كتب: عمرو حسين
كشفت وزارة قطاع الأعمال العام، اليوم الاثنين، عن استراتيجيتها لتطوير شركات الحكومة بعد ثلاثة أشهر من دراسة مشكلات شركات القطاع وتحليل المتغيرات التى أثرت على أداء القطاعات الاقتصادية لتلك الشركات، بدءً بفرز وتصنيف تلك الشركات إلى ثلاث مجموعات رئيسية، وتحليل أوضاعها الحالية تمهيداً لصياغة خطة تطويرها.
وتضم المجموعة الأولى الشركات التى طالما عانت من الخسائر المتزايدة والتردى فى الإنتاجية بسبب تقادم الآلات وسوء الإدارة وعدم اعتبار العوامل الاقتصادية فى التسعير والإنتاج والبيع، ما ترتب عليه تراجع الإنتاجية والربحية وتراكم المديونيات فى كثير من الشركات. وقد تحدد آخر نوفمبر للبدء فى بحث مشكلات المجموعة الثانية من الشركات.
وأوضح هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، أن محفظة الشركات التابعة للوزارة البالغ عددها 121 شركة، بعدد عاملين يبلغ 214 ألف عامل، منها 73 شركة تحقق أرباح تبلغ 14.8 مليار جنيه، و48 شركة تحقق خسائر تبلغ 7.4 مليار جنيه. ومن بين الشركات الخاسرة 26 شركة فقط تتسبب فى 90% من إجمالى خسائر القطاع، وتتركز فى أربعة قطاعات صناعية هى الغزل والنسيج، والصناعات المعدنية، والصناعات الكيماوية، والأدوية.
وأكد توفيق أن الوزارة قررت التركيز خلال الشهور القادمة على تلك الشركات (التى بلغت خسائرها في يونيو 2017 نحو 6.7 مليار جنيه) ، وتكثيف الجهود لتنفيذ خطط الإصلاح التى من شأنها تحويل تلك الشركات إلى الربحية. وذلك من خلال أحد الخيارات الخمس التى حددتها الوزارة للتعامل معها وهى: تحديث كامل للمصانع، أو تحديث كامل بدخول شريك فنى، أو عمرات جسيمة للشركات التى تثبت الدراسات الجدوى الاقتصادية للاستثمار فيها، أو الإغلاق الجزئى أو الكامل بالنسبة للشركات التى تثبت الدراسات عدم الجدوى الاقتصادية لضخ المزيد من الاستثمارات فيها.
وحيث إن معظم هذه الشركات تعمل فى مجالات صناعية، فقد شدد الوزير على أن الاختيار من بين خيارات الإصلاح سالفة الذكر، سوف يبنى على تقييم فنى Technical Audit بواسطة دراسات شاملة لتقييم الحالة الفنية الحالية للمصانع، ونوع الإصلاحات المطلوبة لرفع كفاءتها، للتأكد من عمل التحديث بصورة سليمة وكاملة تؤدي لتعظيم العائد على الإستثمارات التى سوف يتم ضخها.
ومن أهم ملامح خطة التطوير، الإصلاح الشامل الذى يحظى به قطاع الغزل والنسيج. ويشمل ذلك ذلك إعادة توزيع المصانع للتأكيد على مبدأ التخصص وما يترتب عليه من وفورات، وإحلال الآلات التى يعود عمرها إلى عام 1882، بأخرى تواكب متطلبات التصنيع الحديث. هذا بالاضافة الى التعاون مع وزارة الزراعة للتغلب على التحديات التى تواجه الصناعة بداية من توفير المادة الخام محلياً بزراعة القطن قصير التيلة ليفى باحتياجات المصانع والسوق المحلى، بدلاً من الاعتماد على الاستيراد.
ومن القطاعات التى تشهد تعاون كبير مع الوزارات الأخرى الصناعات الدوائية، حيث صرح وزير قطاع الأعمال العام عن التعاون الكبير مع وزارة الصحة فى سبيل إصلاح منظومة توفير الدواء فى مصر ليفى باحتياجات المواطن المصرى دون الاخلال بربحية الشركات المنتجة له أو تهديد قدرتها على الاستمرار فى القيام بدورها بصورة اقتصادية سليمة. ومن أهم نواحى هذا التعاون، بحث سبل تسهيل تسجيل مستحضرات جديدة واعادة تسعير الأدوية التي تقل أسعارها عن تكلفة إنتاجها، بالإضافة إلى دعم توجه شركات قطاع الأعمال العام للتصدير عن طريق تذليل العقبات المتعلقة بمتطلبات الأسواق الخارجية بخصوص الالتزام بسعر المنتج فى بلد المنشأ. ومن جهة أخرى صرح الوزير أنه قد تم تكليف الشركة القابضة بتحديد مشروعات الصيانة والتأهيل المطلوبة لمصانع الأدوية (التى تقدر التكلفة الاستثمارية لها بـ 750 مليون جنيه)، بهدف توفيق أوضاع 17 خط إنتاج مع المتطلبات الفنية لإنتاج الدواء عالمياً (GMP). كما تضمنت المبادرات المشتركة بين الوزارتين، بحث سبل زيادة دور الشركة المصرية لتجارة الأدوية فى توفير وتوزيع الدواء.
وتحظى الصناعات المعدنية والكيماوية بنصيب كبير من خطة التطوير، نظراً لما عانته شركاتها من إهمال فى الصيانة على مدار السنوات الماضية، ترتب عليه تردى حالة الآلات وعدم توافقها مع متطلبات الإنتاج الحديث والاعتبارات البيئية والاستخدام الرشيد للطاقة. وتأتى على رأس تلك الصناعات: الأسمدة والصلب والسيارات وإطارات الجرارات الزراعية والفلنكات لخدمة مشروعات تطوير السكك الحديدية والمترو.
أما بالنسبة للمجموعة الثانية من الشركات فهى تتمثل فى الشركات التى تحقق أرباح، وتنقسم بدورها إلى قسمين، الأول يضم الشركات التى تتميز بربحيتها المعقولة وجاهزيتها للطرح بالبورصة بهدف تنشيط سوق الأوراق المالية من جهة، وتوفير السيولة اللازمة لتمويل التطوير من جهة أخرى، وزيادة مشاركة القطاع الخاص فى الملكية ومجالس الإدارات، وبالتالى الاستفادة بخبراته فى تطوير تلك الشركات من جهة ثالثة.
أما القسم الثانى من الشركات الرابحة، فيضم الشركات التى تحقق أرباحاً أقل من إمكانياتها، وتتركز فى ثلاث قطاعات رئيسية هى: (1) التأمين الذى أعدت له الوازرة خطة كاملة لإعادة الهيكلة لأنشطة الشركات التابعة تنقسم إلى تأمين وإدارة استثمارات وإدارة الأصول العقارية. (2) السياحة والفنادق حيث يمتلك القطاع عدد كبير من الفنادق والأصول السياحية التى يمكن استغلالها بصورة أفضل لتحقيق المزيد من الأرباح. وقد تضمنت خطة التطوير التعاون مع كبرى شركات إدارة الفنادق العالمية، بالإضافة إلى تطبيق نظام للسياحة الإلكترونية يواكب الاتجاهات العالمية فى هذا المجال. (3) أما بالنسبة لقطاع التشييد والبناء، فقد شملت خطة الإصلاح دراسة دمج بعض شركات المقاولات التي تحقق فائدة بالتكامل في أنشطتها، بالإضافة إلى وضع استراتيجية للتأكد من وجود خطط تطوير واضحة لأكثر من 50% من محفظة الأراضي بشركات الإسكان، والبدء في تنفيذها وفقاً لجدول زمنى.
والجدير بالذكر أن خطة الإصلاح المالى للشركات ارتكزت على سداد المديونيات اعتمادا على الأصول غير المستغلة التى تم حصرها، وتحديد ما يمكن استخدامه منها لتسوية مديونية الشركات تجاه الجهات الحكومية وما يمكن تخصيصه لتمويل التطوير المطلوب فى الشركات. حيث تم الاتفاق مع وزارتى البترول والكهرباء على تسوية مديونية تقدر قيمتها بحوالى 15 مليار جنيه. إلى جانب اتفاقية التسوية التى تم توقيعها بين الشركة القابضة للغزل وبنك الاستثمار القومى بقيمة 8.5 مليار جنيه. هذا بالإضافة إلى العمل على تسوية مستحقات الشركة المصرية لتجارة الأدوية طرف وزارة الصحة، حتى تتمكن الشركة من القيام بدورها فى توفير الدواء للمستهلك المصرى.