من حقه أن يتأمل تاريخه مؤكدا بحسره .. "أنا كده حظى كده" مثلما فعل نجيب الريحاني فى فيلم "غزل البنات" مسترجعا شريطه السينمائي على مدى السنوات، فرغم أنه البطل فى عيد الأضحى إلا أن وجوده لم يكن يليق بذلك ، وربما أصابه الألم عندما شاهد مشوار عشيرته الحيوانية التى أصابت مكانة أعلى منه بكثير ، بل وصل الأمر أن يكون "روى" شريكا للبطل صالح سليم فى فيلم "الشموع السوداء" ويمكنك أن ترى أخواته هنا وهناك ؛ بل وصل الأمر أن يكتب باسمها افلام فهنا "كلبى دليلى" وهناك "على معزة وإبراهيم"، ولم تصل مكانته أن تًغنى له الأغنيات مثل "الحمار" أو يكون له جمعيه مثله لأصدقائه !! ويمكنك أن تتبع مسار العشيرة الحيوانية فى السينما المصرية وتؤكد على صدق إحساسه، فقد عجزت السينما المصرية بمقايسها فى اختيار الأبطال والسنيدة والأدوار الهامشية أن لم تجد له دورا يظهر "فروته" الابداعية و "مأمأته" الإنسانية و "قرونه" الاستشعارية !!! وكأنه لم يضحِ بحياته فى سبيل اسعادنا!!؛ وتم تجاهله ولم يمنح حق الظهور بما يليق بأيام تضحياته!! ولذلك يحق له أن يسأل المخرج سعيد حامد عن سر تجاهله التام فى فيلم "همام فى امستردام" رغم أنه جاء بكافة مظاهر العيد والصلاة وفرحة الجميع ؛ فكيف تناساه؟.. وكأنه لايليق بهمام وبالتالى بامستردام.
ولكن حالة التجاهل قديمة فهو لم يتعجب من غيابه مع سبق الاصرار والترصد الذى قرره أنور وجدى فى فيلمه "بنت الأكابر" الذى يحمل أغنية الحج الأولى بلا منازع "يارايحين للنبى الغالى" والاستعداد للحج ورغم ذلك غاب ولم يظهر رغم أن ذلك مكانه وزمانه ؛ سواء فى القصر حيث الباشا الثرى الذاهب إلى الحج أو فى الحارة المصرية مع "ولاد البلد"!!!
وها هى الدوائر السوداء تحيط به وترفض ظهوره الجذاب ؛ ليتذكره نجيب الريحانى وبديع خيرى فى فيلم "ابو حلموس" و يجعلون منه درسا فى "السرقة النظيفة" وكأنه خير مثال على تعليم السرقة بدون دليل على ارتكابها!!؛ فالخروف يمكنك أن تحضره و تأتى له بالطعام و الطبيب و الحلاق والمزيد من التفاصيل التى يغرق فيها الجميع فتختفى "السرقة"، ولا يلتفتون إلى أن الخروف غير موجود!!
هذا الغياب "الباهت" أُريد له على مدى المشوار ؛ فرغم أن فيلم كمال الشيخ "حياة أو موت" تدور أحداثه ليلة عيد الأضحى وظهر بالفعل الخروف فى مشهد فخطف قلب الصغيرة واعتبرته صديقا وفيا ، ولكنها عندما تجوب شوارع و حوارى القاهرة لا نلمح ظهورا يليق بذلك المسكين رغم أننا فى ليلة العيد!!
وعندما قرر رامى إمام أن يرد له اعتباره و نجوميته الغائبة ، ليظهر بجوار محمد سعد فى كفاح يليق بمقاومته للبقاء وانتصاره ، ليعلن فى النهاية "مأمأته" الدالة على الحياة ؛ وليخطف اعتراف "بوحه" بهزيمته عندما قال "سلخت قبل ما أدبح"!!! لم يظهر بعد ذلك.
المفارقة الأكثر ايلاما أنه رغم ظهوره كصديق جميل للاطفال فى العديد من الأفلام ومنها فيلم عاطف سالم "أم العروسة"؛ إلا أن ذلك عن بعيدا عن دوره البطولى الأوحد فى العيد وكان أكثر "اطلالاته" السينمائية ، فقد ظهر ك "وليمة" يتلذذ بها الجميع ، بعيدا عن كل مايتعلق به ، وكأن مشهد الفنان يوسف فوزى فى فيلم "بوشكاش" وهو يقول "كنت ببص فى عين الخروف واذله" يرصد تاريخه السينمائى لتتوالى الضحكات غير عابئة بمعاناته ككومبارس.