"مواجهة الشائعات وتزييف الوعي" بـ المجلس الأعلى للثقافة

"مواجهة الشائعات وتزييف الوعي" بـ المجلس الأعلى للثقافةندوة مواجهة الشائعات وتزييف الوعي

ثقافة وفنون21-2-2024 | 12:42

عقد المجلس الأعلى للثقافة ندوة بعنوان "مواجهة الشائعات وتزييف الوعي"، تحت رعاية الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة، والدكتور هشام عزمي الأمين العام للمجلس، ونظمتها لجنة ثقافة القانون والمواطنة وحقوق الإنسان بالمجلس، وأدار النقاش مقررها الدكتور خالد القاضي رئيس محكمة الاستئناف بالقاهرة.

وشهدت الأمسية مشاركة كل من، الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع ومقرر لجنة مواجهة التطرف والإرهاب بالمجلس، والدكتور حسن عبدالحميد عميد كلية القانون بالجامعة البريطانية وعضو اللجنة، والدكتور محمد المهدي أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، والدكتورة هالة رمضان رئيسة المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، وذلك مساء أمس الثلاثاء، بقاعة المجلس الأعلى للثقافة الرئيسية، وتضمنت الفعالية تكريم اسم المرحوم الدكتور أحمد خليفة، ومنح أسرته درع المجلس تقديرًا لما بذله من جهود وإسهامات متميزة في المجال القانوني.

وتحدث الدكتور حسن عبدالحميد، عن ملخص مفهوم الوعي من وجهة نظر فلسفية، مستشهدًا ببعض آراء الفلاسفة في هذا الإطار، موضحًا أنه وفقًا لرؤية كارل ماركس يُعتبر الوعى ليس مجرد فهم فردي للواقع، بل هو نتاج تكاملى للتجارب والظروف الاجتماعية والاقتصادية التى تعيشها مختلف الطبقات الاجتماعية، كما تناول ماركس فكرة ارتباط الوعى بشكل كبير بالبنية الاقتصادية للمجتمع؛ حيث يرى أن الطبقات الاجتماعية تشكلت استنادًا إلى العلاقات الإنتاجية، وهذه العلاقات تحدد بشكل أساسي الوعي والمفاهيم الثقافية والفلسفية التي يحملها الأفراد، وهو ما جعل "ماركس" يطلق اصطلاح الوعي الطبقي، وتناول في مختتم حديثه فكرة التأثير الكمي، مستندًا إلى مقولة لينين: "تصبح الكذبة حقيقة إذا تم تكرارها بما يكفي"، وهذه المقولة ببساطة تشير إلى عملية استخدام الدعاية والبروباجندا لتغيير الوعى الجماعى وتشكيل الرأي العام؛ لإقناع الناس بشىء ما، سواء كان ذلك صحيحًا أو غير صحيح، بواسطة تكرار الأكاذيب بشكل متواصل، إلى أن تصبح جزءًا من الواقع المترسخ لدى الرأي العام، حتى لو كانت تصادم الحقائق الواقعية، ومن خلال تكرار المعلومات بشكل مستمر، يمكن أن يؤثر هذا التأثير الكمي في تشكيل الوعي والمعتقدات لدى الناس، حتى لو كانت تلك المعلومات غير صحيحة.

ومن ناحيته، أشار الدكتور محمد المهدى إلى أن الشائعات تلعب دورًا مؤثرًا فى الأحداث على المستويين الجماعى والفردى، وتابع مقدمًا بعض الأمثلة التي توضح تأثير تلك الشائعات، ومن بينها شائعة أن سقراط يفسد عقول الشباب بما يطرح عليهم من تساؤلات، وأدت هذه الشائعة إلى حشد الرأى العام ضده والمطالبة بقتله وهو ما تم بالفعل، وكذلك حينما أشاع بعض أعوان "نيرون" أنه لم يحرق روما، إنما أحرقها مجموعة ممن يتبعون الديانة المسيحية، وهو ما أدى إلى توجيه حملة اضطهاد نحو مسيحيي روما، موضحًا أن الشائعات لها عدة أنواع، مثل: الشائعة الزاحفة: وهي التى تنتشر ببطء وبسرية، والشائعة الاندفاعية: وهي تنتشر بسرعة فائقة مستندة إلى مشاعر انفعالية عنيفة، والشائعة الغاطسة: وهي تنتشر في ظروف معينة ثم تختفي (تغطس) لتعاود الظهور في ظروف مماثلة، وشائعة الأمل وتنتشر في الأوساط التى تتمنى صحة هذه الشائعة، وشائعة الخوف وتنتشر في أجواء التهديد المولدة للمخاوف، وذلك لدفع الخائفين إلى التسليم، وشائعة الخيانة وتنتشر بصفة خاصة في أوقات الحروب والأزمات المصيرية، وتتركز عادة على الفئات المسئولة عن المواجهة مثل القادة السياسيين والعسكريين، وشائعة البعبع: وهى شائعة خوف مبالغة، وانتقل إلى دوافع إطلاق الشائعات، مثل توجيه تلك الشائعة نحو الشخص المستهدف لتشويه سمعته أو تغيير موقف الناس منه، وهذا يحدث كثيرًا تجاه أصحاب النفوذ والسلطان.

وفي ختام حديثه، أشار أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر إلى عدة طرق لمقاومة الشائعات، أبرزها: اليقظة للشائعات في أوقات الأزمات والحروب وفترات التحول السياسى أو الاجتماعى؛ حيث يكون المناخ مهيئًا لانطلاق الشائعات وانتشارها، مما يحتم توافر المعلومات الصحيحة والصادقة عن أى موضوع يهم الناس، مع تبنى أعلى درجات الشفافية مع الناس حتى لا يقعوا فريسة الغموض والالتباس، والاهتمام بتعليم الناس وثقافتهم، والأهم من ذلك تربية النشء على التفكير النقدى الذى يتأسس على تمحيص الأمور قبل تصديقها أو رفضها، علاوة على شائعة فضيلة الصدق فى المجتمع، واعتباره من أهم المقومات الأخلاقية للناس بوجه عام ولقادة السياسة والفكر بشكل خاص.

وختامًا، تحدثت الدكتورة هالة رمضان، مؤكدة أن موقع "فيس بوك"، يُمثل إحدى أبرز الشبكات الاجتماعية التى انتشرت بصورة كبيرة وتضاعف عدد مستخدميه عبر السنوات التالية؛ حيث يعتبره مستخدموه أحد أكثر المواقع التى تساعد فى التواصل والتفاعل مع الآخرين، وهو ما تم التوصل إليه بالدراسة الحالية التى أتمها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية؛ حيث أكدت نتائج الدراسة الميدانية أن أغلب أفراد العينة يتابعون مواقع التواصل الاجتماعى كأكثر وسائل الاتصال والإعلام استخدامًا ومتابعة، وفي مقدمتها موقع فيس بوك، وأوضحت الدراسة أن الهدف من وراء نشر الشائعات من وجهة نظر أفراد العينة جاءت أبرزها على النحو التالي: خلق الفوضى في المجتمع، بث الخوف في نفوس المواطنين، بث الكراهية بين المواطنين، تحقيق المنفعة الشخصية والكسب المادي، النيل من سمعة المنافسين الاقتصاديين أو السياسيين أو بعض الشخصيات الفنية أو الإعلامية المخالفة في الرأي، كما أن الشائعات فى أحيانٍ أخرى تكون عفوية وغير مقصودة.

وفى مختتم تلك الدراسة خلصت إلى عدة توصيات تتعلق بالمواجهة القانونية فيما يخص نشر الشائعات، وضرورة مراجعة أحكام جرائم الإنترنت باستمرار للتأكد من أنها تظل ذات صلة، وقابلة للتطبيق على مختلف أنواع الجرائم التى قد ترتكب فى المجتمع، ووضع قواعد قانونية ملزمة للمنصات الإلكترونية باتخاذ تدابير محددة لمكافحة الشائعات والأخبار الكاذبة، مثل تعزيز المعلومات الموثوقة ومكافحة الحسابات والمواقع التى تنشر معلومات كاذبة، وإجراء حجب الموقع فى بعض الحالات التي تشكل فيه الشائعة مساسًا بالأمن القومى أو المصالح العليا للبلاد، والعمل على وضع ضوابط تحكم عمل شركات تكنولوجيا الاتصالات في إطار القانون الوطني مع الاستفادة من التجارب الدولية والإقليمية في هذا الإطار.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2