ذكر عالم المصريات الشهير الدكتور زاهي حواس نصًا "مفيش عندنا دليل على وجود بني إسرائيل في مصر، ولا يوجد في الآثار أو الكتب التاريخية ما يثبت وجود سيدنا إبراهيم أو سيدنا موسى في مصر" وذلك خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي خيري رمضان في برنامجه "مع خيري" على قناة "المحور".
وردًا على ذلك يوضح خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية بأنه قبل هذا التصريح للعالم الجليل كان يجب أن يطرح سؤالًا ويجيب عليه ما سر عدم وجود ذكر لأنبياء الله إدريس ويوسف وموسى في النصوص المصرية القديمة؟ لأن وجودهم واقع دينى لا يمكن إنكاره
وأوضح أن حملة الدفاع عن الحضارة المصرية طرحت هذا السؤال على خبراء الآثار منذ شهر قبل تصريح الدكتور حواس وكأنها تتنبأ بهذا التصريح وجاءت إجاباتهم منطقية وعلمية نوجزها بأن السبب فى ذلك ربما لإخفاء حقيقة الدعوة إلى الله الواحد الأحد، لأن كل الأنبياء دعت إلى عبادة إله واحد، وهذا الأمر كان لا يتناسب مع كهنة المعابد، ويستحيل لحكام مصر القديمة تكليف الكتبة بتسجيل هذه الأحداث نقوشًا على جدران المعابد والمقابر أو البرديات
ورغم أن الفكر الديني المصري في معظمه أصله فكر سماوي ولكن أدخل عليه التحريف وتم تنسيبه لأرباب من دون الله، وتلك الأرباب ربما كان معظمها أنبياء أو أشخاص صالحين لهم معجزاتهم وكرامتهم، ومنها تصوير أحداث يوم الحساب بما فيه وزن القلب ذكرت فى الآية 89 سورة الشعراء " إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ " وفكرة تمثيل الروح بالطائر الذي يحوم على مقبرة صاحبها، وفكرة عمل تماثيل الأوشابتي فى سورة الواقعة آيات 17- 18 " يطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ " وأن المدن وأماكن السكن كانت أكثر الأماكن عرضة للتدمير بفعل كثرة الاستخدام من أجيال كثيرة وهو ما قلل فرصة أن نجد مصادر عنهم، فضلًا عن أن هناك أشياء كثيرة في النصوص المصرية تحتاج إلى تمصير وتحقيق علمى
وأضاف الدكتو ريحان بأن آراء الخبراء تضمنت وجود الطهارة و ختان الذكور والدعوة للزواج والقيم وفضل الأم فى مصر القديمة وغيرها من العبادات والتى تدل على وجود دين ودعوة سابقة، كما تشير نقوش تل العمارنة إلى إيمان المصريين برسالة سيدنا موسى ويمكن مراجعة النص الموجود فى معبد اخناتون بتل العمارنة مع سفر التكوين للتوارة ومع ما قاله وكتبه جيمس هنرى بريستد فى كتابه فجر الضمير
وكذلك الإشارات عن أسطورة خلق العالم فى تاسوع هليوبوليس مع المفاهيم الدينية عن سيدنا ادريس وما تم ذكره تاريخيًا عن نشأة الخلق وتاريخ الكتابة عند المصريين من خلال أسطورة ايزيس واوزيرس، كذلك ما كتبه الدكتور عبد العزيز صالح عن حفائر مدينة أونو وبخاصة عام 1983 عندما أعلن الكشف عن صوامع غلال عملاقة فى حفائر مدينة أونو بعرب الحصن بمدينة القاهرة وعن علاقة تلك الصوامع بفترة سيدنا يوسف ونشر مقالة علمية في مجلة JEAعن تلك الاكتشافات عام 1983 ، ولا يوجد نصوص مباشرة على الآثار المصرية غير نصوص تل العمارنة
ونوه الدكتور ريحان إلى أن كهنة المعابد وفى مقدمتهم كهنة آمون واجهوا الديانة الآتونية بقوة علي الرغم من أن زعيمها ملك ورأس دولة وصاحب عاصمة، وقاموا بمحو آثاره وأجبروا توت عنخ آمون إلى العودة الاجبارية، ولذلك فمن المستحيل أن يسمح هؤلاء الكهنة بتسجيل وتوثيق دعوة إلى عبادة الله الواحد الأحد، كما أن الأنبياء في نظرهم كانوا أعداءً للدولة والديانة الأساسية لذا لا يوجد أى شىء لهم وهو شيء طبيعى جدًا
كما أن الملوك وغالبية المصريين لم يتبعوا هؤلاء الأنبياء والذين اتبع دعوتهم قليل من الناس بدليل استمرار عبادة الآلهة المتعددة خلال عصور الحضارة المصرية منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى دخول المسيحية إلى مصر، لذا لم يكترثوا لذكر الأنبياء أو تسجيل ما يخصهم خاصة على جدران المعابد المخصصة لمعبوداتهم المتعددة أو مقابرهم ومن الممكن العثور على شىء يخص الأنبياء فى البرديات أو الأوستراكا فى المستقبل
كما أن من يقوم بتسجيل النصوص ديانته مختلفة عن ما جاء به الأنبياء فمن الطبيعى تجاهل كل ما هو مخالف
كما أن الأنبياء في نظرهم كانوا أعداءً للدولة والديانة الأساسية لذا لا يوجد أى شىء لهم وهو شيء طبيعى جدًا، وأن المصرى القديم نظر للأنبياء باعتبارهم أجانب، حتي نبي الله يوسف رغم المكانة الذى وصل إليها ومن نسله جاء موسي عليه السلام، وتربي بصفته ابن لملك مصر وزوجته وحين جهر سيدنا موسي بدعوته آمن به بعض المصريين، ولكن لا نعلم هل دون ذلك أم لا
نبى الله إدريس
ويلقى الدكتور ريحان الضوء على أنبياء الله فى مصر كواقع دينى لا يقبل الشك، فإن نبى الله إدريس اسمه فى التوراة العبرية خنوخ وفى الترجمة العربية أخنوخ، وقد جاء فى سورة مريم آية 56 “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا”، وكان أول من أعطى النبوة بعد آدم وشيث عليهما السلام وأول من خط بالقلم وقد أدرك من حياة آدم 308 أعوام.
وقال معظم المفسرين بميلاده فى مصر وأسموه هرمس الهرامسة ومولده بمدينة منف (ميت رهينة حاليًا) وأقام بمصر يدعو للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وتكلم الناس أيامه 72 لغة وعلمّه الله منطقهم ليخاطبهم جميعًا ورسم تمدين المدن، وهو أول من علم النجوم واجتماع الكواكب وعدد السنين والحساب، ومن المعروف أن قدماء المصريين برعوا فى علم الفلك وسبقوا كل الحضارات القديمة.
نبى الله يوسف
حدث جدب فى أرض فلسطين مما أدى لانتقال نبى الله إبراهيم وزوجته سارة وابن أخيه نبى الله لوط إلى أرض مصر، وقد أهدى ملك مصر السيدة هاجر إلى السيدة سارة زوجة إبراهيم والذى تزوجها نبى الله إبراهيم وقد أنجبت له سيدنا إسماعيل عليه السلام.
واستقبلت مصر بني إسرائيل آمنين وينسبون إلى جدهم نبى الله يعقوب الذى ذكر فى القرآن الكريم باسم إسرائيل “وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ” سورة مريم آية 58، وكلمة إسرائيل كلمة عبرانية مركبة من “إسرا” بمعنى عبد أو صفوة، ومن “إيل”، وهو الله فيكون معنى الكلمة عبد الله أو صفوة الله.
وتزوج نبى الله يعقوب وأنجب اثنى عشر ولدًا هم بنو إسرائيل أبناء نبى الله يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم الخليل وهم الأسباط الإثنا عشر، أصغرهم يوسف وأخوه بنيامين، فأمّا يوسف فقد باعه إخوته إلى قافلة من الإسماعيليين والتجار وهم فى طريقهم إلى مصر، ثم باعه هؤلاء إلى رئيس شرطة فرعون عام 1699 ق. م، وكان يوسف أمينًا لمخازن ملك مصر (ايبيبى – أبو فيس الأول) رابع ملوك الهكسوس.
نبى الله موسى
نسب نبى الله موسى، وهو موسى بن عمرام بن قاهات بن لاوى بن يعقوب بن إسحاق بن إيراهيم الخليل، ويشير القرآن الكريم إلى تربية ونشأة نبى الله موسى في بلاط أحد ملوك مصر القديمة في الآية الكريمة رقم 18 من سورة الشعراء "قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ"
وتربى نبى الله موسى فى بيت أحد ملوك مصر القديمة وتولى البلاط الملكى تربيته كما كانوا يربون أبناء الملوك فى ذلك العهد بواسطة الكهنة ورجال الدين وتعلم موسى تعليمًا راقيًا هذا مع ما أفاضه الله عليه فى كبره من الحكمة والعلم الثابت اتضح فى قوله تعالى “وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ” سورة القصص آية 14.
شارك فى الرد على السؤال التى طرحته حملة الدفاع عن الحضارة متخصصين فى الآثار والتاريخ من أساتذة الجامعات والآثاريين بالمجلس الأعلى للآثار وباحثى التاريخ والآثار وهم الدكتور حسن قلاد، الدكتور محروس الصناديدى الآثارى بالمجلس الأعلى للآثار، الباحثة رشا الخطيب، الدكتور سليم فرج، الدكتور أشرف محمود، الدكتور على صديق عثمان، الآثارية بالمجلس الأعلى للآثار سناء العلاقمى، الدكتور محمد أنور، الدكتورة سحر سمير فريد