إن الصلاة في الإسلام عبادة من أعظم العبادات، وقُربة من أفضل القُربات، فرضها الله -تعالى- وأوجبها على عباده، وجعلها خمس صلوات مفروضة في خمسة أوقات معلومة في كل يوم وليلة، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي عماد الدين وعموده.
وقد ثبت وجوبها على المسلمين ب القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع الأمة، وورد الأمر بإقامة الصلاة في كثير من آيات القرآن الكريم، منها قوله -تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ).
وقد اختلف الفقهاء في حكم الجهر بالبسملة في الصلاة، وسبب اختلافهم راجعٌ إلى كونها آية من الفاتحة فيجهر بها أم ليست آية فلا يشرع الجهر بها.
وذهب الشافعية إلى أنها آية من الفاتحة كسائر آياتها؛ فعَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقْرَأُ : { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ } قَطَّعَهَا آيَةً آيَةً، وَعَدَّهَا عَدَّ الْأَعْرَابِ، وَعَدَّ { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} آيَةً، أخرجه الدارقطني.
فيما ذهب المالكية إلى أنها لا تقرأ؛ لأنها ليست آية من الفاتحة عندهم، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أخرجه البخاري، وغيره من الأدلة.
يقول الشيخ عبد الحميد السيد الأمانة المساعدة للدعوة والإعلام الديني من وعظ الأزهر الشريف: فالآثار في هذا متعارضة، إذ كان النبي يجهر أحيانًا وأحيانًا أخرى يُسِرُّ بها.
وأضاف السيد: فمَن جَهَرَ بالبسملة فهو حسن، ومَن أسرَّ بها فهو حسن، محذرًا: «لا يجوز أن تكون أمثال هذه المسائل الخلافية مثار فتنة ونزاع وفرقة بين المسلمين؛ بل يسعنا فيها ما وسع سلفنا الصالح من أدب الخلاف الذي كانوا يتحلَّون به في خلافاتهم الفقهية واختياراتهم الاجتهادية».