"متأفورش"

"متأفورش"سعيد صلاح

الرأى10-3-2024 | 16:30

في الأوقات التي تملؤها الآراء المتضاربة والمتباينة، وفي الأوقات التي تهتز فيها الرؤية وتتعدد وجهات النظر غير المختصة وتكاد تسود وتغلب، يكون من الحصافة التريث والتدقيق فيما يكتب،ومن المنطفق والحكمة رد الشيء إلي أهله، وإعمال الأمر الإلهي الوارد في قوله تعالي "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ"، فعلينا أن نسال ونستوضح إن كنا لا نعلم ولا ندري، ولا نفتي من أنفسنا في أمور جل معرفتنا فيها كلمات وردت في "بوستات" بعض المرابطين المأجورين خلف الكيبورد والشاشات الزرقاء دون علم أو عمل.

الحديث خاصة فيما يتعلق بالاقتصاد يختلف تماما عن الحديث في السياسة أو الأمور الأخري فقد يتأثر الاقتصاد تأثرًا بالغًا بمعلومة أو كلمة أو رأي أو إشاعة، فتهدم أو تبني اقتصاديات بسبب إشاعة أو معلومة صحيحة والتاريخ ممتليء بحالات وأمثلة، لذلك علينا جميعًا أن نعطي العيش لخبازة ونستمع لمن هم أهل الثقة وأهل العلم والتخصص إن كنا نريد أن نفهم ونصل إلي المعلومة والرأي الصحيح لتحقيق ما نريده جميعا وهو أن تطمئن قلوبنا علي البلاد وأحوال العباد.

كلنا نعلم - بحسب ما كنا نتابع- أن فكرة التعويم لم تكن بعيدة عن التوقعات علي ضوء الأزمة الاقتصادية المتفاقمة وتعاظم التضخم في الخارج والداخل، لذلك قد يبدو متوقعًا أيضا وربما مقبولا أن تكثر وتتباين الآراء حول الجدوي الاقتصادية لـ قرارات البنك المركزي الأخيرة بشأن تحرير الجنيه ورفع الفائدة وإطلاق الشهادات ذات عائد الـ 30%.

فقد رآها البعض إيجابية وضرورية لردم الفجوة بين السوق الرسمية والأخري الموازية أو"السوق السوداء"، والحد من تقلبات الأسعار بالنسبة للسلع والخدمات، فيما يراها البعض الآخر أنها سوف تحدث اضطرابًا كبيرًا في السوق، مما يدفع المستوردون إلي السوق الموازية لشراء الدولار في ظل عدم امتلاك البنك المركزي للسيولة النقدية لتغطية حلقة الاستيراد، الأمر الذي سيؤدي إلي ارتفاعات كبيرة في سعر الصرف وبالتالي المزيد من الغلاء.

ورغم أن ذلك مردود عليه بشكل قاطع من البنك المركزي بالتأكيد علي أن مصر لديها حاليًا ما يكفي ويفيض لسداد التزاماتها الدولارية، وأن عدم توحيد سعر الصرف سيؤدي حتمًا إلي وجود سوق سوداء في كل شيء، إلا أن هذا التخوف يتم تناقله بلا تقييم أو إعمال للعقل أو رده إلي المختصين والمتخصصين، وهو ما أتمني أن يحدث وأشرت إليه وإلي أهميته في السطور السابقة.

لا أحد ينكر أن المصريين – وأنا منهم – يعانون كثيرًا مع الزيادة المفرطة في الأسعار نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه، وأنهم يأملوا أن تجنبهم الإجراءات الجديدة، المزيد من الغلاء وتقليص قدرتهم الشرائية خاصة وأن شهر رمضان علي الأبواب، والذي يشهد في الغالب ارتفاعات كبيرة في الأسعار خاصة ما يخص السلع التموينية الاستراتيجية، لذلك من المفيد والصحي ألا نغالي في التفاءل، ولا نغالي في التشاؤم.. يعني بالبلدي "متأفورش".

وإن كنت أميل إلي التفاؤل أكثر بل والإفراط فيه، لأن المبشرات كثيرة، فإنني مرة أخري أنصح بالاستماع إلي أراء المتخصصين الموثوق في قدرتهم العلمية والمهنية علي فهم وتحليل الأمور بشكل يبعث في النفوس كثير من الأمل، والذي لو دعمناه بمزيد من الثقه في حرص القيادة الوطنية للبلاد علي النجاح والعبور بالوطن من خضم هذه الأزمة، سوف يكون هناك خير كثير نشهده في القريب العاجل إن شاء الله.

حفظ الله الجيش .. حفظ الله الوطن

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2