تُعدّ السيدة زينب رمزًا للمرأة المسلمة الصابرة القوية، فهي مثالٌ يحتذى به في جميع مجالات الحياة. تُبجل ذكراها في مصر والعالم الإسلامي، ويُقام لها العديد من الاحتفالات. مازال مسجدها في القاهرة شاهداً على عظمة مكانتها وتأثيرها العميق في قلوب المسلمين.
نشأتها
السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب، حفيدة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، هي ثالث أبناء فاطمة الزهراء وعلي بن أبي طالب، وأخت الحسن والحسين. ولدت في الخامس من جمادى الأولى عام 6 هـ في المدينة المنورة، ونشأت في بيت العلم والتقوى، وشهدت العديد من الأحداث المهمة في تاريخ الإسلام.
زواجها
تزوجت السيدة زينب من ابن عمها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وأنجبت منه عون وعباس وعلي وأم كلثوم.
وصولها لمصر
في شعبان عام 61 هـ، وصلت السيدة زينب بنت علي إلى مصر، واستقبلها جموع المسلمين على رأسهم والي مصر الأموي مسلمة بن مخلد الأنصاري. وقد حظيت السيدة زينب بكرم الضيافة من قبل أهل مصر، الذين عبّروا عن حبهم وتقديرهم لها.
تأثرت السيدة زينب بكرم الضيافة وحبّ المصريين لها ولآل البيت، فغلبتها المشاعر، ودعَت لهم بهذا الدعاء المبارك «يا أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، وجعل لكم من كل مصيبة فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا». هذا الدعاء المبارك يُعدّ حصنًا وملاذًا لكل المصريين، فهو شهادة على العلاقة الوثيقة بين السيدة زينب وأهل مصر، وكيف حظيت مصر بشرف دعائها المبارك، سائلةً الله تعالى لهم النصر والفرج من كلّ ضيقٍ ومصيبة.
ولم يكن دعاء السيدة زينب دعاءً عابرًا، بل كان دعاءً نابعًا من قلبٍ مُتألّمٍ، عرف قيمة العون والإيواء في أصعب الظروف. فقد آوى المصريون السيدة زينب وأهلها، وقدموا لهم الدعم والمواساة في أحلك أوقاتهم.
وأدركت السيدة زينب فضل مصر وأهلها، فجازتهم خير الجزاء بدعائها المبارك، الذي أصبح رمزًا لِما بين مصر وآل البيت من محبةٍ وارتباطٍ وثيق.
رحيلٌ قسري من المدينة المنورة
بعد معركة كربلاء ومقتل الإمام الحسين عليه السلام، أمر يزيد بن معاوية واليه في المدينة بأن تغادر السيدة زينب المدينة المنورة إلى أي مكان تريده من أرض الله باستثناء مكة المكرمة. شعرت السيدة زينب بالحزن العميق لتركها أرض الآباء والأجداد، لكنها رضخت للأمر الإلهي.
اختيار مصر وجهةً للرحيل
اقترحت نساء بني هاشم على السيدة زينب أن تخرج إلى الشام أو مصر، فاختارت مصر وجهة لرحيلها. وتعتبر السيدة زينب من أول نساء أهل البيت اللائي شرفن أرض مصر بقدومهن، حيث وصلت بعد مضي ستة أشهر على استشهاد أخيها الحسين.
استقبال حافل في مصر
كانت السيدة زينب من أولى نساء أهل البيت اللاتي شرفن مصر بقدومهن. وصلت بعد ستة أشهر من استشهاد أخيها، ومعها فاطمة وسكينة وعلي أبناء الحسين. استقبلها أهل مصر بحفاوة كبيرة، وحملوها في الهودج، وأكرموها أيّما إكرام.
لقبت السيدة زينب بالعديد من الكنايات، أشهرها "أم هاشم" لحملها لواء راية الهاشميين بعد أخيها، و "صاحبة الشورى" لأخذ أبيها وإخوتها برأيها، و "عقيلة بني هاشم" لفرادة مكانتها، و "الطاهرة" لِما تميزت به من صفاء وطهر، و "أم العواجز" لمساعدتها للفقراء والمحتاجين، و "رئيسة الديوان" لعقدها جلسات علمية في منزلها.
وحظيت السيدة زينب بمكانة مرموقة في مصر. أقامها والي مصر في داره، وأصبحت مرجعًا للعلماء والفقهاء. لعبت دورًا هامًا في نشر العلم والمعرفة، ورسخت القيم الإسلامية. واجهت الظلم والاضطهاد بصبرٍ وجَلَد، وواصت حمل رسالة أخيها الإمام الحسين.
وفاتها
توفيت السيدة زينب في الخامس عشر من رجب عام 62 هـ في دمشق، ودُفنت في ضريح مشهور يُزار من قبل المسلمين من جميع أنحاء العالم.