يوم الإثنين المجنون (5)

يوم الإثنين المجنون (5)عاطف عبد الغنى

الرأى22-4-2024 | 15:34

سردنا فى حلقات سابقة قصة صعود وهبوط دول "النمور الأسيوية"، التى مرت بتجربة نمو اقتصادى هائلة استغرقت تقريبا سنوات الربع الأخير من القرن العشرين، وانتهت بمشهد مثير تم فيه ضرب اقتصاديات هذه الدول فى ساعات، حيث نامت شعوبها واستيقظت يوم "اثنين مجنون" على وقع أزمات مالية كادت تودى ببعضها إلى الإفلاس، وسألنا فى المقال السابق: "هل هناك وجه شبه أو مقارنة بين "حالة النمور"، و"حالتنا" فى أزمتنا الاقتصادية الأخيرة؟!.. وقلت: "لا نستطيع أن نجيب بـ "نعم أو لا".. لماذا؟.. لأن هذه الدول لم تواجه مثلا الضغوط والتحديات الداخلية والخارجية التى واجهتها مصر منذ ثورة 25 يناير 2011 وإلى الآن.

وعلى الرغم من هذه العوامل الضاغطة، استطاعت القيادة السياسية ممثلة فى الرئيس السيسي - ومنذ أن تولى الحكم فى شهر يونيو 2014 - أن تخلق أملا للمصريين، وحلما فى التنمية لم يقل عن أحلام "النمور"، وتخلل العمل على تحقيق هذا الحلم مكافحة المتشابه من عوائق واجهت كلتا التجربتين (تجربة النمور وتجربتا)، مثل مكافحة البيروقراطية، والفساد، الذى تجذر وتحول إلى ما يشبه الثقافة العامة، ومناوءة اللاعب الخارجى الذى يسعى على الدوام إلى توجيه دفة اقتصاديات الدول الناشئة والطموحة لصالحه، من خلال ربط مصالح هذه الدول بمصالحه وتحويلها إلى دول رخوة للسيطرة وتحقيق الربح السريع، لا يأبهون بأى نتائج، وهو ما حاولت مصر تجنبه، ومقاومته بشدة خلال العشرية الأخيرة، وفى نفس الوقت عدم إفساد علاقتها بالمؤسسات الأممية مثل البنك والصندوق الدوليين، للحفاظ على دعمهما؛ لتشجيع الاستثمارات الخارجية، وهكذا سارت مصر على حبل مشدود تحافظ على توازنها حتى لا تسقط فى أى فخ، ولا تفلت زمام الأمور من يدها، وفى نفس الوقت لا تتخلى عن حلمها الكبير فى أن تصبح دولة عصرية، توفر الحياة الكريمة لشعبها، وتمنحه حقوقه الأصيلة، التى حرم منها على مر الأحقاب والأنظمة السابقة، خاصة طبقاته المتوسطة وما دونها منها طبقات، فيما كان الفاسدون من سارقى مقدرات هذا الوطن، وأقوات شعبه دائما ما ينعمون بثرواتهم المنهوبة. ونعود للحاضر، نجمل عناوين التحديات الراهنة للاقتصاد المصري فى تباطؤ الصادرات غير النفطية، والاستثمار الأجنبي المباشر، وتقييد نشاط القطاع الخاص، وارتفاع الدين الحكومي والفجوة الدولار ية، التى هى السبب الرئيسي فى الوصول إلى الأزمة، التى كان لا بد من تقليلها من خلال الضرب بيد من حديد على المضاربين فى سوق العملة، وتقليص فاتورة الاستيراد وزيادة الصادرات.. وللكلام بقية.

أضف تعليق