لعنة العقد الثامن

لعنة العقد الثامنسعيد صلاح

الرأى12-5-2024 | 14:57

في الوقت الذي انتشر فيه علي كل وسائل ووسائط الميديا، فيديو الطفل عبدالله الذي كاد يطير من فوق الأرض فرحا لسماعه نبأ التوصل إلي هدنة و وقف إطلاق النار في غزة.. كانت حماس تنفذ هجوم علي موقع لجيش الاحتلال عند منفذ كرم أبو سالم ثم أعقبه تحركات إسرائيلية نحو رفح ودخول الدبابات إلي المعبر من الناحية الفلسطينية وإغلاقه.

لا أعلم إن كان البعض قد ربط بين هذين التحركين العسكريين من الخصمين المتنازعين والمتنافسين ومشهد هذا الطفل الذي كادت الفرحة تقتله فور سماعه نبأ الهدنة التي لم تحدث في الأصل وإنما عطلتها مآرب أخري، كادت وما تزال تهدد كل الجهود البذولة من الوسطاء وعلي رأسهم مصر لحقن الدماء وحفظ أمن وسلام المنطقة كلها.

يرجح الربط البسيط بين هذه المشاهد الثلاثة صحة بعض الفرضيات حول سعي كل من نتنياهو ومن وراءه من وكلاء الحرب والدمار أمثال بن خفير وزير الأمن الداخلي وسمو تريتش وزير المالية من ناحية، والسنوار من ناحية أخري إلي تحقيق مكاسب سياسية أو أي نصر، حتي وإن كان ذلك علي أشلاءالمدنيين والأبرياء.

يصح هذا الفرض ويتأكد تماما مع نتنياهو وربما يعتريه بعض الشك مع السنوار، فالإثنان لديهما دوافع تؤثر بشكل مباشر علي استمرار الحرب وتقويض فرص إنجاح المفاوضات وإقرار الهدنة، نتنياهو يتعمد إطالة أمد العدوان الوحشي علي غزة، للهروب من الاستحقاقات الداخلية في إسرائيل ، ومنها إسقاط ائتلافه وإزاحته من الحكم، ومثوله أمام جهات التحقيق لسؤاله في إخفاقاته خلال الحرب وفشله في القضاء علي حماس ، وأيضا مثوله أمام المؤسسة القضائية بتهم الفساد المؤجلة من قبل يوم 7 أكتوبر الشهير، أما السنوار فهو يعلم أن خروج حماس من القطاع يعني نهايتها، لذلك يتمسك بالبقاء داخل القطاع، وبالمختصر كما يقولون: نتنياهو يخشي انتهاء "الحرب" أو إنهائها.. والسنوار يخشي "اليوم التالي".

لا شك أن نتنياهو في مأزق كبير بل مأزق تاريخي، يجعله يفكر دائمًا في إشعال الحرب أكثر وأكثر واستمرار عجلة الإبادة داخل القطاع، وفي كل الأراضي المحتلة، بل وإشعالها علي جبهات أخري مثل اللبنانية والإيرانية، وهو نفس المأزق الذي يدفع المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل إلي توسيع الهجمات العسكرية حتي بدأت في رفح جنوب قطاع غزة رغم كل التحذيرات الدولية.

نتياهو يتعامل الآن مع الوضع بمبدأ "أنا ومن بعدي الطوفان"، يصر علي إشعال كل ثقاب الكبريت وإلقائها في برميل البارود، محاولا أن يضمن لنفسه أمنًا شخصيًا ومجدًا سياسيًا، حتي وإن كان ذلك علي أشلاء الجميع وأولهم الإسرائيليون أنفسهم.

لكني أظن أنه وفي ظل وجود الدور المصري الذي يمثل ضوءًا كاشفًا في وسط تلك العتمة، ومع إصرار المفاوض المصري المدعوم دعمًا كاملاً من القيادة السياسية وكل أجهزة الدولة ومن كافة طوائف الشعب المصري علي نزع فتيل الأزمة وإقرار الهدنة لإنقاذ المنطقة من الانفجار، سوف يكون هناك واقع مغاير غير الذي نراه وغير الذي يحاول البعض فرضه وجعله أمرًا واقعًا.. وسوف تكون هناك نهاية لمطامع وشرور نتيناهو ومن وراءه، فسوف ينتهون جميعًا إلي زوال، وستحل عليهم"لعنة العقد الثامن".

أضف تعليق

خلخلة الشعوب و تفكيك الدول

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2