نظمت ندوة ضمن فعاليات الصالون الثقافي في معرض الكتاب بدورته الـ55، لمناقشة "المشروع السردي عند جمال الغيطاني". شارك في الندوة الإعلامي محمد الباز، والشاعر والناقد شعبان يوسف، وأدارها الكاتب حسن عبد الموجود.
بدأ الكاتب حسن عبد الموجود حديثه حول جمال الغيطاني بالقول: إنه يتمتع بطراز فريد للغاية ويركز بشكل كبير على التراث في أعماله، وانعكس اهتمامه الشديد بالزمن من خلال رواياته، حيث يستعرض الشخصية المصرية عبر العصور، من الشخصيات الفرعونية إلى العصور الحديثة.
وأضاف عبد الموجود: كان الغيطاني رحالة، اتسمت شخصيته بالانفتاح على مختلف الثقافات، ثم عاد من رحلاته وقام بترجمة تجاربه هذه في أعماله الروائية. كما أشار إلى دوره كصحفي محترف ومراسل حربي، حيث نقل بشكل دقيق جهود الجيش في حرب الاستنزاف، وشكّل مثال لأجيال من الصحفيين الذين استفادوا من تجاربه.
وشدد "عبد الموجود" على اهتمام جمال الغيطاني الكبير بالتراث، مُظهرًا شدة حماسته في المعارك. وفي سياق متصل، أوضح عبد الموجود أن جمال الغيطاني كان ملتزمًا بشكل شديد بالمعارك الثقافية، وعلى سبيل المثال، رد على انتقاد فاروق حسني الذي قال إنه لا يعرف شيئًا عن الطرشي، حيث قام جمال الغيطاني بكتابة مقال شامل في العدد التالي من المجلة حول فنون الطرشي في العصور المملوكية.
من جانبه، أكد الشاعر والناقد شعبان يوسف أن جمال الغيطاني يمثل شخصية فريدة لا يمكن تكرارها، سواء في كتاباته ذات البعد الإنساني أو في مجالات أخرى. وأعرب يوسف عن أمنيته في نشر كتابات جمال الغيطاني عن نفسه وإعادة طباعتها.
وأضاف يوسف: وُلد جمال الغيطاني في يوم وضعت فيه الحرب العالمية الثانية أوزارها، وتحدث كثيرًا عن حرب فلسطين عام 1948. كان يشير إلى مصادر ثقافته، حيث كان يقصد مكتبات الحسين للبحث والقراءة في الكتب القديمة، وكان يهتم بمختارات الجيب لعمر عبد العزيز أمين. وكان يتعمق في قراءة مصادر ثقافية متنوعة باللغة الإنجليزية والفرنسية منذ صغره.
وفي سياق آخر، قال يوسف: بدأ جمال الغيطاني كتابة أعماله في سن مبكرة، حيث كتب مجموعة "المساكين" عندما كان عمره 15 عامًا في عام 1960.
وفي العام التالي، كتب مجموعة أخرى، كان يشير إلى تحدياته النحوية في بدايته، ولكنه تحسن بمساعدة محررين. وأشار إلى تطور جمال الغيطاني الأدبي، حيث كتب أول مقال له في مجلة الأدب لأمين الخولي، وبدأ يكتب لمجلات أخرى وغيرها، وهو لم يتجاوز عمره 20 عامًا في ذلك الوقت.
وأضاف شعبان يوسف: في عام 1965، نشرت قصة "حواشي المدينة" لجمال الغيطاني، وهي تحكي قصة شخص خرج من السجن يبحث عن أمه، و"علي الراعي" قال إن جمال الغيطاني تأثر في تلك القصة برواية الطريق لنجيب محفوظ، وقام جمال الغيطاني بنشر رد على علي الراعي، أحد أساطين النقد في تلك الفترة. وكان رد جمال الغيطاني يظهر ثقافته الواسعة، حيث أكد أن نجيب ليس الوحيد الذي كتب عن شخص يبحث عن مجهول، وكان ذلك في نفس العام.
واستطرد شعبان يوسف: عندما أراد جمال الغيطاني الكتابة، ركز على تسليط الضوء على فن التلصص، واستوحى روايته "الزيني بركات" من رواية الزيني بركات، وبدأ في صياغة شخصيات الرواية من خلال كتابة ملاحظات لكل شخصية دون تحديد للزمن، ورغم أن الأحداث تقع في عهد السلطان قايتباي والغزري، إلا أن الزمن لم يكن محددًا بشكل دقيق. وعندما تحدث عن الزيني بركات، لم يظهر في الرواية سوى مرة واحدة، ولكن الرواية بأكملها تدور حوله.
وحكى "يوسف شعبان" موقفاً وقع بيت جمال الغيطاني ويوسف ادريس، وذلك عندما قدم أحد الأصدقاء إحدى روايات الغيطاني إلى يوسف إدريس، ولكن يوسف إدريس طوح بها وقال إن هذا الجيل لا يجيد الكتابة.
وحينما تحدث الإعلامي الدكتور محمد الباز عن علاقته مع الكاتب الكبير جمال الغيطاني، أوضح أنهما لم يشتركا في تجربة صحفية مشتركة، ولكن كانت تجمعهما صداقة عميقة. وأشار الباز إلى أن الغيطاني كان له أيادٍ بيضاء وقدم فضل كبير على المحررين الثقافيين والكتاب، الذين كانوا من المفترض أن يكونوا أول الحضور للندوة.
وأكمل الباز حديثه قائلاً: "التقيت بـ جمال الغيطاني عدة مرات، وكان رجلاً يعطي دون أن يتوقع مقابلًا، ويفتح الطريق أمام الشباب دون انتظار رد من أحد." وأوضح الباز أنهم كانوا يفتقدون حضور الغيطاني في العديد من الملفات، خاصة فيما يتعلق بأحداث 30 يونيو، حيث كان يأمل في أن يكون الغيطاني حاضرًا ليسجل شهادته حول هذا الملف الهام.