دراسة : كيف نواجه شائعات الإعلام الإسرائيلي والأمريكي ؟

دراسة : كيف نواجه شائعات الإعلام الإسرائيلي والأمريكي ؟الدكتور محمد خفاجي

مصر8-6-2024 | 15:45

في وقت الحروب تلعب الشائعات دوراً جوهرياً في تدمير الدول ما لم تتسلح بالوعي , وتشهد الحرب التي تشنها إسرائيل علي قطاع غزة قيامها بجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والعدوان وجرائم ضد الإنسانية ضد سكانها المدنيين , ولا ريب أن مصر هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي قدمت للقضية الفلسطينية عبر قرن من الزمان كل التضحيات رغم تبني القوي العظمي كيان الاحتلال منذ نشأته حتي اليوم ,وتتمتع مصر بالحكمة في إدارة أزمة الحرب بين عين تحفظ أمنها القومي وعين أخري تحفظ لفلسطين وطنه دون تصفية , وفي خضم هذه الحرب التي طال أمدها لم يجد الإعلام الإسرائيلي والأمريكي سوي سلاح حرب الشائعات ضد مصر لتبرير فشل إسرائيل , ولإثارة الرأي العام بأكاذيب يلزم مواجهتها بكل وعي وحداثة في استراتيجية المواجهة .

وأعد المفكر والمؤرخ القضائي القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي دراسة جديدة بعنوان (خطر الشائعات وقت الحروب -- كيف نواجه شائعات الإعلام الإسرائيلي والأمريكي ,وحتمية انتهاج استراتيجية التفنيد المقنع للجماهير والتخلي عن نظرية الإنكار) وتكشف الدراسة أسباب حرب الشائعات المتزامنة مع حرب إبادة غزة التي يتبناها الإعلام الإسرائيلي والأمريكي التي لها أغراض عديدة علي قمتها إبتزاز مصر وإكراهها علي قبول التهجير القسري للفلسطينيين إلي سيناء , وإخفاء الحقائق عما يدور في قطاع غزة تدمير ومجازر ، والسعي لتوجيه الرأي العالم العالمي لصالح إسرائيل سياسياً لتعزيز بقاء بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي , وإلهاء الشعوب عما تفرزه العدالة لأكبر محكمتين في العالم الجنائية الدولية والعدل الدولية ضد إسرائيل , والإضرار بدور مصر المحوري بشأن مسار القضية الفلسطينية .ونعرض للدراسة في ست نقاط جوهرية دقيقة .

مواجهة شائعات الإعلام الإسرائيلي والأمريكي بإستراتيجية التفنيد المقنع للجماهير وليس الإنكار (كيف تسيطر علي الشائعات بثلاث خطوات ) :

يقول الدكتور محمد خفاجي " أطل الإعلام الإسرائيلي بحرب الشائعات ضد مصر نتيجة عجز الحكومة الإسرائيلية عن بلوغ مرادها خلال ثمانية أشهر من حرب تدمير غزة , تارة بإعلان الجيش الإسرائيلي العثور علي نفق كبير علي بعد 100 متر من معبر رفح الحدودي مع مصر , وهو إدعاء كاذب نفته مصر بعدم صحته , بما يبين معه قيام حكومة الحرب بخلق الأكاذيب حول الأوضاع الميدانية لقواتها في رفح بهدف التكتم علي فشلها العسكري وإيجاد مخرج لأزمتها السياسية , كما انتهج الإعلام الأمريكي حرب الشائعات أيضاً ضد مصر من خلال ما نشرته شبكة CNN الأمريكية، بإعلانها تحميل مصر وجهاز المخابرات العامة المصرية العريق إفشال اتفاق الهدنة المزعومة وتسليم الرهائن بأخبار مجهلة دون توثيق ودون أدلة أو إثبات."

ويضيف " إن انتشار المعلومات المضللة وقت الحروب هي أحد مكونات الاضطرابات المدنية بين الشعوب لأنها تخلق الكثير من التأثير علي إرادة الجماهير بطريقة مدبرة , وتتشارك فيها وسائل الإعلام كالتلفزيون والصحف والإنترنت ونشرها عبر منصات التواصل الاجتماعي الحديثة , لتؤدي دورها في التدمير , وتكوين أسوأ صورة لمن صدرت ضدهم الشائعات ".

ويذكر (3) خطوات لمواجهة الشائعات فيقول " وحتي تسيطر علي الشائعات يجب عليك انتهاج ثلاث خطوات أولها تحديد الشائعات التي يتم تداولها بالفعل بين الجماهير , ثانيها اتباع استراتيجية فعالة لتحديد أي الشائعات صحيحة وأيها كاذبة , ثالثها وضوح آليات لتصحيح الشائعات غير الدقيقة واستبدالها بمعلومات موثوقة."

الخطوة الأولي : تحديد الشائعات وخلق بيئة إعلامية متخصصة لمواجهتها :

ويذكر "وتتطلب الخطوة الأولي تحديد الشائعات ودور وسائل الإعلام في مواجهتها ، وهي تتطلب تدعيم القائمين علي المواقع الإعلامية المتخصصة في وجه الشائعات ومنصات التواصل الاجتماعي ذات الصلة في مجموعات , وهم الذين يسمعون أحدث الشائعات أثناء تداولها , حيث يكون من المفيد تزويدهم بالتدريب علي تفنيد الشائعة , حتي يستطيعون افهام الجمهور بخطورة المعلومات المضللة التي يمكن أن تقود دائرة التصعيد المدمر وقت الحروب .لأن الكثير من المذيعين يتطوعون ويتناولون الشائعات بالإنكار فحسب , دون أن يملكون أدوات التفنيد لإقناع الجماهير .وهو ما يلقي أثاراً سيئة في نفوس الجماهير "

الخطوة الثانية مكافحة الشائعات بوجود آلية عملية للتفنيد لمدي تضليل الشائعة :

ويشير " وتتمثل الخطوة الثانية في مكافحة الشائعات بوجود آلية عملية للتفنيد ,لوقوف الجماهير علي مدي تضليل الشائعة فهناك حالات تسري فيها السرية والخداع للشائعات غير الموثوقة، لذا قد يكون من الأوقع بوجود لجنة متخصصة من جهة مسؤلة بحسبان أن الشائعات وقت الحروب مما تمس الأمن القومي تكون المعلومات الصحيحة فيها شحيحة لا يعلمها إلا الجهات المسئولة , فتجتمع بشكل دوري لتبادل المعلومات حول الشائعات الحالية مع الإعلام المصري المؤثر , ومن ثم تنظيم الجهود لتحديد مدي ومقدار تضليلها,ويجب أن تستقي مصادرها من جهات موثوقة ليتم تفنيد الشائعة من كل جوانبها ليقصون علي الجماهير القصة الدقيقة للشائعة "

الخطوة الثالثة مكافحة الشائعات ببيان الحقائق :

ويوضح "وتتمثل الخطوة الثالثة في مكافحة الشائعات ببيان الحقائق , فعندما يتبين أن الشائعة غير صحيحة، يجب البدء في خطة لتصحيح التضليل والتدليس علي إرادة الشعوب . ويعتمد نجاح هذه الخطة علي مصداقية وسائل الإعلام خاصة المذيعين بالقنوات التلفزيونية ,والوسطاء علي وسائل التواصل الاجتماعي ومدي قدرتهم علي التواصل مع الجماهير علي نطاق واسع وفعال وسريع. وهنا يمكنهم تصحيح المعلومات المضللة ونشر المعلومات القادمة من جهود مكافحة الشائعات الموثوقة . فيكون دعم وسائل الإعلام في تقديم تغطية إيجابية ومسئولة لمنع انتشار الشائعات الكاذبة. وهنا تكون مراكز مكافحة الشائعات المجتمعية قادرة علي ضمان حصول الجمهور ووسائل الإعلام علي معلومات دقيقة والتحقيق في الشائعات والتعامل معها بشكل صحيح."

المثل الشعبي المصري طباخ السم يذوقه ينطبق علي الإعلام الأمريكي وأمريكا تواجه الشائعات بفرق مكافحة الشائعات داخل الولايات
ويذكر "هذا المثل الشعبي المصري طباخ السم يذوقه ينطبق علي حال الإعلام الأمريكي , فمن حضّر السم لأحد سيتذوق منه ، ومن نصب شركًا لأحد سيقع فيه، ومن يعمل عملاً ضاراً للبشرية سيجده , لذا نجد أن خدمة العلاقات المجتمعية بالولايات المتحدة وهي ذراع وزارة العدل الأمريكية المخولة بالتدخل في النزاعات العنصرية - نظراً لكثرة الشائعات -تستخدم فرق مكافحة الشائعات داخل الولايات في محاولة منها لوقف الشائعات التي تضر بالأمن القومي للولاية والأمن القومي للولايات المختلفة , ويتم تحديد أرقام هواتف لمكافحة الشائعات يتم تزويدها بمعلومات دقيقة من قبل أقسام الشرطة أو مسئولي الولاية ويمكن لمواطني كل ولاية الاتصال بالرقم لمعرفة ما إذا كانت الشائعة صحيحة أم لا."

الإعلام الإسرائيلي يستخدم حملات الحرب المعلوماتية لتضليل الرأي العام :

ويضيف " أن الإعلام الإسرائيلي يتبع الاستراتيجيات المعرفية لنشر الأخبار المضللة أثناء قيامه ب الإبادة الجماعية لشعب غزة , حيث يقوم الإعلام الإسرائيلي باستخدام حملات الحرب المعلوماتية حول أحداث حرب غزة عن طريق بث روح ضياع الأمة اليهودية وأن إسرائيل تواجه تهديدًا وجوديًا وذلك كله لتبرير العدوان المستمر والحرب علي السكان المدنيين ب غزة , كما أنه يروج لفكرة أن قضية الرهائن تشكل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل، وهو ما يبعث برسالة تبرير أيضاً لاستمرار الحرب علي قطاع غزة , ويستخدم صوراً مضللة بأنها لا تمنع وصول المساعدات إلي غزة , وذلك بالمخالفة للحقيقة الدولية , لأن إسرائيل تجاوزت الحدود الموضوعة لحق الدفاع الشرعي , كما كان ردها مفتقداً لشرط التناسب في رد العدوان ".

الشائعات المضللة تخلق سوء الفهم الدولي الخطير لتدمير الدول -- شائعة الإعلام الأمريكي بشراء العراق لليورانيوم من النيجر أدي إلي تدميرها
ويشير " الشائعات المضللة تخلق سوء الفهم الدولي الخطير وتؤدي إلي تدمير الدول , بخلق وسيلة مقنعة للحروب , ويسجل التاريخ أن الإعلام الأمريكي بإيعاز من مخابراته بث شائعة في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية مفادها أن العراق قام بشراء اليورانيوم من النيجر، وكان هذا أحد الأسباب الجوهرية التي خلقت للإدارة الأمريكية حينذاك غطاءً شعبياً باتخاذ القرار بالحرب علي العراق وتدميرها بركيزة أن العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل، أو علي أقل تقدير القدرة علي تصنيعها. "

ويوضح "وقد أثبت التاريخ أن هذه الشائعة كاذبة، وتخالف الحقائق المحيطة بإدعاء برنامج أسلحة الدمار الشامل العراقي مما أدي إلي تدمير بلد عربي عظيم صاحب أعظم حضارة ميزوبوتامية في بلاد ما بين النهرين , التي كانت تتوازي في قدمها وعظمتها مع الحضارة الفرعونية القديمة , و كانت مجرد شائعات مضللة أدت إلي الحرب علي العراق وخلق قناع شعبي لقادة الولايات المتحدة نحو الحرب عليها ".

توعية الجماهير سلاح ثقة الشعوب في قادتهم لمواجهة الشائعات وقت الحروب :

ويؤكد الدكتور محمد خفاجي " إن توعية الجماهير سلاح ثقة الشعوب في قادتهم لمواجهة الشائعات وقت الحروب , ففي وسط طوفان المعلومات الكاذبة أو المضللة أو التي يساء تفسيرها، يواجه الجمهور صعوبة في معرفة من يثقون ؟ وماذا يصدقون؟ لذا فإن الأخبار المزيفة التي تتضمن المعلومات التي يتم تحريفها عمداً من الإعلام الإسرائيلي والأمريكي بهدف خداع الجمهور المصري لأغراض سياسية هي واحدة من أكبر التحديات التي تواجهها وسائل الإعلام المصرية . إنها مسألة بالغة الأهمية ليس فقط بالنسبة للصحفيين والإعلاميين ، ولكن أيضًا بالنسبة لوسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية القائمة علي الإنترنت والتي أصبحت قنوات رئيسية لتوصيل الأخبار والمعلومات".

ويضيف " يستغل بعض الإعلاميين والصحفيين بالخارج المارقين عن حدود الوطن , والمتسللين علي حسابات وسائل التواصل الاجتماعي مثل تلك الشائعات التي تبثها وسائل الإعلام الإسرائيلي والأمريكي , ويوظفونها لخدمة أغراضهم السياسية , ويخدعون بهذه الأخبار المزيفة الجماهير , إنها معركة ضد الأخبار المزيفة، يجب أن نتحلي فيها جميعا بسلاح العلم والمعرفة ,وليس الفهلوة ! لبث روح الثقة بين الجماهير وقادتهم ,فالثقة أمر بالغ الأهمية في استقرار الدول ".

ويوضح " حتي يمكن بناء جدار الثقة بين الجماهير وقادتهم , يتعين بناء ثقافة النزاهة والأخلاق التي تدعم المعلومات الدقيقة , وتعزيز الأمن السيبراني لمنع الخروقات التي تولد الأخبار الكاذبة , ومراقبة المحتوي علي منصات الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي والقنوات التفاعلية الأخري , لتحديد الأخبار المزيفة التي قد تكون ضارة بالأمن القومي من خلال شخصيات إعلامية تتمتع بالقبول والمصادقية , يكون عملها موثوقاً ومستداماً, لأن المعركة ضد الأخبار المزيفة لا تنتهي أبدًا إزاء تطور تكتيكات الأخبار المزيفة ".

الاتحاد الأوروبي أنشأ أول مدونة ذاتية التنظيم في العالم تواجه المعلومات المضللة وتعالج انتشار الأخبار المزيفة :

ويختتم الدكتور محمد خفاجي " وتصبح مشكلة تحديد الأخبار المزيفة والسيطرة عليها أكثر صعوبة بسبب الرغبة في تجنب الرقابة علي حرية التعبير المشروعة , وتقوم المجتمعات المتماسكة ببذل الجهود للحد من المعلومات الخاطئة، وما تحمله من خطاب الكراهية ومحاولات التأثير علي الأنظمة الحاكمة لأسباب سياسية محضة , مما يدعو بعض الدول إلي إمكانية استخدام القوانين للحد من حرية التعبير. لذا نجد مدونة ممارسات الاتحاد الأوروبي بشأن المعلومات المضللة هي أول مدونة ذاتية التنظيم في العالم تهدف إلي معالجة انتشار الأخبار المزيفة في أكتوبر 2018. "

"ويجب تحقيق ضمان الشفافية وهو ما يقتضي في بعض البلدان إلي إغلاق الحسابات المزيفة، للذين يتربحون من خلال خلق أخبار مزيفة وذهبت بعض البلدان إلي أبعد من ذلك من خلال فرض متطلبات إلزامية علي المؤسسات الإعلامية والمنصات الرقمية , ففي فرنسا مثلاً يمكّن قانون عام 2018 القضاة من إصدار أمر بالإزالة الفورية للأخبار المزيفة من مواقع الإنترنت. "

أضف تعليق

المنصات الرقمية و حرب تدمير الهوية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2