لم تحظ الأيدي العاملة في مصر، طوال تاريخها، بهذا الاهتمام من القيادة السياسية، مثلما تحظى به الآن في حلم الجمهورية الجديدة، التي أصبحت حقيقة نعيشها، فالدولة في الوقت الراهن تؤمن بأن العنصر البشري المؤهل والكفء، من أهم عوامل التنمية ونهضة الأوطان..
ولهذا تتسارع "وتيرة العمل والتطوير" بوزارة العمل، بوصفها المسئولة عن الأيدي العاملة في مصر، من أجل تأهيل الشباب المصري لسوق العمل الداخلية والخارجية، وهو ما أكده الوزير حسن شحاتة وزير العمل في حواره لـ "أكتوبر" كاشفا العديد من الإنجازات، التي تحققت للعمالة المصرية، من بينها تحسين أجور 30 مليون عامل بالقطاعين الحكومي والخاص، وتمكين المرأة اقتصاديا وتقديم مزيد من الرعاية والتثقيف للمرأة العاملة، وإطلاق منظومة صحية شاملة قريبا للعمالة غير المنتظمة، ومنح الشباب المصري شهادة مهنية تؤهله لسوق العمل الدولية، ومنح ذوي الهمم حقهم في فرص التشغيل، التي أقرها لهم القانون وحرمتهم منها بعض منشآت القطاع الخاص..
أسئلة عديدة حملناها للوزير حسن شحاتة، وملفات مهمة فتحناها معه، في سياق هذا الحوار..
تحسين الأجور من أكثر الملفات التي تهتم بها الدولة حاليا، فإلى أين وصل هذا الملف؟
القيادة السياسية تسعى دائما نحو تحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، وتوفير الحياة الكريمة لهم، وتأكيدا لهذا فهناك زيادة فى مخصصات الأجور لتصل إلى 573 مليار جنيه فى العام المالي الجديد 2024 - 2025؛ لاستيعاب الحزمة الاجتماعية الأخيرة، مقارنة بـ 470 مليار جنيه فى موازنة العام المالي الحالي، كما أنه وبرغم التحديات العالمية، رفعت الدولة - بتوجيهات رئاسية - أجور العاملين فى القطاعين الحكومي والخاص بشكل متسارع، خاصة خلال الـ 5 سنوات الماضية؛ ليتطور الحد الأدنى لرواتب العاملين بالدولة من 1200 جنيه قبل عام 2017، إلى 6000 جنيه فى مارس الماضي، ويستفيد من هذا ما بين 5 إلى 6 ملايين موظف، كما ارتفع الحد الأدنى للعاملين بالقطاع الخاص من 2400 جنيه فى يناير 2022 إلى 6 آلاف من مايو 2024 ويستفيد منه 18 مليون عامل.
هذا بالنسبة للعاملين بالقطاعين الحكومي والخاص، فكيف اهتمت الدولة بالعمالة غير المنتظمة؟
ملف العمالة غير المنتظمة أيضًا من الملفات، التي أولتها الدولة بشكل عام، ووزارة العمل بشكل خاص، اهتماما غير مسبوق، أصدرت قرارا وزاريا فى بداية العام الجاري، باستحداث منحتين يضافان إلى المنح السابقة؛ ليصبح إجمالي المنح المقدمة لهم فى الأعياد والمناسبات 6 منح، كما تقرر صرف إعانة فورية تصل إلى 200 ألف جنيه فى حالة الوفاة.
و يعكف المختصون بشئون العمالة غير المنتظمة، بملف التحول الرقمي بالوزارة على الانتهاء من الإجراءات التنفيذية، التي بدأت بالفعل، بشأن إطلاق «المنصة الإلكترونية»، التي تهدف إلى تقديم خدمات للعمالة غير المنتظمة إلكترونيا، وذلك من كل جوانبها «المالية والفنية وقواعد البيانات».
ليس هذا فقط، بل نستهدف خلال 2024، التعاقد مع إحدى الشركات الرائدة فى تقديم الخدمات الطبية، لتقديم الخدمة الشاملة لدى أكثر من 2500 مقدم خدمة من مستشفيات ومراكز طبية ومعامل تحاليل
ومراكز أشعة، وصيدليات على مستوى الجمهورية، للعمالة غير المنتظمة المسجلين بقواعد البيانات المركزية بالوزارة.
وهذا ليس بداية اهتمام الدولة بالعمالة غير المنتظمة، فقد جاءت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي مباشرة وصريحة فى تقديم كل الدعم لهذه الفئة، فمنذ 2014 اتبعت الدولة سياسات غير مسبوقة؛ لدعم العمالة غير المنتظمة، فكانت المنحة الرئاسية، الاستثنائية، بصرف 4,586 مليار جنيه؛ لمواجهة تداعيات كورونا، منها 1,400 مليار من حسابات الرعاية الاجتماعية والصحية للعمالة غير المنتظمة التابعة لوزارة العمل، وذلك تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية، بشأن منح مبلغ 500 جنيه دعم للعمالة غير المنتظمة..
وخلال الفترة من يناير 2023، حتى الآن بلغ إجمالي المبالغ المنصرفة على الرعاية الاجتماعية والصحية للعمالة غير المنتظمة، من المسجلين عن طريق المقاولين، بقواعد البيانات لدى الوزارة بكل المحافظات، 809 ملايين و46 ألفا و218 جنيها على الرعاية الاجتماعية والصحية استفاد منها 289 ألفا و125 عاملا، وكذلك رعاية صحية وطبية تضم «كشف وعلاج وتحاليل»، بواقع 2 مليون و874 ألفا و875 جنيها، استفاد منها 12 ألفًا و378 عاملا، كما بلغ إجمالي تعويضات بوليصة التأمين على الحياة 13 مليونًا و32 ألفا و670 جنيها استفاد منها 113 من العمال المسجلين وأسرهم.
هل زادت معدلات البطالة كما يروج البعض أم انخفضت أم لم تتغير كثيرا فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية؟
رغم الظروف الاقتصادية العالمية، فمعدلات البطالة فى مصر قد انخفضت، حيث ساهمت وزارة العمل بالتعاون مع الجهات الوطنية الشريكة فى الدولة فى خفض معدل البطالة من 13% عام 2014 إلى 6.9% الآن.
فقد قمنا بتوفير فرص تشغيل، فى الداخل والخارج، ولا زلنا نوفر من خلال النشرة القومية للوظائف، التي تعلنها وزارة العمل كل 15 يومًا، بالإضافة إلى وظائف يتم توفيرها من خلال ملتقيات التوظيف فى كل المحافظات، التي يتم تنظيمها بالتنسيق مع شركات القطاع الخاص، وأيضا من خلال مكاتب التشغيل التابعة للوزارة، فضلا عن فرص تشغيل يتم توفيرها عن طريق شركات إلحاق العمالة المرخصة، التي تشرف عليها الوزارة، فضلًا عما توفره مكاتب التمثيل العمالي، إذ تمتلك الوزارة 9 مكاتب تمثيل عمالي فى بلدان يعمل فيها ما يقرب من خمسة ملايين عامل مصري..
وحتى يدرك القارئ، حجم ما تم إنجازه فى ملف التشغيل، فقد نظمت الوزارة من خلال مديرياتها، فى عام 2023 فقط، 30 ملتقى توظيفًا بالمحافظات بالتعاون مع شركات القطاع الخاص، كما نجحت الدولة المصرية فى توفير 7 ملايين و240 ألفا و77 فرصة عمل فى الداخل والخارج، بينها 3 ملايين و32 ألفا و567 فرصة لشباب وفتيات فى الداخل فقط، وذلك خلال الفترة من 2014 وحتى 2023.. ومنذ بداية 2023 وحتى الآن تم توفير 589 ألفا و963 فرصة عمل بالداخل، و461 ألفا و309 فرص بالخارج.
وأين ذوو الهمم من فرص العمل التي توفرها الوزارة؟
القيادة السياسية توجه دائمًا بالاهتمام بذوي الهمم، والعمل على دمجهم فى المجتمع، ووزارة العمل فى إطار التوجيهات الرئاسية تولي ملف ذوي الهمم عناية خاصة واهتماما كبيرا، ليس فى مجال توفير فرص العمل فقط، فعلى مدار عشر سنوات ماضية، قمنا بالعديد من الإجراءات التنظيمية لصالحهم، منها إنشاء وحدة مركزية لتدريب وتشغيل ذوي الهمم، وإطلاق مبادرة « مصر بكم أجمل» لتدريب وتشغيل ذوي الهمم وذلك على مرحلتين فى ست محافظات، استفاد منها ما يقارب ألف متدرب، كما حصل 622 متدربًا على فرص عمل، فضلًا عن تنفيذ 270 مشروعا خاصا لذوي الهمم ضمن برامج ريادة الأعمال.
و قامت الوزارة من خلال إدارات تفتيش العمل بالمديريات بتنفيذ 3924 حملة توعية تنشيطية لتفعيل قانون ذوي الهمم، «القانون رقم 10 لسنة 2018»، وتزامنا مع ذلك تم تنفيذ 170 ندوة توعية استفاد منها 3457 شخصًا من ذوي الهمم لتوعيتهم بحقوقهم القانونية وفرص العمل المتاحة لهم.
وقد تم توفير 94 ألفا و811 فرصة عمل لذوي الهمم، خلال الفترة من 2014 وحتى بداية 2023 بالإضافة إلى 13 ألفا، و832 فرصة عمل لذوي همم من يناير 2023 وحتى الآن، منها فرص لـ 1343 شابا وفتاة خلال شهري فبراير ومارس الماضيين فقط.
كما قامت مديريات العمل، خلال الفترة من أكتوبر 2023 وحتى يناير 2024 بحملات للتأكد من تنفيذ قانون ذوي الهمم، فتم فى هذا الإطار حصر 17 ألفًا و800 منشأة من إجمالي المنشآت، التي يزيد عدد عمالها على 20 عاملا، التي تبلغ 24 ألفا و69 منشأة يعمل فيها 2 مليون و716 ألفًا و812 عاملا، ووفقا للحصر فالعدد المعين من ذوي الهمم بتلك المنشآت فقط 75 ألفا و500 عامل؛ لاستيفاء نسبة ذوي الهمم وفقا للقانون بهذه المنشآت يجب تعيين 47 ألفا و583 عاملا آخرين من ذوي الهمم.
ننتقل إلى ملف آخر، ضمن اهتمامات الجمهورية الجديدة، وهو ملف تمكين المرأة فى العديد من المجالات، فعلى صعيد التمكين الاقتصادي للمرأة ماذا قدمت الوزارة؟
تحرص وزارة العمل على تمكين المرأة اقتصاديا وتأهيلها لسوق العمل، بالإضافة إلى دعم المرأة العاملة، وذلك بالطبع يأتي فى إطار إيمان القيادة السياسية والدولة المصرية بدور المرأة فى التنمية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، وخلال فترة 200 يوم (من سبتمبر 2023 وحتى مارس 2024) تم إطلاق برنامج تدريبي لتأهيل 305 امرأة، لتأهيلهن لسوق العمل بالتعاون بين «وحدة المساواة بين الجنسين» بالوزارة، وشركاء محليين ودوليين.
كما تحرص الوزارة تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية، على تنفيذ سياسة دمج المرأة فى سوق العمل من خلال توعيتهن بحقوقهن وواجباتهن داخل مواقع العمل والإنتاج، وأيضًا دمجهن فى كل الدورات التدريبية المهنية، التي تنفذها الوزارة عن طريق مراكز التدريب الثابتة، والمتنقلة على المهن، التي يحتاجها سوق العمل، فضلا عن أن الوظائف وملتقيات التوظيف التي تعلن عنها الوزارة ومديرياتها فى المحافظات بالتنسيق مع شركات القطاع الخاص، تحظى المرأة بنصيب كبير منها.
كما أصدرت الوزارة «دليل التفتيش المستجيب للنوع الاجتماعي»، ليسترشد به مفتشو العمل أثناء التفتيش على المنشآت، كما صدر قراران وزاريان؛ لإعادة تنظيم تشغيل النساء ليلا، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتهن، وتوفير بيئة عمل آمنة لهن وتوفير وسيلة انتقال وفقًا لما يحدده القانون والقرارات الوزارية المنفذة له، وإلغاء القيود الواردة على عدد من المهن، وهو ما حظى بإشادة منظمة العمل الدولية والمجلس القومي للمرأة والعديد من المنظمات الوطنية والدولية.
فضلا عن المشاركة فى إطلاق الخطة الوطنية لتحقيق المساواة بين الجنسين فى مجال العمل «2022 - 2027» فى أبريل 2022، وأيضًا إطلاق مشروع النهوض بالمرأة وتنمية مهاراتها، الذي يستهدف تنمية مهارات المرأة الريفية والبدوية..
اقرأ باقي الحوار فى العدد الجديد من مجلة أكتوبر اضغط هنا