رحيل بول أوستر .. وفاة " عميد روائيي ما بعد الحداثة الأمريكيين"

رحيل بول أوستر .. وفاة " عميد روائيي ما بعد الحداثة الأمريكيين"بول أوستر

ثقافة وفنون1-5-2024 | 16:21

توفي بول أوستر الروائي والكاتب والسيناريست غزير الإنتاج والحاصل على العديد من الجوائز ، والمعروف برواية " ثلاثية نيويورك " عن عمر يناهز 77 عامًا.

وتأكدت وفاة أوستر اليوم الأربعاء من قبل وكيليه الأدبيين، وكان قد جرى تشخيص إصابة أوستر بالسرطان في عام 2022.

وابتداءً من السبعينيات، أنهى أوستر كتابة أكثر من 30 كتابًا، تُرجمت إلى عشرات اللغات، وكان من رموز المشهد الأدبي في بروكلين بولاية نيويورك لسنوات طويلة.

ولم يحقق أوستر أبدًا نجاحًا تجاريًا كبيرًا في الولايات المتحدة لكنه كان موضع إعجاب على نطاق واسع في الخارج بسبب نظرته العالمية وأسلوبه الواسع المعرفة، بحسب موقع صحيفة "ذا هيل" الأمريكية.

وحصل أوستر على وسام الفنون والآداب من قبل الحكومة الفرنسية في عام 1991. تم إدراجه أيضًا في القائمة المختصرة لجائزة بوكر وتم التصويت له في الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب.

ويُطلق عليه " عميد روائيي ما بعد الحداثة الأمريكيين" لمزجه بين التاريخ والسياسة والتجريب الفني في الكتابة السردية والإشارات الواعية وفهمه الجيد للكتب الكلاسيكية، وذلك بحسب صحيفة الجارديان البريطانية.

ومن دلائل كونه معلما للكتابة ما بعد الحداثية، تضمن عمله الأشهر "ثلاثية نيويورك"، روايات "مدينة الزجاج" و"الأشباح" و"الغرفة المغلقة"، عبارة عن ملحمة بوليسية ما بعد حداثية حيث كانت الأسماء والهويات غير واضحة وبطل الرواية هو محقق خاص يدعى -للمفارقة- "بول أوستر" فيما يلخص فيلم "رحلات في حجرة النسخ" قصة داخل قصة حيث يجد سجين سياسي نفسه مضطرًا لقراءة سلسلة من روايات زملائه الضحايا والتي ستشمل في النهاية قصته.

وكان العمل الروائي الأطول والأكثر طموحًا للمؤلف هو "4 3 2 1"، الذي نُشر في عام 2017 ووصل إلى نهائيات جائزة بوكر، وهي الرواية التي تزيد عن 800 صفحة وتسرد قصة واقعية رباعية الأصوات في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

وكتب أوستر في الرواية: "متطابقون ولكن مختلفون، أي أربعة أولاد لديهم نفس اسم الوالدين، ونفس الأجسام، ونفس المادة الوراثية، ولكن كل واحد منهم يعيش في منزل مختلف في مدينة مختلفة مع مجموعة من الظروف الخاصة به.. كل واحد منهم يسير في طريقه المنفصل ، ومع ذلك ما زالوا جميعًا نفس الشخص، ثلاث نسخ خيالية عن نفسه، ثم جرى وضعه في المرتبة الرابعة من أجل حسن التدبير؛ مؤلف الكتاب".

وشملت أعماله الأخرى مجموعات قصصية وكتاب "الحديث مع الغرباء"؛ ومذكرات ذاتية بعنوان "اختراع العزلة" وديوان شعر "الفضاء الأبيض".

وكان أوستر مؤلفًا من الطراز القديم فكان يعمل على آلة كاتبة وكان يحتقر البريد الإلكتروني وغيره من أشكال الاتصال الإلكتروني.

وفي منتصف التسعينيات، تعاون أوستر مع المخرج واين وانج في الفيلم الفني الشهير "Smoke"، وهو مقتبس من قصة فكاهية لأوستر ، وقام ببطولة الفيلم هارفي كيتل وستوكارد تشانينج وويليام هيرت وغيرهم ، وقد منح أوستر جائزة "الروح المستقلة" لأفضل سيناريو أول.

وقال أوستر للمخرج ويم فيندرز خلال محادثة أجريت عام 2017 في مجلة "إنترفيو": "في المرات الأربع التي عملت فيها على كتابة الأفلام، لم أواجه أبدًا مشكلة في التحدث إلى الممثلين.. لقد شعرت دائمًا بالانسجام الكبير معهم. بعد تلك التجارب أدركت أن هناك تشابهًا بين كتابة الرواية والتمثيل. الكاتب يفعل ذلك بالكلمات الموجودة على الصفحة، والممثل يفعل ذلك بجسده والجهد نفسه".

وتزوج أوستر من زميلته الكاتبة سيري هوستفيت عام 1982 وأنجبا ابنة اسمها صوفي التي ظهرت في كتاب "الحياة الداخلية لمارتين فورست"، كما أنجب ابنًا يدعى دانيال من زواج سابق من المؤلفة والمترجمة ليديا ديفيس، والذي عانى من إدمان المخدرات ليموت بجرعة زائدة في عام 2022، بعد فترة وجيزة من اتهامه بالقتل غير العمد من الدرجة الثانية في وفاة ابنته الرضيعة روبي.

ولم يعلق بول أوستر علنًا أبدًا على وفاة ابنه، لكنه كتب كثيرًا عن الأبوة. ففي كتابه "اختراع العزلة" الذي نُشر عام 1982، تحدث عن "آلاف الساعات" التي قضاها مع دانيال في السنوات الثلاث الأولى من حياته وتساءل عما إذا كانت هذه الساعات مهمة.

يشار إلى أن بول بنجامين أوستر ولد في مدينة نيوارك بولاية نيوجيرسي، ونشأ في منزل من الطبقة المتوسطة ممزقًا بين إدخار والده إلى حد البخل، ورغبة والدته في الإنفاق إلى حد التهور.. بحسب ما أورد في كتابه "اختراع العزلة".. الذي ذكر فيها أنه شعر وكأنه غريب بين عائلته، فانكب على قراءة رواية "يوليسيس" لجيمس جويس و قصص الأديب الأمريكي إدجار آلان بو.

وبعد تخرجه من جامعة كولومبيا، ناضل أوستر لسنوات قبل أن يتمكن من العثور على ناشر أو كسب المال من كتبه.

وكتب أوستر الشعر، وترجم الأدب الفرنسي، وعمل في ناقلة نفط، وعمل في مجال الدعاية لفرق ومنتجات لعبة البيسبول.

وفي مذكراته القصيرة التي صدرت عام 1995 قال أوستر: "كان طموحي الوحيد هو الكتابة. لقد عرفت ذلك في وقت مبكر من عمري (16 أو 17 عامًا) ولم أخدع نفسي أبدًا في ذلك".

وتابع "أن تصبح كاتباً ليس قراراً مهنياً مثل أن تصبح طبيباً أو مهندسا، أنت لا تختار الأمر بقدر ما يتم اختيارك، وبمجرد أن تتقبل حقيقة أنك غير مناسب لأي عمل آخر، عليك أن تكون مستعدًا للسير في طريق طويل وصعب لبقية أيامك".

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2