إن من أهم الأولويات فى المرحلة الحالية هى دعم بناء وتطوير الإنسان ، حيث إن المقصود ببناء الإنسان هو تربيته وإعداده ليكون سوياً عابداً لله بإرادة حرة واعتقاد لا يلين مقراً بما عليه من واجبات تجاه وطنه و أسرته ومجتمعه وعمله،متمكناً من القيام بهذه الواجبات بمحبة وإتقان، معتبراً أن ذلك من مقومات بناء ذاته ، حيث إن بناء الإنسان يُعد من أهم مقومات وعوامل نهضة وبناء وقوة الأوطان .
وأن استخدام عبارة بناء الإنسان بدلاً من عبارة تربية الإنسان ، فيه دلالة تُفيد حتمية تقديم بناء الإنسان على أى بناء آخر، حيث إنه أساس لكل بناء.
واستكمالاً لمسيرة البناء والتنمية لمصرنا الحبيبة على أساس من القيم فى الحفاظ على المقدرات وحماية المكتسبات ، والعمل بتفان حفاظاً على مكانتها والوصول بها إلى المكانة التى تليق بتاريخنا وبناء مستقبلنا .
حيث إن من أهم مقومات بناء المجتمعات هو تنمية رأس المال البشرى الذى يشكل الركيزة الأساسية فى صنع المستقبل المنشود وإعداد كوادر قادرة على ريادة مسيرة التطوير والبناء .
ف الإنسان هو أساس كل الحضارات البشرية ، فهو أصل المادّة الخام التى تُخرج للبشرية من يقودها فى كافة مجالات الحياة ، ودائماً ما كان العنصر البشرى هو أصل النماء والإزدهار وبمجهوداته وفكره تُبعث روح التجديد والاستمرارية الحضارية ،وعلى ذلك فإنه لبناء مستقبل أفضل لابد من جاهزيته و قبوله للتحديات التى دائماً ما تظهر عند التطوير والبناء شريطة توفر إرادة قوية و وعى كامل بكل ما يتعلق بالتحديات والتسلح بالعلم والطموح والعمل وعدم التكاسل للوصول إلى ما يتم التخطيط له وتحقيق الأهداف .
ولكى نتمكن من وجود عنصر بشرى قادر فلابد من تهيئة البيئة المحيطة به وتوفير العوامل التى تساعده على الاستقرار ،ف الإنسان عندما يحيا فى بيئة مستقرة يُبدع ويُنتج إبداعاً وإنتاجاً مبهراً يعود بالنفع على الأفراد والمجتمعات ، ولتحقيق هذا فلابد من وجود منظومة تعليمية جيدة مستدامة ومتطورة، حيث إن التعليم هو اللبنة الأولى فى بناء الشخصية الانسانية وصناعة وعيها بحيث تكون مستعدة لمجابهة أية تحديات تطرأ على مكونات المجتمع .
لابد من عودة منظومة الأخلاق والقيم فلا تقدم لأى أمة الا بسمو أخلاق أبنائها وتمتعهم بما كان عليه الرعيل الأول الذى قاد الدنيا شرقاً وغرباً حيث إن الأخلاق والقيم بمثابة الترياق الذى يسرى فى شرايين الأوطان فتُستمدُ منه الحياة وتستمر على خطاه الأجيال تلو الأجيال ، وذلك لأن التحلى بالأخلاق والقيم يُجنبنا العديد من الكوارث النفسية و الاجتماعية .
ولكى يتم بناء الإنسان بناء سليماً لابد من الاهتمام المتزايد الفعلى للقضاء على الفساد بأشكاله المتعددة سواء كان فساداً إدارياً أو مالياً أو أخلاقياً ، حيث إن الفساد يأكل كل ثمار ومجهودات الإصلاح ويبث روح الانهزامية داخل النفوس حيث من الصعب على النفس السوية أن تتقبل التهميش نتيجة للفساد الإدارى الذى يُفاضل بين الأشخاص طبقاً للوساطة والمحسوبية إذ لابد وأن يكون المعيار هو الكفاءة والنزاهة الذاتية .
ولكى يتم بناء الإنسان بناء سوياً لابد من إصلاح الإعلام ليكون إعلاماً تنويرياً تعليمياً قيمياً ، لا إعلام هدم و إثارة للفتن والوقيعة بين أبناء الوطن وقاداته ، إعلاماً يحترم مهنيته ويبتعد عن كل ما من شأنه التشكيك والشبهات ونشر الأكاذيب والشائعات .
إن العمل على بناء قيمة الإنسان هى أحد أهم السُبل للبناء والتقدم الحضارى للمجتمعات ، حيث إنه المحور الرئيسى لعملية التنمية الشاملة و استراتيجايتها المستقبلية ، ولم تبخل الدولة بجهد فى العديد من المناحى فقدمت رؤية استراتيجية لبناء الإنسان المصرى، وذلك بالعمل على تطوير النظام الصحى والتعليمى و الحماية المجتمعية ، ولكى يتم تطبيق هذه الاستراتيجيات لابد من تكاتف الأفراد ومؤسسات الدولة فى معالجة أى قصور يطرأ وتحقيق تنمية مجتمعية أخلاقية قيمية لا مجال فيها لفساد أو رشوة أو محسوبية لنصل للحياة الكريمة والجمهورية الجديدة المنشودة .
حفظ الله مصر