حكم الإشارة باليد لرد السلام خلال الصلاة

حكم الإشارة باليد لرد السلام خلال الصلاةهل الإشارة باليد لرد السلام تفسد الصلاة؟.. اعرف الصح

الدين والحياة9-1-2024 | 03:43

كشفت دار الإفتاء عن حكم رد السلام بالإشارة أثناء الصلاة، كاشفة عن مدى كونه مفسدا لها أم لا.

جاء ذلك، إجابة على سؤال يقول: "ما حكم رد السلام بالإشارة أثناء الصلاة؟ فرجلٌ لديه محل بقالة، ويصلي فيه إذا حضرته الصلاة، وإذا مرَّ عليه رجلٌ وألقى عليه السلام أشار بيده ردًّا للسلام أثناء الصلاة".

وقالت الإفتاء: " الصلاة ركنٌ عظيم مِن أركان الإسلام فيها مناجاةُ العبد لربِّه، وإقامَتُه لذكرِه جَلَّ وَعَلَا، قال الله تعالى: "وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي"، مضيفة: "والأصل أن الدخولَ في الصَّلاة بتكبيرة الإحرام يمنع مِن التلفظ بكلام الناس؛ لقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمعاوية بن الْحَكَمِ السُّلَمِي رضي الله عنه: "إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ" أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

وتابعت: "قد أجمع الفقهاء على أن الكلام في الصلاة عمدًا لغير إصلاح الصلاة ينقضها، كما في "مراتب الإجماع" للإمام ابن حزم، أما ردُّ السلام بالإشارة أثناء الصلاة، كما هي مسألتنا، فقد أجمع الفقهاء على أنه غير مفسدٍ للصَّلاةِ ويجزئ عن ردِّ السلام.

واستطردت دار الإفتاء: "مع اتفاق الفقهاء على عدمِ فساد الصلاةِ إلا أنهم اختلفوا في حكم الإشارة لردِّ السلام بين الوجوب والندب والكراهة، وسبب اختلافهم في ذلك ورُود الأمرين عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد ورد أنه تَرَكَ ردَّ السلام حال صلاته، كما ورد أيضًا أنه صلى الله عليه وآله وسلم أشار بيده ردًّا للسلام".

فعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا، وَقَالَ: «إِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا» متفقٌ عليه. وترك الردِّ مطلقًا يشمل اللَّفظ والإشارة.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنِي لِحَاجَةٍ، ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يَسِيرُ -قَالَ قُتَيْبَةُ: يُصَلِّي- فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَأَشَارَ إِلَيَّ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي فَقَالَ: «إِنَّكَ سَلَّمْتَ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي»، وَهُوَ مُوَجِّهٌ حِينَئِذٍ قِبَلَ الْمَشْرِقِ. أخرجه الإمام مسلمٌ في "صحيحه".

وعن صُهَيْبٍ رضي الله عنه قال: مَرَرْتُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ إِلَيَّ إِشَارَةً. أخرجه الإمام الترمذي في "سننه" وقال: "لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: "إِشَارَةً بِإِصْبَعِهِ"، وَفِي البَابِ عَنْ بِلَالٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَنَسٍ، وَعَائِشَةَ رضي الله عنهم".

وأضافت دار الإفتاء: "ذهب الحنفية وأحمد في روايةٍ إلى كراهةِ إشارةِ المصلي بيده لردِّ السلامِ؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه المتقدم، ولأنه بتحريك يده في الإشارة يخالف السُّكونَ المأمورَ به في الصلاةِ، فعن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟ اسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ" أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.

وذهب الشَّافعيَّة والحنابلة إلى استحبابِ ردِّ المصلي السلام بالإشارةِ، وهو المرجُوح عند المالكيَّة، وممن قال به مِن الصحابة: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهم، وهو قولُ جمهور العُلمَاءِ.

وبناءً على ذلك، قالت الإفتاء: "فإنَّ الإشارة بردِّ السَّلامِ في الصَّلاة مما اتفق الفقهاء على مشروعيته، وأنه غير مفسدٍ للصلاةِ، وإنما وقع اختلافهم في درجة مشروعيَّة تلك الإشارة، فبعض الفقهاء أوجبها إن كان المصلي وحده وسُلِّمَ عليه وهم المالكية ومَن وافقهم، وبعضهم قال باستحبابها وأنه لا بأس بها وهم الشافعية والحنابلة، ومنهم من ذهب إلى كراهتها كالحنفية ومن وافقهم، كما سبق بيانه".

أضف تعليق