إن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يعلمنا أن الإنسان يدعو بالخير لنفسه، وأنت لا تستطيع أن تحدد هذا الخير؛ لأنك قد تنظر إلى شيء على أنه الخير وهو شر، وما دمت تدعو فأنت تظن أن ذلك هو الخير، إذن فالأصل في الدعاء هو أنك تحب الخير، ولكنك قد تخطئ الطريق إلى فهم الخير أو الوسيلة إلى الخير.
وفى هذا الصدد يوضح فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوي: قول الحق سبحانه وتعالى ( واذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي)، وهي تعنى ضرورة الاستجابة للمنهج، أي ان يؤمنوا به سبحانه إلها حكيما، وليس كل من يسأل يستجاب له بسؤاله نفسه، لأن
الألوهية تقتضي الحكمة التي تعطي كل صاحب دعوة خيرا يناسب الداعى لا بمقاييسه هو، ولكن بمقاييس من يجيب الدعوة.
ويذيل الحق سبحانه الاية بقوله "لعلهم يرشدون " ومعنى يرشدون الوصول الى طريق الخير والصواب، وهذه الاية جاءت بعد آية " شهر رمضان الذى انزل فيه القران هدى للناس " كى تبين لنا ان الصفائية في الصيام تجعل الصائم أهلا للدعاء ن وقد ريكون حظك من هذا الدعاء الإجابة،
وانما يكون حظك فيه العبادة.
ولكى يبين لنا الحق بعض التكليفات الإلهية للبشر فهو يأتي بهذه الاية التي يبين بها ما يحل لنا في رمضان، فيقول الحق: (احل لكم ليلة الصيام الرفث الى نسائكم، هن لباس لكم، وانتم لباس لهن، علم الله انكم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وتاب عنكم، فالان باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم، وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، ثم أتموا الصيام الى الليل، ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد، تلك حدود الله فلا تقربوها، كذلك يبين الله لكم آياته للناس لعلهم يتقون ).
بعد أن أورد لنا الحق آداب الدعاء ومزجها وأدخلها في الصوم يشرح لنا سبحانه آداب التعامل بين الزوجين في أثناء الصيام، فيقول الله عز وجل ( احل لكم ليلة الصيام الرفث الى نسائكم )فكأن ما يأتي بالتحليل كان محرما من قبل، والذي أحله الله في هذا القول كان المحرم عينه في الصيام، لأن الصيام إمساك بالنهار عن شهوة البطن وشهوة الفرج.
فكأنه قبل ان تنزل هذه الآية كان الرفث الى النساء في ليل الصيام حرام، فلا اقتراب بين الزوجين ليل او نهار وكان يحرم عليهم الطعام والشراب بعد صلاة العشاء.حتى يفطروا.
جاء رجل وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم " ذهبت فلم أجد أهلى قد أعدوا لى طعاما، فنمت فاستيقظت يارسول الله فعلمت أنى لا أقدر أن آكل ن ولذلك فأنا أعانى من التعب، فأحل الله مسألتين: الأولى هي الرفث الى النساء في الليل، والثانية: كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخط الأسود من الليل..أى الى الفجر، ولو حصل منكم نوم.
وهذه رخصة جديدة لكل المسلمين مثلها مثل الرخصة التي جاءت للمريض او المسافر، ورخصة جديدة عامة لكل مسلم وهى تعميق لمفهوم الحكم، وقد ترك الحق هذا الترخص مؤجلا بعض الشئ لكى يدرك كل مسلم مدى التخفيف.