الدول تدار بعيدًا عن المشاعر.. ياسر الشاذلي يرد على "الزبيدي"

الدول تدار بعيدًا عن المشاعر.. ياسر الشاذلي يرد على "الزبيدي"ياسر الشاذلي

مصر16-1-2024 | 18:02

رد الكاتب الصحفي ياسر الشاذلي عبر صفحته الخاصة بموقع "إكس" ،على مقال هيثم الزبيدي، رئيس تحرير العرب اللندنية، بعد حديثه بشأن ما يحدث في منطقة البحر الأحمر.

وقال ياسر الشاذلي: "أخي الفاضل الدكتور هيثم، استغربت مقالك خاصةً وأنت من العراق الشقيق البلد الغارق في معاناة وويلات الحرب نتيجة قرارات خاطئة اتُخذت منذ 1979 يدفع ثمنها حتى اليوم 2023لذا آمل أن يتسع صدركم للرد على بعضًا مما جاء فيه:

وأضاف، تقول (ما فات المصريين أنهم لو تدخلوا في منطقة البحر الأحمر لكانوا قد حموا أمنهم القومي قبل أن يسترضوا الحليف السعودي فالمنطقة جزء لا يتجزأ من المجال الحيوي لمصر).

1- أعتقد أن العلاقات بين الدول بديهي تقوم على المصلحة وليس الاسترضاء، و ربطكم بين مصر والسعودية بهذا الشكل غير موفق.

2- لا توجد دولة في العالم تضحي بأمنها القومي في سبيل استرضاء دولة أخرى، فشرط بقاء الدول هو في المقام الأول مدى استقرار أمنها القومي داخليًا أو خارجيًا، ولنا في العراق، واليمن، وسوريا، وليبيا، والسودان، خير مثال.

3-قولكم باسترضاء حليف في موضوع يمس الأمن القومي مردود عليه، فهو يعني إلغاء سيادة الدول في اتخاذ قراراتها، وقرار الحرب في الحالة التي استعرضتموه أو القرار إجمالًا حتى إذا اتخذته دولة ما بموجب ما تتمتع به من سيادة ،يظل قرار إنهاء هذه الحرب ليس بيدها، والأمثلة كثيرة تعرفها بالتأكيد، ومصر ليست استثناء لهذه القاعدة.

4- قولكم أن (المرابطة المستمرة لكل القطع في القواعد البحرية المصرية تجعل من القوة البحرية المصرية قوة خفر سواحل بأسلحة ثقيلة لا تناسب حتى القيام بدور خفارة الساحل)، دعني أُذكرك بأن ذات القطع البحرية التي تلمح بالسخرية منها هي من حمت حقوق مصر في البحر المتوسط ، وفرضت رؤية مصر في رسم حدودها البحرية وحماية مصادر الغاز بها مثل حقل ظُهر وغيره أمام قوى بحرية كبيرة في المنطقة.

5- قولكم (عرف عبدالناصر مجالات مصر الحيوية وتصرف على أساسها. البحر الأحمر واليمن كانا في قلب هذه المجالات، وهو ما دفع مصر إلى أن ترسل جيشها إلى اليمن في الستينات)، قراءة غير دقيقة، وأحيلك هنا إلى قرار مصر أيضًا بإرسال قطعها البحرية إلى مضيق باب المندب في حرب 73 وقت استشعارها بتهديده لها، وهو ما يوضح لك أن اتخاذ القرارات العسكرية تتم وفق رؤى إستراتيجية ولا تُتخذ اعتباطًا، وإذا رأت القيادة الحالية ضرورة مّلحة فلن تترد في اتخاذه.

6- تدفع في مقالك نحو رأي ضرورة خوض مصر حرب بحرية في البحر الأحمر، ولو كان الأمر كما تتفضل بهذه السهولة والعنترية التي عانينا منها عقود، لكان من باب أولى أن تتدخل مصر بإعلان الحرب في السودان، أو ليبيا، أو اثيوبيا، وجميعها ساحات تقدم مبررات مقبولة في ظاهرها لهكذا قرارات، لكن مصر لديها قائد من مؤسسة عسكرية عانت في مرحلة ما من القرارات الشعبوية، ويقينًا لن تكرر ذات التجربة مجددًا ، طالما ثمة بدائل حتى الآن.

7- قولكم (كيف تغيرت الروح القتالية في السعودية إلى الاكتفاء بالخروج بأقل الخسائر/اليمن) مردود عليه، فالأمر ولو بالقوة العسكرية فقط لمحت القوات السعودية أي تهديد في ساعات، لكن اختباء المعتدي وسط حشود مدنية يجعل اتخاذ القرارات العسكرية من الصعوبة بمكان، وفي العقيدة العسكرية السعودية البعد الإنساني مُقدم، لكن أيضًا ذات العقيدة هي من أشد العقائد حسم وقوة، وأُذكرك بموقفها في رسم (خط فهد الجوي) أمام القوات الجوية الإيرانية في يونيو 1984 حين حاولت استفزازها،و لم تتجرأ بعده أي مقاتلة إيرانية على الاقتراب من المجال الجوي السعودي، وذات الأمر مع مصر في يونيو 2020 حين وضعت خط أحمر في سرت والجفرة أمام قوات رأت أن وجودها يشكل تهديدًا حقيقيًا لأمنها القومي، وأيضًا لم يجرؤ أحد على تجاوزه.

8- لو كانت قرارات الحرب تُتخذ بشعبوية لدفعت كثير من الشعوب ثمنًا فادحًا لها، وأنت تعلم خطأ القرارات العسكرية وتأثيرها على استقرار الدول، فقرار العراق بلدكم العظيم وقرار إيران غير الرشيد بعيد عن التفاصيل في مرحلة ما تسبب بإشعال أطول حروب القرن العشرين من 1980 حتى 1988 وللأسف كانت سببًا رئيسًا في حرب 2003 والتي أدت إلى زوال حكم صدام نفسه، وما تبعه من أزمات ما زالت بلدكم العظيم تدفع ثمنه حتى اليوم.

9- أما تحليلكم لهجمات الحوثي، فهذه الهجمات وأنتم تعرفون ذلك يقينًا هي في ظاهرها تستهدف السفن المتجهة نحو ميناء إيلات لأنه الوحيد لإسرائيل على البحر الأحمر، لكن الحقيقة أن الميناء لا يستقبل سوى 5% فقط من حجم التجارة الخارجية الإسرائيلية أي أن تأثير هذه الهجمات إستراتيجيًا ضعيف في هدفه المعلن، وبالتالي فالهدف كما يظهر ليس إسرائيل، وقد يكون جر مصر أو السعودية آخر ما تبقى في المنطقة من قوةً حقيقية إلى حرب، وتدرك القيادة في البلدين ذلك، لذا فإحجامهما عن التصعيد ليس دليل ضعف بل العكس هو الصحيح.

10- في الأخير أثق أن مقالكم هو من باب الغيرة الوطنية، لكن الدول تُدار بعيدًا عن المشاعر، ونثق في قياداتنا والحمد لله في اتخاذ كل ما يضمن أمن بلادنا واستقرارها .. ودمت بود.

أضف تعليق