أحمد عاطف آدم يكتب: ذاكرة الغضب

أحمد عاطف آدم يكتب: ذاكرة الغضبأحمد عاطف آدم يكتب: ذاكرة الغضب

* عاجل13-11-2018 | 19:16

دائما ما نحرص علي تذكر كل التصرفات الرائعة والمواقف النبيلة لبعضنا البعض في لحظات السعادة والرضا ، من خلال موقف أو ردة فعل لصديق أو قريب يدخل علينا السرور والإمتنان ، فنحن في هذة اللحظة نكون كالآلة الحاسبة التي لا تستطيع إلا إجراء عملية واحدة وهي الجمع ، نجمع خلالها كل الأفعال المبهجة ونضيفها إلي حسنات تاجر السعادة الذي قدمها لنا سواء عن قصد أو غير قصد ، ولا تري عينانا حينها إلا هذا الشخص ، ولكن العجيب والذي هو علي النقيض تماما ، ما تبدية سرائرنا من غضب وزجر تجاه نفس الشخص عندما يخطأ في حقنا ، نجد أنفسنا وعلي الفور قد تحولنا كليا إلي آله حرب داخليا وخارجيا ، نفكر بعمق ونضغط علي زر تشغيل آله حاسبة أخري لدينا ، تكون أهم عملية حسابية تجريها هي عملية الطرح ، نطرح من خلالها أرضا كل محاسنة وعطاياة التي قدمها مع كل ما يستطيع لأجل إسعادنا .
عندما تفكر في الأمر بعمق ستجد أنك تمتلك ذاكرتين ، أما الأولي فهي ملكك مدفوعة بإرادتك تعمل ببطارية الطيبة والتقدير الفطري التي زرعت إلهيا بداخلك ، ولكن تضعف جزئيا بفعل فاعل ، وهو المالك الثاني لذاكرتك الأخري الدخيلة ، ذلك " الشيطان " ، الذي يجري في دمائك كسريان الدم في العروق ، عندما تتعرض للحظات السعادة يعمل بكل جد ذلك الشيطان علي إضعاف ذاكرتك الأولي أو علي أقل تقدير ينجح في التقليل من أهمية من أسدي لك معروفا بإصرار وحب في نظرك ، وعندما يخطأ نفس الأخ أو الصديق أو يهفو أو يسهو فإن " إبليسك " صاحب الذاكرة الشيطانية يعمل علي تفعيل مخططة الثابت في العزف علي أوتار التقصير والتقزيم من حميميات العلاقات الإنسانية المبنية علي معان سامية كالتسامح والغفران.
في الشارع وفي العمل وأثناء السفر أصبح لا مجال للعواطف بين السواد الأعظم من الناس ، لقد نجحوا حقا في تحقيق المراد من أهدافهم ومخططاتهم الغربية المحاكه بإحكام ضد مجتمعاتنا المتناحرة والفصامية ، بإيصالنا لنقطة تلاقي قوتى التنافر المغناطيسية إجتماعيا ، والتي يستحيل عندها أي اتحاد يذكر ، ليبدو التشرذم والتضاد والخلافات اللاعقلانية المبالغ فيها هي السائدة بين العوام وتتوارثها الأجيال .
والسؤال لك ولي ولنا جميعا : هل حاولت أن تغفر وتسامح وتتغاضي عن ذلات الآخرين ، وهل سألت نفسك يوما ما عن سبب سعادتك عند تيقنك بأن الله سيغفر لك طالما أستغفرت وتبت بصدق ، لماذا إذا لا نتسامح بسهوله ! ، ونحن من نتلذذ بنعمة الغفران التي منحها الله لنا جميعا . والإجابة بكل سهوله هي أن فاقد الشئ لا يعطية. فدائما ما يقحم معظمنا الآخرين في مئات من المقارنات مع نفسه داخليا ، نفكر ونبحث دائما عن كل أوجة القصور والتقصير في الآخر ، تاركين بعض المميزات الواضحة والجلية لديه. لمجرد الإنتشاء أو لإيهام أنفسنا بالتفرد أو التغلب عليه في شئ بالكاد يذكر أو ليس له وجود من الأساس ، وربما تلك الأحقاد نفسها هي التي تولد بيننا ما يضاف إلي ذاكرة الغضب الشيطاني الدخيلة لدينا من ضغائن وصغائر لا تنتمي في الأساس لفطرتنا الراقية .
أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2