الصبر نعمة كبيرة على من يمن الله تعالى بها، وهو إما الصبر على الابتلاء، أو صبر على الطاعة، والمسلم مأجور في كل الأحوال ما دام صابرا. وعلى الإنسان أن يسلم بما يقع له من ابتلاءات، وأن يستعين عليها بالذكر والقرآن الكريم.
ولقد اقتضت إرادةُ الله سبحانه وتعالى أن يمنح الإنسان اختيارًا في هذه الحياة تكريمًا له، وبمقتضى هذه المنحة قد يسيء فيظلم اﻷبرياء، ويلحق اﻷذى بهم ولهذا كان أنفع دواء يتحصن به أمام هذا الابتلاء هو الدفع بالتي هي أحسن مع التحلي ب الصبر الجميل.
والبلاء له صور كثيرة: بلاء في الأهل وفى المال وفى الولد، وأعظمها ما يبتلى به العبد في دينه.
وقد جمع للنبي كثير من أنواع البلاء فابتلى في أهله، وماله، وولده، ودينه فصبر واحتسب وأحسن الظن بربه ورضي بحكمه ولم يتجاوز حدوده فصار بحق قدوة يحتذي به لكل مبتلى. فاذا استشعر العبد هذه المعاني انقلب البلاء في حقه الى نعمة وفتح له باب المناجاة ولذة العبادة، وقوة الاتصال بربه وغير ذلك من أعمال القلوب ومقامات العبادة ما تعجز العبارة عن وصفة.قال وهب بن منبه: “لا يكون الرجل فقيها كامل الفقه حتى يعد البلاء نعمة ويعد الرخاء مصيبة، وذلك أن صاحب البلاء ينتظرا لرخاء وصاحب الرخاء ينتظر البلاء”.
وقال رسول الله (يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقارض)
وفى هذا الصدد، قالت دار الإفتاء: إن الله عز وجل امتن على عباده بأن جعل صبرهم من غير اعتراض على ما يصيبهم من أذى سببا لتكفير ذنوبهم وخطاياهم، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه» أخرجه البخاري في "صحيحه".
واستشهدت الإفتاء بحديث وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل على أعرابي يعوده وهو محموم، فقال: «كفارة وطهور»، أخرجه أحمد في "مسنده". فالمريض محل للعناية الإلهية بصبره على ما نزل به ورضاه بقضاء الله تعالى فيه، وأمره بذلك كله خير .