أثار إعلان لإحدى شركات التطوير العقارى موجة واسعة من الجدل، وذلك بسبب استعانته بأغنية " دقوا الشماسي " للمطرب الراحل عبد الحليم حافظ، حيث اعتبر الجمهور أن الإعلان يسيء للأغنية، وهو ما دفع أسرة العندليب إلى مقاضاة شركة الإعلانات والمطالبة بوقف الإعلان، وبالفعل أصدرت محكمة الأمور الوقتية قرارا بقبول الطلب المقدم من محامى أسرة العندليب بوقف الإعلان.
ومن المؤسف أن العديد من الوكالات الإعلانية، قد دأبت خلال السنوات الأخيرة على استباحة دم الأغنية وحقوق صناعها ، واستغلت بعض الراقصات وفتيات الإعلانات الروائع الغنائية لكبار المطربين؛ أمثال أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم وفيروز وسعاد حسني ، وقاموا بالرقص على ألحانها فى الإعلانات والكليبات والأفلام.
ومن هذه الروائع ألف ليلة وليلة، غناء أم كلثوم وألحان بليغ حمدى، وفكرونى ألحان عبدالوهاب، وزى الهوا لعبدالحليم وألحان بليغ حمدى، ويا واد يا تقيل وبانوا لسعاد حسنى وألحان كمال الطويل، حيث قامت راقصات مصريات وأجنبيات بالرقص عليها، سواء فى أفلام سينما، أو فى رقصات خاصة لحساب بعض القنوات الموسيقية التى انتشرت فى السنوات الأخيرة.
والوكالات الإعلانية هى الأخرى لم ترحم ملحنى وشعراء هذه الروائع، لضمان انتشار إعلاناتها دون أن تؤدى حقوق الأداء العلنى لأصحابها أو ورثتهم، ومن هذه الألحان نشيد " الوطن الأكبر"، لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وأغنيات "أنا لك على طول"، و"ضحك ولعب وجد وحب"، و" دقوا الشماسي " للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ ، وإيرما لادوس لشادية، و"بشرة خير" لحسين الجسمى، و"الحلوة لسة صغيرة" للسيندريلا الراحلة سعاد حسني ، و"ما تحسبوش يابنات" للفنان الموسيقار هانى شنودة وفرقة المصريين.
ومن الأغنيات الشهيرة التى تمت استباحة دمها فى الكثير من الإعلانات، أغنية " يا مصطفى يا مصطفى" للموسيقار الراحل محمد فوزي، والذى يعتبر من أكثر الملحنين والمطربين الذين يتم السطو على أغنياتهم وألحانهم؛ لأنه كان من الفنانين العباقرة السابقين لعصرهم، سواء هو أو الموسيقار العبقرى بليغ حمدي .
ولم ترحم الوكالات الإعلانية، روائع الأفلام والمسلسلات المصرية، والشخصيات الدرامية التى ما تزال تعيش فى وجداننا من هذا العبث، وقامت بتقديم هذه الشخصيات فى إعلاناتها، وخاصة شخصية "الست أمينة" التى تعبر عن المرأة المطيعة المقهورة المستكينة، ونقيضها "سى السيد" القاسى المتجبر، والشخصيتان تم تقديمهما فى الثلاثية الرائعة التى قدمتها السينما عن رائعة أديب نوبل نجيب محفوظ وأخرجها حسن الإمام.
والمشكلة أنه رغم ترسانة القوانين المحلية والمواثيق الدولية التى تحمى الملكية الفكرية وتمنع استغلال أى عمل فنى دون الرجوع إلى أصحابه الحقيقيين أو ورثتهم، فإن شركات الإعلانات وبعض الفنانين والراقصات لا يعترفون بتلك القوانين ، ويستحلون العبث بتراثنا الفنى العظيم، مستغلين تساهل بعض أصحاب هذه الأعمال وورثتهم فى المطالبة بحقوقهم وعدم لجوئهم للقضاء أوشرطة المصنفات الفنية لمنع ومصادرة ووقف الإعلانات.