أكد سفير ألمانيا بالقاهرة فرانك هارتمان ، أن اتفاقية الشراكة الإستراتيجية والشاملة تعد فرصة تاريخية للارتقاء بالعلاقات بين مصر و الاتحاد الأوروبي إلى مستوى غير مسبوق من التعاون الاستراتيجي ، حيث تعمل الاتفاقية على تعميق العلاقات المتبادلة التي يستفيد منها الجانبان .. موضحا أن هذه الاتفاقية تدعم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في مصر وتلتزم بمواصلة تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة والديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص.
كما أكد في حوار خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الأحد، استعداد بلاده دعم أجندة الإصلاح في مصر لضمان النمو الاقتصادي المستدام والشامل والاستقرار على المدى الطويل.. مشيرا إلي أن حزمة الدعم تتماشي وتتسق مع الاتفاقية المبرمة للخبراء بين صندوق النقد الدولي و مصر والتي سيتم مراجعة تنفيذها بشكل مستمر.
وأفاد بأن مؤتمر الاستثمار بين الاتحاد الأوروبي و مصر الذي سيعقد يومي ۲٩ و۳۰ يونيو بالقاهرة سيكون بمثابة منعطفا هاما لجذب المزيد من الاستثمارات الأوروبية في مصر.. معربا عن أمله في جذب شركات ومستثمرين ألمان جدد .. مشددا علي ضرورة العمل علي مواصلة تحسين بيئة الأعمال وخلق فرص متكافئة في الاقتصاد لتحقيق الإمكانات الاقتصادية الكاملة لمصر.
وعن صندوق النقد الدولي ، أفاد بأن الاتفاقية بين مصر والصندوق ترتكز علي تنفيذ برنامج طموح للإصلاحات الاقتصادية الهيكلية.. معربا عن تفاؤله بأن هذا البرنامج سيساعد مصر على وضع مواردها المالية على أسس أكثر استدامة، وخفض معدل الدين وزيادة حيوية الاقتصاد .
وفيما يتعلق بالدعم المالي لمصر، قال إن الاتحاد الأوروبي سيوفر حزمة دعم بقيمة 4ر7 مليار يورو سيتم صرفها على مدى السنوات الأربع المقبلة ، مشيرا إلي أن ألمانيا تمول ربع ميزانية الاتحاد الأوروبي وتخضع حزمة الدعم لاستيفاء الشروط الواردة في الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي وتعتمد على التقدم في الإصلاح.
وأضاف أن ألمانيا تتعاون مع مصر في عدة مجالات من أجل خلق الظروف المواتية لنمو القطاع الخاص ويصبح أكثر قدرة علي التنافس ، لافتا إلي أهمية دور القطاع الخاص الذي يوفر 9 وظائف من كل 10 في العالم.
واعتبر أن أول مراجعة ناجحة لصندوق النقد الدولي والإجراءات الإصلاحية المرتبطة بها بما في ذلك تعويم الجنيه المصري تعد من الأخبار الجيدة للغاية .
وأعرب عن اعتقاده بأن الانضباط المالي وزيادة الشفافية في الإنفاق الحكومي يعتبران عنصرين مطلوبين لتعزيز ثقة المستثمرين.. مؤكدا علي أهمية استمرار الدعم الحكومي للرعاية الاجتماعية والصحية والتعليم بهدف دعم التماسك الاجتماعي والتخفيف من آثار الصعوبات الاقتصادية.
وعن التعاون مع مصر ، قال هارتمان إن ألمانيا تعد واحدة من أكبر الشركاء التجاريين ل مصر .. مشيرا إلي أن التبادل التجاري بين البلدين ارتفع من 5ر5 مليار يورو في عام 2022 إلي 8ر6 مليار يورو عام 2023 .
وأضاف أن شركة سيمينز موبيلتي تنفذ مشروعا تاريخيا لبناء شبكة سكك حديدية جديدة بطول ألفين كيلومتر من مرسي مطروح إلي العين السخنة وسفاجا وأبو سمبل ؛ وتتضمن الاستثمارات الألمانية في مصر مصنع شركة بوش سيميز للأجهزة المنزلية في مدينة العاشر من رمضان والذي سيتم تشغيله أواخر هذا العام فضلا عن محطة الحاويات الجديدة في دمياط التي تنفذها الشركتان يوروجيت وهاباج لويد بهدف أن تصبح دمياط مركزا جديدا لإعادة الشحن إلي منطقة شرق البحر المتوسط بداية من عام 2025 .
ولفت إلي أن محفظة مشروعات التعاون التنموي المثمر بين مصر وألمانيا التي بدأت في السبعينات ، بلغت قيمتها 6ر1 مليار يورو والتي تركز علي مساعدة مصر علي إصلاح نظام التدريب المهني، وتوسيع وتحديث شبكة الكهرباء، وأنظمة المياه والري، والتنمية الحضرية .
وعن الهجرة ، قال هارتمان إن برلين تولي اهتماما كبيرا بجذب العمالة المصرية المهرة وهناك العديد من المصريين المتعلمين بشكل جيد والمؤهلين للعمل في ألمانيا و الاتحاد الأوروبي ، والشركات الألمانية ترغب في هذه العمالة المهرة ، مؤكدا أن ألمانيا تعمل مع الشركاء المصريين لوضع نظام يفيد كلا الجانبين والأفراد لتشجيعهم علي العمل بالخارج .. مشيرا إلي أن بلادنا قامت مؤخرا بتجديد التشريعات المتعلقة بطلبات التأشيرة المقدمة من العمال المهرة، بهدف تقليل العقبات البيروقراطية وتسريع الإجراءات .
وعن الهجرة غير الشرعية ، أوضح أن اتفاقية التعاون الأمني مع مصر تتضمن التعاون لمكافحة المهاجرين والاتجار بالبشر وتعزيز أمن الحدود وتشجيع علي العودة الطواعية .
وعن العلاقات السياسية بين البلدين ، أكد هارتمان أن برلين تركز حاليا في علاقاتها السياسية مع مصر علي أهمية إيجاد السبل لإنهاء الكارثة الإنسانية المأساوية في غزة وإنهاء الحرب من خلال وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في أقرب وقت ممكن ، موضحا أن ألمانيا و مصر تدعوان إسرائيل إلى الامتناع عن شن هجوم بري عسكري في رفح، حيث يتجمع أكثر من 5ر1 مليون فلسطيني في ظروف إنسانية قاسية وسيؤدي هذا الهجوم إلي خسائر فادحة في الأرواح .
وأضاف أن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك عرضت خلال زيارتها الست للمنطقة التنسيق الوثيق والدعم مع الحكومة المصرية والشركاء العرب لوضع خطة شاملة لإعادة الانخراط في العملية السياسية لإيجاد السلام الدائم علي أساس حل الدولتين .
وعن المساعدات ، قال إن بلاده قررت استئناف تعاونها وتمويلها لوكالة "الأونروا" التي تلعب دورا حيويا لتقديم المساعدات للشعب الفلسطيني ونعتبر أن هذه المساعدات شقا أساسيا في السياسية الخارجية الألمانية وتعد من ألمانيا من أهم الدول المانحة دوليا .. مضيفا أن برلين قدمت مساعدات للأراضي الفلسطينية بقيمة 255 مليون يورو منذ عام 2023 من بينها 94 في المائة مخصصة لدعم سكان غزة .
وأشار إلي زيادة مساهمة برلين ثلاث مرات للتخفيف من الظروف الكارثية التي يعيشها الفلسطينيون في غزة منذ أكتوبر الماضي ، مؤكدا أن ألمانيا تنخرط بقوة في العمل علي ضمان وصول وكالات الأمم المتحدة إلي مناطق الصراع وتوزيع أكبر للمساعدات في غزة .
وعن المساعدات لدولة السودان ، أكد أن بلاده تولي اهتماما كبيرا بمعالجة النزاع في السودان والمعاناة الرهيبة التي يعيشها الشعب السوداني وقد استضافت ألمانيا، بالتعاون مع فرنسا والاتحاد الأوروبي، مؤتمر باريس للمانحين في منتصف أبريل ؛وقد تم جمع أكثر من 1ر2 مليار يورو للمساعدات الإنسانية للسودان من بينها 244 مليون يورو مساعدات ألمانية في أكبر تعهد من دولة واحدة .
وأعرب عن تقديره واعجابه بجهود مصر بتوفير الملاذ الآمن للعديد من اللاجئين من السودان الذي يعد إنجازا إنسانيا هاما ، مؤكدا علي استمرار انخراط برلين لتحسين ووصول المساعدات الإنسانية ووقف فوري للقتال في السودان .