يثور التساؤل عن أسباب الموقف الثابت ل مصر – وهو موقف تاريخي – عن رفض التهجير القسري للفلسطينيين الذي تسعي إليه إسرائيل بتنفيذها استراتيجية الجحيم بقطاع غزة بالقصف والحصار والتجويع لتنفيذ مخطط التهجير القسري لسكان قطاع غزة إلي سيناء ،وهو ما ترفضه مصر بثبات حفاظاً علي وطن فلسطين وعدم تصفية القضية الفلسطينية وحفظاً للأمن القومي المصري، رغم ما تقوم به إسرائيل من فظائع جرائم حرب وضد الإنسانية بالمخالفة الصارخة للقانون الدولي.
وفي سبيل معركة الوعي القومي العربي والمصري نعرض للدراسة المهمة للمفكر والمؤرخ القضائي القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة بعنوان ( لماذا ترفض مصر التهجير القسري للفلسطينيين؟ نظرات في معركة الوعي )
الأمم المتحدة قبلت إسرائيل كعضو كامل 1949 بموافقة 33 دولة فقط! ورفضتها ل فلسطين 2024 بموافقة 140 دولة!(مفارقات ظالمة انهارت معها المنظومة الأممية)
يقول الدكتور محمد خفاجي " استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض (الفيتو) ضد قرار قبول عضوية فلسطين عضوية كاملة بالأمم المتحدة ,ولو لم تستخدم أمريكا حق الفيتو لكان القرار سيوصي بأن توافق الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤلفة من 193 عضوا، والتي لا يوجد فيها حق النقض، علي أن تصبح فلسطين العضو رقم 194 وهو ما كان يحلم به العرب ولا ريب في إساءة استخدام حق الفيتو لأنه يحرم الشعب الفلسطيني من حق تقرير المصير في العيش في وطن فلسطين كدولة مستقلة حرة ذات سيادة مثل باقي الشعوب التي تمتعت بحق تقرير المصير . "
ويضيف "صحيح أن الاعتراف بدولة فلسطين كدولة ذات عضوية كاملة لا يترتب عليه بصفة تلقائية إنهاء هذا الاحتلال الغاصب , لكن الاعتراف بهذه العضوية الكاملة كانت ستكون بمثابة حجر الأساس لإنهاء هذا الاحتلال , كان سيكون انتصاراً رمزياً لنضال شعب له دولة من حقها أن تتمتع كغيرها من الدول بامتيازات عضوية الأمم المتحدة، مثل حق التصويت وحق التناوب علي مقعد في مجلس الأمن الذي فشل في تحقيق أبسط حقوق الشعب المحتل من نير الاستعمار البغيض علي مدار قرنين "
ويشير "ومن المفارقات الظالمة التي تدل علي انهيار المنظومة الأممية أن الأمم المتحدة قبلت إسرائيل كعضو كامل في الأمم المتحدة في عام 1949 بموافقة 33 دولة فقط! وعلي الرغم من كونها دولة غاصبة لأرض فلسطين , بينما رفضتها ل فلسطين عام 2024 رغم موافقة 140 دولة! علي الرغم من كونها أرض فلسطين المحتلة وتخضع لنير الإحتلال الاستعماري غير المشروع "
الفيتو الأمريكي ضد الإرادة الدولية! في واحدة من أحلك صور العبث الدولي بمصير شعب عربي
ويذكر " من الظلم البين أن 140 دولة يتم تعطيل رغبتها الدولية الجماعية في الاعتراف ب فلسطين كدولة كاملة العضوية ونحن في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين , بينما 33 دولة فقط مكنت إسرائيل في منتصف القرن الماضي بالعضوية الكاملة علي أرض محتلة , حيث تم اعتماد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 273 في 11 مايو 1949 تم تمريره بقبول عضوية إسرائيل عضوية كاملة في الأمم المتحدة بعد تبني قرار مجلس الأمن رقم 69 في 4 مارس 1949, بعد أن تسلمت الجمعية العامة تقرير مجلس الأمن حول طلب إسرائيل الدخول في عضوية الأمم المتحدة , وكان قرار مجلس الأمن حينها أنه تلاحظ أن إسرائيل بحسب تقدير مجلس الأمن، دولة محبة للسلام وقادرة علي تحمل الالتزامات الواردة في الميثاق وراغبة في ذلك! ومن ثم فإن الجمعية العامة،عملاً بتأدية وظائفها المنصوص عليها في المادة 4 من الميثاق والقاعدة 125 من قواعد سير العمل , قررت 1- أن إسرائيل دولة محبة للسلام راضية بالالتزامات الواردة في الميثاق، قادرة علي تنفيذ هذه الالتزامات وراغبة في ذلك.! 2- وقررت أن تقبل إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة!. وهو ما يبين معه بوضوح أن الفيتو الأمريكي عام 2024 لغير أصحاب الأرض ضد الإرادة الدولية! في واحدة من أحلك صور العبث الدولي بمصير شعب عربي ."
بلوائح الأمم المتحدة الاصلاحية عام 2022 للحد من إساءة استخدام الفيتو عضوية فلسطين الكاملة أمام الجمعية العامة وعلي أمريكا تقديم تفسيرات مقنعة لحق النقض للعالم
ويذكر "إن حق النقض الذي استخدمته الولايات المتحدة الأمريكية ضد مشروع قرار مجلس الأمن الدولي بالاعتراف ب فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة وليس مجرد مراقب سوف يحال إلي الجمعية العامة. لأنه منذ أبريل 2022، وبعد إصلاح لوائح الأمم المتحدة، فإن الحالات التي تستخدم فيها دولة عضو دائمة حقها في النقض يجب أن تحال بالضرورة إلي الجمعية العامة للمناقشة، إذ تنص اللوائح بأن كل قرار يتم اعتراضه يجب أن يصل إلي الجمعية العامة في غضون أيام العمل العشرة التالية . والتاريخ في هذه الحالة تقريبا في 7 مايو المقبل "
ويوضح " يكمن الهدف التعديل الإصلاحي للوائح الأمم المتحدة إلي الحد من إساءة استخدام حق النقض، لأن هذا يجبر إحدي الدول الخمس الدائمة العضوية التي تستخدمه وهي (الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة)علي تقديم تفسيرات في الجمعية العامة، حيث تجلس جميع الدول، الكبيرة و الصغيرة، علي قدم المساواة في نقاش هذه التفسيرات وعلي الرغم من أن ما يسفر عنه قرارات الجمعية العامة ليس ملزماً كقرار مجلس الأمن ولكن له قيمة رمزية كبيرة لا يستهان بها دولياً . "
مصر موقفها ثابت تجاه فلسطين وعضويتها الكاملة
يقول الدكتور محمد خفاجي " إن مصر موقفها ثابت تجاه فلسطين وعدم تهجيرهم قسرياً من ديارهم وعدم تكرار أخطاء القرن الماضي , وثابت أيضاً تجاه عضويتها الكاملة بالأمم المتحدة وأبدت أسفها العميق إزاء عدم قدرة مجلس الأمن الدولي علي الموافقة علي دخول فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة، وليست فقط دولة مراقبة. واعتبرت مصر أن عرقلة الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في قبول دولته لا ينسجم مع المسئولية القانونية والتاريخية الواجبة علي عاتق المجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال والتوصل إلي حل نهائي وعادل للقضية الفلسطينية .حيث أن قرار مجلس الأمن حال عدم استخدام الفيتو الأمريكي كان سيفتح الباب أمام انضمام فلسطين إلي الأمم المتحدة، بحسبان أنه يأتي في لحظة حرجة في منطقة الشرق الأوسط ، وحثت الدول الساعية للسلام إلي تحمل مسئوليتها التاريخية وتبني موقف داعم لحقوق الفلسطينيين خلقاً لأفق سياسي حقيقي لإحياء عملية السلام في المنطقة وتحقيق الحل النهائي للقضية الفلسطينية علي أساس حل الدولتين"
ويضيف " إن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وحقه في حصول بلاده علي العضوية الكاملة بالمنظمة الدولية مثل باقي الدول ليس قابلاً للتصرف وبدون الاعتراف ل فلسطين بالعضوية الكاملة كدولة ذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية، التي احتلتها إسرائيل عام 1967، لن ينعم الشرق الأوسط بأي أمن أو سلام ولا إسرائيل ذاتها "
أمريكا وحيدة في مجلس الأمن ضد عضوية فلسطين وستكون عزلتها أكثر وضوحاً في الجمعية العامة,و الفيتو الأمريكي محاولة يائسة لوقف المسار الحتمي للتاريخ
يضيف الدكتور محمد خفاجي " إن حق النقض الذي استخدمته أمريكا ضد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للاعتراف ب فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة وليس مجرد مراقب سيكون أمام الجمعية العامة. إعمالاً للإصلاح الذي تم في لوائح الأمم المتحدة منذ أبريل 2022، واستنانه قاعدة جيدة مفادها أنه في الحالات التي تستخدم فيها دولة عضو دائمة من الدول الخمس – وهي الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة - حقها في النقض يجب أن يحال بالضرورة إلي الجمعية العامة للمناقشة، في موعد غايته أيام العمل العشرة التالية للرفض ,وغايته هنا 7 مايو المقبل . "
ويشير " قد شهدت جدران مجلس الأمن أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت وحيدة في معارضتها للدولة الفلسطينية والاعتراف لها بالعضوية الكاملة,فقد صوتت اثنتا عشرة دولة لصالح فلسطين وامتنعت دولتان عن التصويت هما إنجلترا وسويسرا، وكان التصويت الوحيد المعارض من جانب أمريكا فقط ! وبهذه المثابة فإن عزلة أمريكا ستكون أكثر وضوحاً في الجمعية العامة، إزاء ما ثبت من أن 140 دولة من بين أصل أسرة المجتمع الدولي وعددهم 193 دولة لديها بالفعل الاعتراف ب فلسطين وبحقها في تلك العضوية وهو ما سوف تشهده بالفعل الجمعية العامة في موعد أقصاه 7 مايو المقبل "
ويؤكد "علي الرغم من أن مناقشة الجمعية العامة للرفض الأمريكي وإن كان يسفر عنه قرارات لا تتمتع بقوة الإلزام القانوني إلا أن لها قيمة رمزية وأدبية لا يستهان بها في ضميرالمجتمع الدولي , وإذا وافقت الجمعية العامة علي العضوية الكاملة ل فلسطين ستجعل الفيتو الأمريكي معزول عن العالم , حتي الدول التي كان موقفها غامضاً خلال خطاباتها السابقة مثل فرنسا واليابان وكوريا والإكوادور انضمت أخيرا إلي الطلب الفلسطيني العادل"
ويختتم " مما يؤكد عزلة أمريكا عن المجتمع الدولي في معارضتها لفكرة إقامة دولة فلسطينية أن هذه هي المرة الرابعة منذ 7 أكتوبر 2023 التي تستخدم فيها حق النقض لصالح إسرائيل ,فقد استخدمت حق النقض ضد ثلاثة قرارات تدعو إلي وقف فوري لإطلاق النار في غزة مما رفع مرتبة فلسطين في ضمير العالم , والتاريخ يتذكر استخدام أمريكا لحق النقض ضد دخول دولة ما منذ عام 1976، عندما لم تسمح لفيتنام بالانضمام. ومن ثم فإن استخدام الفيتو الأمريكي ضد فلسطين محاولة يائسة لوقف المسار الحتمي للتاريخ "