القائم بأعمال مدير المكتب الإعلامي لأونروا بغزة في حوار لـ"أكتوبر": المساعدات قد تنتهي تمامًا نهاية فبراير

القائم بأعمال مدير المكتب الإعلامي لأونروا بغزة في حوار لـ"أكتوبر": المساعدات قد تنتهي تمامًا نهاية فبراير المكتب الإعلامي لوكالة غوث اللاجئين

أصبح الحصول على رغيف الخبز من التحديات التي يواجهها سكان قطاع غزة ، ومع تعليق دعم بعض الدول للأونروا حُرم النازحين من خدمات هي بمثابة شريان الحياة بالنسبة لهم.

هكذا وصفت إيناس حمدان القائم بأعمال مدير المكتب الإعلامي لوكالة غوث اللاجئين «الأنروا» حال السكان و النازحين فى قطاع غزة، والذين يعيشون سلسلة من الكوارث الإنسانية المريرة منذ 7 أكتوبر الماضي فى حوارها مع أكتوبر، مؤكدة أنه فى حال استمرار الحرب وتمسك الدول التي علقت تمويلها للوكالة بموقفها، سيقف عمل الأونروا - التي تعد الملاذ الأخير للنازحين - بشكل كامل، ليس فى غزة فقط بل فى جميع مقراتها حول العالم.. وإلى نص الحوار.

كيف ترون اتهامكم بأنكم تستخدمون التمويل والتبرعات فى دعم عمليات المقاومة ضد دولة الاحتلال؟

تعد الأونروا منظمة أممية تابعة للأمم المتحدة، وتقوم فى الأساس على تقديم خدمات الإغاثة والتشغيل للاجئين الفلسطينيين فى مناطق عمل الأونروا الخامسة، وتعمل على دعمهم فى مجالات متعددة، كالتعليم والصحة، والخدمات الاجتماعية والإغاثية، وكذلك خدمات تطوير وتوسيع المخيمات.

وفى منظمات الأمم المتحدة هناك لوائح وقوانين وتعليمات تخص «الحيادية»، يجب أن تعمل بها جميع الوكالات التابعة لها، ونحن فى الأونروا نلتزم بها التزامًا كبيرًا، وبالتالي هناك التزام وحرص شديد من الجميع على تنفيذ تلك المعايير أثناء تقديم الخدمات الإنسانية، وتوجيه الدعم لمن يستحقه من اللاجئين الفلسطينيين.

إلى أي مستوى تأثرت وكالة الأونروا بالحرب على غزة، خاصةً عقب الادعاءات الممنهجة ضدها؟

تأثرت وكالة الأونروا على كافة الأصعدة سواء فى قطاع الخدمات، والمباني الخاصة بها، وحتى التمويل التي تحصل عليه الوكالة من الدول التي قامت بتعليقه، إلى جانب استشهاد مجموعة من موظفين الوكالة خلال الحرب على غزة، فنحن نواجه ظروفًا صعبة واستثنائية وتحدياتٍ كبيرة، فنحن لا نستطيع إيصال المساعدات الغذائية إلى قطاع غزة خاصة منطقة الشمال، حيث إننا لم نتمكن سوى من إيصال 10 قوافل بشكل آمن وسليم من أصل 35 قافلة.

فالسلطات الإسرائيلية ترفض التصريح لأطقم القوافل المساعدة للدخول للفلسطينيين فى منطقة غزة والشمال، وحتى إذا حصلنا على هذا التصريح فإن الموظفين العاملين فى المجال الإنساني ينتظرون أكثر من ثماني ساعات أمام الحاجز الإسرائيلي حتى يُسمح لهم بالدخول وإيصال المساعدات، كما أن هناك عددًا من القوافل التي ذهبت إلى مناطق شمال غزة وتعرضت للاستهداف، وهذا إضرار متعمد من قبل الاحتلال بسبب تقديمنا للخدمات الإنسانية فى قطاع غزة.

وعلى صعيد المباني، فقد تضرر حتى اللحظة أكثر من 290 مبنى تابعا للوكالة بشكل مباشر أو غير مباشر، حيث قام الاحتلال بتدمير مدارس وعيادات ومراكز خدمات كانت تقدم المساعدات للنازحين و اللاجئين الفلسطينيين، وباتت الآن غير قادرة على استقبال النازحين، بالإضافة إلى استشهاد أعداد كبيرة من الموظفين العاملين فى الأونروا، حيث استشهد حتى اللحظة أكثر من 154 موظفا وموظفة وهو عدد كبير جدا بالنسبة لموظفين عاملين فى منظمة تابعة للأمم المتحدة، بشكل عام هناك ضرر كبير وغير مسبوق وقع على الأونروا؛ بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

ما الذي يمكن للأونروا تقديمه للفلسطينيين الآن خاصةً مع تعليق عدد من الدول للتمويل بسبب الادعاءات الإسرائيلية؟

مازالت الأونروا فى قطاع غزة تقوم بتقديم الخدمات الإنسانية والإغاثية لجميع السكان وليس النازحين و اللاجئين فقط؛ لأن أكثر من 75% من سكان قطاع غزة الآن أصبحوا مُهجرين ونازحين ويعيشون على المساعدات الإنسانية فقط؛ لأنهم فقدوا كل شيء، فنقوم بتقديم الطحين لجميع الأسر الفلسطينية بشكل دوري، كما نقوم أيضًا بتوزيع الوقود فى حال الحصول عليه لمحطات التحلية لكي يتم توفير مياة صالحة للشرب، حتى وإن كانت بكمية ضئيلة، ونعمل أيضًا على تشغيل بعض المولدات فى مراكز الأونروا ومنشآتها؛ حتى تتمكن من تقديم الرعاية الصحية والإغاثية التي ما زالت موجودة.

ونقدم أيضًا المأوى لأكثر من مليون نازح فى مراكز الإيواء، فهناك أكثر من 150 مركز إيواء تابعا للأونروا يستضيف أعدادًا كبيرة من النازحين، حيث تُقدم لهم الخدمات الأساسية من أغذية ومياه للشرب، وبعض مواد النظافة الشخصية، ف الأونروا فى غزة لا تزال صامدة ومتمسكة بعملها الإنساني، رغم الحرب الغاشمة، لكن يجب أن نذكر أن تعليق التمويل من قبل عدة دول قد أثر بشكل سلبي غير مسبوق على عمل الوكالة، واستمرار التعليق سيؤدي إلى كارثة حقيقية بالنسبة للنازحين فى قطاع غزة.

وسبق وأن صرح المفوض العام للأنروا بأن عملياتنا قد تتوقف بشكل تام فى نهاية فبراير الجاري، أو بداية شهر مارس، إذا ظلت الدول التي علقت تمويلها متمسكة بموقفها ضد هذه «الوكالة الإنسانية» وستحرم أغلب السكان فى قطاع غزة من خدمات هي لهم بمثابة «شريان حياة».

كيف سيكون الموقف حال أقدمت إسرائيل على تنفيذ خطتها فى مدينة رفح الفلسطينية والتي تضم حوالي 1.5 مليون نازح؟

احتمالية تنفيذ عملية عسكرية واسعة فى مدينة رفح الفلسطينية؛ سيؤدي إلى كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فهي تضم حتى هذه اللحظة أكثر من مليون و400 ألف شخص نازح، منهم عائلات نزحت أكثر من 5 مرات متتالية إلى أن وجدت مكانا آمنا فى رفح، أو بمعنى أصح مكان كانت تعتقد أنه آمن، والظروف المعيشية والإنسانية لهؤلاء النازحين داخل مدينة رفح مأساوية لأقصي درجة، فأغلبهم يسكنون الخيام التي لا تقيهم برد الشتاء والأمطار، فى ظل عدم وجود شبكة للصرف الصحي أو المياه الصالحة للشرب، وأيضًا مساعدات غذائية تحاول الأونروا إيصالها لهم لكنها لا تكفي جميع أفراد العائلة، فأصبحت فكرة الحصول على رغيف الخبز هناك من التحديات.

ولم يكتف الاحتلال بهذه الأوضاع المريرة، بل عمل على توسيع العمليات العسكرية وصولًا لمدينة رفح الملاذ الأخير للنازحين، وإذا نفذ تلك العملية فالآثار ستكون كارثية.

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» أن لديه خطة لإجلاء سكان رفح وذلك قبل تنفيذ العملية العسكرية، إلى أين يريد إجلاءهم؟

للأسف، ليس لدينا إجابة، فحن لا ندري أي مصير أو سبيل سيسلكه هؤلاء النازحين، وفكرة عودتهم إلى الشمال تكاد تكون مستحيلة؛ لأن منطقة الشمال أصبحت من الأماكن التي لا تستطيع قدم إنسان الوصول إليها؛ بسبب الدمار والخراب الذي حل بها، كما أنه لا يوجد فى الأساس ممرات آمنة تُمكن النازحين من العودة وذلك إن افتراضنا وجود أماكن آمنة وصالحة فى الشمال، فلم يعد هناك شبكات صرف صحي، ولا بنية تحتية، فشمال غزة أصبح عبارة عن ركام مليء بمخلفات الحرب، فنحن لا نعرف إلى أين سيذهب سكان رفح، ربما تحمل الأيام القادمة الإجابة.

هل من الممكن أن تعلن الأونروا تعليق عملها فى غزة؟ وكيف يمكن تفادي هذا السيناريو المشؤوم؟

سبق وأعلنا أنه إذا لم تتراجع الدول التي علقت تمويلها عن قرارها، وسد الفجوة التي حدثت وقدرها 440 مليون دولار، ستتوقف وكالة الأونروا عن عملها ليس فى غزة فقط بل فى جميع مناطق عملها، ويمكن تفادي هذا السيناريو مع رفع التجميد عن التمويل الذي تم تعليقه من قبل 16 دولة من أكبر الدول المانحة للأونروا.

هل تزايدت معدلات التبرع الشعبي للأونروا بعد وقف التمويل الحكومي لها؟

كافة الأعمال والخدمات التي تقدمها الوكالة الآن هي بسبب الدعم المستمر من بعض الدول، فبالرغم من أن هناك 16 دولة مانحة للأونروا جمدت تمويلها؛ بسبب الادعاءات الإسرائيلية، إلا أن هناك بعض الدول لا تزال تدعم الوكالة مثل النرويج والاتحاد الأوروبي، وقد صرح مسؤول فى الاتحاد الأوروبي بأن دعم الأونروا يجب أن يستمر؛ لأن الأونروا وكالة إنسانية تقدم خدمات لا يمكن الاستغناء عنها ولا استبدالها، وعلى الرغم من استمرار الدعم من قبل بعض الدول، إلا أن هناك فجوة كبيرة بسبب تعليق الدعم.

أضف تعليق

إعلان آراك 2