مجموعة من الجهلة قلوا أو كثروا يبحثون بإلحاح عن الشهرة ، والمال، أدركوا مبكرًا أن هذه الشهرة في الاختلاف، والخروج عن القطيع بالرفس والنطح، فليس كل خروج حسنًا، وليس كل اختلاف صوابًا، هؤلاء الذين أعماهم شيطانهم فبال في آذانهم موسوسًا: "إن أقصر طريق للشهرة هو اختراق "التابو" المقدس أو المحظور في نظر المجتمع، وهو الدين"، وقد يقول قائل إنهم لا يتحدثون في الدين إنهم يتحدثون في التراث الديني ، أو الخطاب الديني ، وأقول لمن يقول هذا إنهم يشعلون الحرائق حول الدين، يحاصرونه بادعاء ما ليس فيه، بالتشجيع علي الاجتراء عليه، بإسقاط الرموز التي ارتبط ذكرها بالدين، عبر تشويهها دون فهم ودون علم.. (والله دون علم)، ولما جاهروا بأقوالهم، وأفعالهم، فتحوا علي أنفسهم طاقة جهنم، ومنحوا الناس فرصة النيل منهم عبر تتبع عوراتهم التعليمية قبل سلوكياتهم الشخصية، ووثقت الفيديوهات التي انتشرت خلال الأيام الماضية حبسات بعضهم اللغوية، إنهم حتي لا يحسنون قراءة عناوين ونصوص الكتب التي ينتقدون محتواها، أخطاء فاضحة لأشخاص تسبق أسمائهم حرف "الدال"، والمصيبة أن الكتب التي يرفضونها ويرذلونها يعودون فيستشهدون بنصوصها علي توثيق ادعاءاتهم أو تمرير أفكارهم، فكيف تحتج يا فلان بوثيقة أنت شككت فيها بالأساس؟!.. هذا دينهم، ناهيك عن الانتقائية، واجتزاء النصوص من سياقاتها، وتتعجب وتندهش هل هؤلاء هم من نصبّوا (من تنصيب ومصدرها نصب) أنفسهم أوصياء علي عقل الأمة، هكذا دون مؤهلات فرضوا علينا الوصاية، والتميز، وادعوا أنهم المجددون للفكر الإسلامي؟!
ظاهرة التجرؤ علي العقائد ليست جديدة علي البشرية، وأمر هؤلاء الجهلة يذكرني بنقاد الكتاب المقدس ، الذين انتشروا في أوروبا، منذ القرون الوسطي وما بعدها، وقد تجاوزوا نقد النص، إلي فكرة وجود الإله نفسه، أعاذكم الله وإيانا من الإلحاد، والشرك بالله، وأثمرت هذه الغزوات والحرب علي الدين في أوروبا، ما نعرفه الآن في مجتمعات هذه البلاد، وقد رأيت في باريس ، شيئًا منه قبل حوالي ربع قرن حين زرتها، وبعين الصحفي رصدت المساحات الهائلة من الإعلانات التي تغطي إصدارات خاصـة من صحف الأرواحيـــة والسحر والتنجيم، والشعوذة التي توزع في الشوارع ومحطات المترو، لقد ذهبوا يستطلعون الغيب عندهم، يبحثون عن مستقبل غامض بالنسبة لهم.. رأيت حاضرًا يبرق باللمعان لكنه مخوخ من داخله، لقد امتلكوا كل مظاهر الحداثة لكنهم افتقدوا الحضارة، لأنهم ابتعدوا عن الدين وحصروه في مبني لا تزيد واجهته علي 10، 12 مترًا تحاصرها عن اليمين واليسار حوانيت الجنس وملاهيه، في شارع "سان دوني أو الشانزليزيه " الوجه القبيح لمجتمعات الحداثة، عندما تتخلي عن الله.