شقيق الناجحين

شقيق الناجحينحسين خيري

الرأى25-2-2024 | 19:47

أخلاقه الحسنة الوجه الآخر لأي عظيم، وهي كانت أفضل عون له في مشواره، والناس تشير له بالجدعنة، ويرفعونه إلي درجة التشريف والقدوة، والأبحاث العلمية تقرن النجاح بالخلق الحسن، وأقرت كذلك أن سر نجاح كثير من رؤساء الشركات العملاقة والقادة الناجحين يتمتعون بسمات حسن المعاملة، ولاحظت أن الصدق عامل مشترك بينهم، والخلق الحسن شقيق الناجحين، وأحد أهم الجسور إلي الجنة، وصدق قول الحبيب: "إن خياركم أحاسنكم أخلاقا".

ومنذ فترة اشتعلت زوبعة في اليابان عن مسئول ياباني بارز توبخه أمه، بسبب وضع يديه في جيوبه أثناء رحلة رسمية إلي الولايات المتحدة الأمريكية، واعتذر "سيغي كيهار" عن فعلته، ويشغل نائب رئيس الوزراء الياباني، وصرح بتوبيخ والدته له التي أخبرته عن خجلها من فعلته، وما لا يعرفه البعض أن اليابانيين لديهم عشرون وسيلة اعتذار يعبرون بها عند الخطأ، قد نظن سوءًا أنه امتهان وإنكار لذواتهم وأمر مبالغ فيه، والفضل في ذلك بسبب ترسيخ مبادئ الأخلاق في مناهجهم التعليمية كمادة دراسية إلزامية، ولا يقتصر الأمر علي تدريسها، وإنما يجري ترجمتها عمليًا عبر السنوات الدراسية الإلزامية.

والناجح يسعي لنفع مجتمعه الصغير المحيط به، ويشغل عقله كيفية تذليل العقبات أمام أفراده، والعالم بن النفيس أثري الحضارة الإسلامية والإنسانية باكتشفاته الطبية، وابن النفيس أول من أعلن عن الدورة الدموية ومساراتها، وبني عليها علماء أوروبا دراساتهم الطبية، وفي نفس الوقت باحث ومفكر إسلامي، وتضم المكتبة الإسلامية مؤلفه الشهير في علم الحديث الشريف تحت عنوان "الرسالة الكاملية في السنة النبوية"، وهو كأغلب بقية علماء عصره كانوا شغوفين بدراسة اللغة والفلسفة والفقه والحديث.

ونعود إلي أهل اليابان، فالاعتذار العلني بينهم ليس أمرًا مستغربًا، فإذا انتويت الإقامة في ديارها عليك أن تتقن فن الاعتذار، وتحفظ عبارة

"سومي ماسين" وترجمتها معذرة، وأنت خلال تجوالك في شوارعها ستتردد كثيرًا علي أذنيك، هذا لا ينفي وجود جرائم يرتكبها البعض منهم، فهم بشر، غير أن السمة السائدة حسن التعامل، ولذا استحقت أن تكون بلد الأمن والأمان والتفوق العلمي.

وكم من عالم بذل كل نفيس في خدمة البشرية، فقد أهدرت رجال الدين في أوروبا في العصور الوسطى دم العالم الإيطالي جاليليو جاليلي، وذلك عندما اخترع "جاليليو" التليسكوب وأثبت صحة نظرية "كوبرنيكوس"، واعتبروه أنه مهرطق، ويدعو للثورة عليهم وعلي تعليماتهم، فحكمت الكنيسة عليه بالإعدام، وغيرت الحكم بالإقامة الجبرية بعد إجباره علي الاعتذار، بل أثر اكتشافه علي ضعف بصره لشدة تفقده لأشعة الشمس من خلال منظاره الفضائي، وغيره من العلماء الذين فقدوا حياتهم وأموالهم لنجاة الإنسان، ولكن حين يتجنب المجتمع تأصيل الأخلاق في ثقافة تعاملاته، خاصة مع بدء السنوات الأولي لأبنائه، فلابد من ظهور تصدعات وشروخ في لحمته، وتكرار قتل الطلبة والأطفال في مدارس الولايات المتحدة صورة كربونية لاستقلال النهج العلمي عن زراعة ثقافة الأخلاق في نفوس الأجيال.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2