شهر رمضان في كتابات الرحّالة والمستشرقين

شهر رمضان في كتابات الرحّالة والمستشرقينصورة أرشيفية

الدين والحياة8-4-2024 | 08:35

- كان من أقدم الرحّالة الذين زاروا مصر ورصدوا مظاهر شهر رمضان فيها هو الأب فليكس فابرى، الذى قدم إلى مصر فى رحلة عام 1483 وقدم شهادة تفصيلية فى دراسة بعنوان «الرحلة فى مصر»، وقال: إنه رأى «فى شوارع مصر الفوانيس بمختلف أشكالها وألوانها، يحملها الكبار والصغار»، وتحدث عن مهنة المسحّر (المسحراتي)، الذى يجوب القاهرة ليلا وينادى على الناس ويوقظهم؛ لتناول وجبة السحور ووصفه فابرى قائلا: «يمر ليلا فى الشوارع ثلاث مرات يدق على طبلة وينادى على الناس كل واحد باسمه».
- رصد المستشرق الإنجليزى إدوارد وليام لين، الذى زار مصر وأقام بها بضع سنوات، عادات المصريين فى دراسته الشهيرة بعنوان «عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم» بين عامى 1833-1835، فقال: «بعد أن يصل الخبر اليقين لرؤية القمر (الهلال) إلى محكمة القاضي، ينقسم الجنود والمحتشدون فرقا عديدة، ويعود فريق منهم إلى القلعة بينما تطوف الفرق الأخرى فى أحياء مختلفة فى المدينة ويهتفون (يا أتباع أفضل خلق الله! صوموا، صوموا)».

ويضيف: «إذا لم يروا القمر فى تلك الليلة، يصيح المنادى (غدا شعبان، لا صيام، لا صيام)، ويمضى المصريون وقتا كبيرا فى تلك الليلة يأكلون ويشربون ويدخنون، وترتسم البهجة على وجوههم كما لو كانوا تحرروا من شقاء يوم صيام، وتتلألأ الجوامع بالأنوار، كما فى الليالى المتعاقبة، وتُعلق المصابيح عند مداخل المآذن وأعلاها».

- قال العالم إدم-فرانسوا جومار فى دراسته بعنوان «وصف مدينة القاهرة وقلعة الجبل» التى وردت ضمن مجموعة دراسات موسوعة «وصف مصر»: «يبدأ شهر رمضان مع ميلاد هلال هذا الشهر، ويعلن عن ذلك موكب احتفالى يسبق بداية الشهر بيومين، ويتكون هذا الموكب من حشد من الرجال يحمل بعضهم مشاعل، وبعضهم يحمل عصي، ويقومون بأداء حركات مختلفة بها. ويفتتح سير الموكب عازفون يمتطون ظهور الجمال ويضربون على طبل معدنية، بينما يمتطى عازفون آخرون ظهور الحمير ويضربون كذلك على طبل أو يعزفون على بعض آلات النفخ الأكثر صخبا».

- قال الرحالة الإيرلندى ريتشارد بيرتون، الذى زار مصر عام 1853 فى أواخر عهد عباس باشا الأول (1848-1854)،: «بعد نصف ساعة من منتصف الليل ينطلق مدفع السحور منبها المسلمين بوجوب الاستعداد لتناول طعام السحور وهو بمثابة إفطار مبكر. وبمجرد سماع المدفع يوقظنى خادمو إذا كنت نائما.. ويضع أمامى بقايا وجبة المساء (الإفطار)».
ويضيف بيرتون: «أظل أدخن بوهن وضعف كما لو كنت أودع صديقا حميما حتى ينطلق المدفع الثانى فى حوالى الساعة الثانية والنصف معلنا الإمساك، ثم أنتظر أذان الفجر، الذى يُرفع فى شهر رمضان مبكرا شيئا ما عن المعتاد».

ويواصل بيرتون مشاهداته: «تبدو القاهرة عند اقتراب موعد المغرب (ساعة الإفطار)، وما أبطأ حلوله، وكأنها أفاقت من غشيتها، فيطل الناس من النوافذ والشرفات ليرقبوا اقتراب ساعة خلاصهم، وبعض الناس يصلون ويبتهلون وآخرون يسبحون بينما آخرون يتجمعون فى جماعات أو يتبادلون الزيارات لقتل الوقت حتى يحين موعد الإفطار.

ويضيف: «يا للسعادة! أخيرا انطلق مدفع الإفطار من القلعة. وفى الحال يجلجل المؤذن بأذانه الجميل داعيا الناس للصلاة، وينطلق صوت المدفع الثانى من قصر العباسية (نسبة لعباس باشا الأول). ويصيح الناس (الإفطار الإفطار) وتعم همهمة الفرح فى أنحاء القاهرة الصامتة».

- كتب العالم بوديه، أحد علماء الحملة الفرنسية، مقالا استهله بعبارة «فن صناعة الكنافة»، قال فيه: «يمسك شيخ الكنفانية فى يديه إناء تخترق قاعه ثقوب عديدة.. ويملأ هذا الإناء بخليط من سائل يتكون من دقيق القمح التركى أو الذرة البيضاء والبيض والماء، وعن طريق حركة دائرية يقوم بها الحرفى باليد، التى تحمل الإناء تنبسط المادة متسربة عن طريق الثقوب على سطح صينية محماة؛ لتنضج فى وقت قصير ثم تنفصل من تلقاء نفسها».

ويضيف: «المصريون شرهون للغاية لهذا النوع من الطعام، ويأكلونه وهو شديد السخونة، وفى معظم الأحيان فى المكان، الذى أعد فيه (أى فى المحل نفسه)».

- زار الفرنسى دى فيلامون مصر عام 1589، فقال عن عادات المصريين فى رمضان: «يجلس (المصريون) على الأرض يتناولون الطعام فى الفناء المكشوف أو أمام منازلهم، ولديهم عادة دعوة عابرى السبيل إلى مشاركتهم الطعام بصدق وحفاوة».

- أما الفرنسى جومار فيتحدث بإيجاز شديد عن صور وطبائع المصريين فى هذا الشهر قائلا: «تُقام الأعياد الدينية فى القاهرة ببذخ شديد. فالناس جميعا يعلمون أن رمضان هو شهر الصيام وحينئذ لا يمكنهم الأكل أو الشرب أو التدخين أو الاستمتاع بأية تسلية بين شروق الشمس وغروبها. لكن هذا الحرمان، الذى يطول أو يقصر حسب الفصل (من عشر إلى 14 ساعة فى القاهرة)، يتبعه استمتاع كاف يساعد على نسيان هذا الحرمان».

ويضيف جومار: «الفرق بين صوم المسلمين وصوم المسيحيين هو أن المسلمين يحيون ليالى رمضان باحتفالات، بينما يحضرون فى النهار، فى جمع كبير، دروس الوعظ فى المساجد بورع شديد أو يشغلون أنفسهم بالعمل أو بالنوم فى أغلب الأحوال. أما فى المساء فتبدو الشوارع مضاءة وصاخبة ويجتمعون فى أبهى ملابس، ويأكلون بلذة الحلوى وينغمسون فى كل أنواع التسلية».

- يتحدث الفرنسى دو شابرول فى دراسته المستفيضة بعنوان «دراسة فى عادات وتقاليد سكان مصر المحدثين» ضمن دراسات كتاب «وصف مصر» عن كيفية قضاء فئات المصريين نهار رمضان وتعاملهم مع فترة الصيام الشاقة، قائلا: «يسعى كل شخص فى النهار قدر طاقته كى ينهى عمله فى أسرع وقت، ليخصص بضع ساعات للنوم، فترى الفلاح راقدا تحت نخلة بعد أن أنهى فى فترة الصباح عمله، وترى التاجر يرقد فى دكانه، والعامة ممدين فى الشوارع بجوار جدران مساكنهم، بينما الغنى راقدا بالمثل، نعسان ينتظر على أريكته الفاخرة الفترة التى تسبق غروب الشمس، وأخيرا تأتى الساعة التى طال انتظارها، فينهضون على عجل ويهرع كل شخص للحصول على مكانه».

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2