وقف الحرب في السودان ، والدعوة للحوار، وصولا إلي اتفاق بين الأطراف المتحاربة، والقوي المدنية، هو عمل إيجابي وتشجعه كل الدول المحبة للسلام والداعمة للاستقرار، وسبق لمصر أن قامت بجهود كبيرة ومتواصلة، وحتي الساعة لحقن دماء الشعب السوداني ، وتوجيه موارده للتنمية، ولحل الأزمات المختلفة؛ لكن الغريب هو استمرار الاقتتال.
ومع ذلك كانت المفاجأة بتوجيه رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك، الدعوة للتواصل مع كل من قيادة الجيش السوداني و الدعم السريع . وبالفعل، شهدت العاصمة الإثيوبية بداية اجتماع تنسيقية القوي الديمقراطية «تقدم» مع قائد الدعم محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي.
وضم وفد يرأسه حمدوك عددا من قيادات القوي السياسية اجتمع مع حميدتي في أديس أبابا ، لبحث معالجة الأوضاع الإنسانية، كما ناقش الاجتماع عملية وقف إطلاق النار بين القوتين العسكريتين الكبيرتين في البلاد، وتمت مناقشة مقترحات للدفع بالحل السياسي. واقترحت التنسيقية التي يرأسها رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك رؤية من 4 محاور لحل الأزمة المستفحلة في البلاد؛ تبدأ بوقف لإطلاق النار وفتح مسارات آمنة للسكان ومعالجة الأزمة الإنسانية والدخول في عملية سياسية تشمل الإصلاح الأمني والعسكري وقضايا العدالة الانتقالية وإعادة البناء المؤسسي لأجهزة الدولة.
كما أعلنت التنسيقية أيضا دعمها لمنبر جدة التفاوضي ومبادرة الاتحاد الإفريقي، التي تم طرحها في الخامس والعشرين من يونيو الماضي، والتي تتبني خطة تدمج بين رؤية منبر جدة ومقترحات الهيئة الحكومية للتنمية «الإيقاد»، والتي تنص علي إجراءات تؤدي لوقف الحرب، وإطلاق عملية سياسية تفضي لانتقال السلطة من العسكر للمدنيين، وتستند خطة الحل علي 6 نقاط أساسية تشمل؛ وقف إطلاق النار الدائم ، وتحويل الخرطوم لعاصمة منزوعة السلاح، وإخراج قوات طرفي القتال إلي مراكز تجميع تبعد 50 كيلومترا عن الخرطوم، ونشر قوات إفريقية لحراسة المؤسسات الاستراتيجية في العاصمة، ومعالجة الأوضاع الإنسانية السيئة الناجمة عن الحرب، وإشراك قوات الشرطة والأمن في عملية تأمين المرافق العامة.
ولم يعلق رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان علي هذه الحلول، وسبق أن وافق علي لقاء حميدتي في جيبوتي، إلا أن اللقاء تم تأجيله، وتم تبرير التأجيل من أجل تمكين قادة دول الإيقاد وممثلي المجتمع الدولي من حضور الاجتماع، مع بذل جهود قوية تجري لعقد الاجتماع خلال الأسبوع الأول من يناير.
وتزايد الارتباك أكثر بعد بيان لوزارة الخارجية السودانية حمل فيه قائد الدعم السريع مسؤولية تأجيل الاجتماع، لكن بيان مسرب صادر عن وزارة خارجية دولة جيبوتي التي ترأس الدورة الحالية لإيقاد حسم الجدل، وأكد أن تأجيل الاجتماع جاء لأسباب «فنية». وعلي أية حال أمامنا أيام وساعات من المتابعة لرصد هذا المشهد المنتظر، وما يخرج عنه من نتائج تؤكد أن السودان أمام حسم جديد أم مجرد مناورة.