يوافق يوم 16 مارس من كل عام يوم المرأة المصرية، وعلى الرغم من صدور العديد من التعديلات القانونية التي يشار إليها باعتبارها إنجازات لصالح المرأة المصرية، إلا أن هناك معاناة شديدة تواجه النساء في ساحات العدالة بسبب آليات تنفيذ القوانين الذي يساهم في إهدار حقوقهن، فما بين أحكام قضائية متضاربة إلى آليات تنفيذ متواضعة تقع النساء ضحايا معدلات مقلقة للعنف، لا سيما العنف المنزلي الذي بات مسلسل عرض مستمر لا ينتهي، و العنف المنزلي ليس مجرد مسألة خاصة تحدث بين جدران المنازل، بل هو مشكلة اجتماعية كبرى تتعرض لها النساء والأطفال وتتطلب تحركًا جماعيًا لمحاربتها.
وطبقا لبيانات المسح الصحي السكاني الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في 2021، فأن 31% من السيدات اللاتي سبق لهن الزواج وفي الفئة العمرية 15-49 تعرضن لأحد صور العنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي على الأقل مرة واحدة وقام بارتكابها الزوج الحالي أو الزوج الأخير، وتعرضت 26% منهن للعنف الجسدي من قبل الزوج، بينما تعرضت حوالى 17 % منهن للعنف النفسي.
كل تلك الأرقام المفزعة تتعرض لها النساء في أكثر مكان من المفترض أنه يتمتع بالأمان، ودون تحرك من الدولة، فليس هناك قانون يجرم العنف المنزلي في مصر إلى الآن، وعلى الرغم من تعرض النساء بنسب عالية له إلا أن الدولة لا تجرمه. فضلا عن ضعف آليات التنفيذ وطول مدة إجراءات التقاضي، مما يجعل لجوء النساء للعدالة مخاطرة غير مضمونة العواقب.
ويشكل عنف مؤسسي، فمتوسط مدة التحقيق في بلاغات الابتزاز الإلكتروني وانتهاك حرمة حياة النساء وجرائم الإنترنت ما بين 6 أشهر وعام.
هذا بالإضافة إلى تعرض ضحايا بلاغات العنف الجنسي لإجراءات طويلة ومعقدة تشكل انتهاك مضاعف لحقوقهن وخصوصيتهن، فضلا عن صدور أحكام من محكمة الأسرة غير قابلة للتنفيذ وتشكل مخاطر على النساء وأطفالهن، مثل صدور حكم بإسقاط حضانة عن أمهات لمدة شهر أو 3 شهور، ومن المفترض أن تسلم طفلها لأسرة الأب دون وجود آليات لإعادة الطفل أو أجندة أمنية تحدد إجراءات الإعادة أو الحماية من الخطف أو الإيذاء، كما لا يوجد آلية لتمكين النساء من استعادة أطفالهن المخطوفين في إطار نزاعات أسرية، حيث يوجد لدى المركز المصري لحقوق المرأة عشرات البلاغات بأحكام قضائية للتسليم التي نعجز عن تنفيذها، وأخرها الطفلة حنين المعروفة بواقعة( خطف الأسانسير) حيث مضى أكثر من 3 أشهر ولم تتحرك مؤسسات الدولة لاستعادة الطفلة رغم صدور حكم بحبس الأب الخاطف.
ونحن إذ نحتفل بيوم المرأة المصرية لنشير إلى خطورة العنف المنزلي وعدم وجود آليات حماية قانونية مما يشكل عنف مؤسسي، لذا يطالب المركز المصري لحقوق المرأة بضرورة مراجعة القوانين ورقابة التطبيق، لتحقيق العدالة الناجزة. كما يجب إيجاد آلية تحقيق لحماية النساء والأطفال ، وتراجع تضارب الأحكام وتفصل فيها، ضرورة إصدار قانون يجرم العنف المنزلي بكافة أشكاله، تقديم الدعم القانوني والنفسي لضحايا المنزلي من النساء والأطفال، التوسع في إنشاء دور إيواء المعنفات على مستوى جميع المحافظات.
كما يجب أن تتعاون الجمعيات الأهلية العاملة في مجال المرأة من أجل تعزيز الوعي والتثقيف بشأن آثار العنف المنزلي على الأسرة وعلى المجتمع.