجاع هذه الأموال، ويقول عضو منظمة أنا يقظ يوسف بن بلقاسم "لا يوجد حصر للأموال الموجودة في الخارج والتي تعود للدولة التونسية، سينتهي التجميد في جانفي 2019 وإذا لم تتحرّك الدولة لإعادة التجميد ستعود هذه الأموال إلى بن علي وعائلته".

خلال هذا البحث ورغم كميّة التقارير التي تمّ إصدارها في هذا الغرض إلا أنه لا توجد وثيقة رسمية تحتوي على تقييم شامل لجميع ممتلكات بن علي وعائلته داخل تونس، إلا أن منظمة الشفافية الدولية قدَّرت في سنة 2014 ثروات أسرة بن علي خارج تونس بـ13 مليار دولار يمتلك الرئيس  الأسبق وحده خمسة مليارات دولار منها إلا أن تونس لم تستردّ حتى اليوم شيئاً منها.

قرار المصادرة والمرسوم عدد 13

بعد شهرين من هروب الرئيس الأسبق أصدرت الحكومة التونسية مرسوماً يقضي بمُصادرة أملاك كل مَن ذُكِر إسمه في المرسوم، شمل المرسوم أكثر من 114 شخصاً وهم عائلة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي وبعض من رجال الأعمال الذين لهم علاقة وثيقة بالعائلة الحاكِمة وقتها. تكوّنت لجنة سُمّيت في ذلك الوقت باللجنة الوطنية لتقصّي الحقائق حول الرشوة و الفساد، وذلك للبحث في مدى عُمق الفساد الذي نَخَر الدولة التونسية على مدى 23 سنة.

في شهر مارس 2011 فوجيء التونسيون بمشاهد من داخل قصر الإقامة في سيدي ظريف لأموالٍ وكمياتٍ كبيرةٍ من الذهب والمعادن النفيسة، اكتشفتها الهيئة قُدِّرت بـ171 مليون دولار، لكن المحامي عماد الطرابلسي صهر الرئيس الأسبق أنيس بوغطاس أكّد لرصيف 22 أن ما تمّ تصويره هو بمثابة مسرحية سيِّئة الإخراج وذلك لإثبات أن الهيئة تقوم بعملها على أكمل وجه "هذه مسرحية.. لا يمكن للرئيس السابق أن يضع ثروة بذلك الحجم داخل قصره، فيما سيحتاجها؟ فيما سيحتاج سيولة بذلك الحجم؟"، لكن أحد أعضاء اللجنة المحامي عماد بالخامسة يردّ على هذا الاتّهام، بالخامسة الذي رفض الظهور في وسائل الإعلام منذ 2011 تمكّننا بعد جهد كبير من إقناعه بالحديث لرصيف 22 يعتقد أن مَن يتّهم اللجنة بصناعة الأحداث لا يعي تماماً الظرف الذي كانت تعيشه تونس في ذلك الوقت "لقد كان كل شي تحت الراقابة في ذلك الوقت، البنك المركزي تحرسه تشكيلات أمنية من كل الاختصاصات، فكيف يمكن الدخول إلى البنك المركزي وحمل أموال من هناك إلى قصر الرئاسة من أجل أن تأتي اللجنة وتكتشفها، لقد تطلَّب الأمر 4 ساعات فقط لفتح خزنة الأموال لأننا لم نكن نمتلك الرقم السرّي".

تأسّست اللجنة بموجب مرسوم مؤرَّخ في 18 فبراير وهي معنية بالتقصّي في عمليات الفساد والرشوة طيلة عهد بن علي، وقد تمكّنت من العثور على رقم حساب مُشفَّر في لبنان تمتلكه زوجة الرئيس السابق ليلى الطرابلسي يحتوي على أكثر من 8 ملايين دولار، و قد تمكّنت تونس من استرجاع المبلغ في سنة 2013.

أضف تعليق

إعلان آراك 2