ناجح إبراهيم يكتب : هذا محمد بن عبد الله
ناجح إبراهيم يكتب : هذا محمد بن عبد الله
كان رسول الله"صلي الله عليه وسلم"أحلم الناس,وأعطفهم وأسخاهم,يخصف نعله ويرقع ثوبه ويخدم في مهنة أهله"أي زوجته"تكريماً ومساعدة لها. وكان عليه السلام أشد حياءً من العذراء في خدرها,وكان يجيب دعوة الفقير والمملوك ولا يستنكف من ذلك رغم جمعه لرياسة الدنيا"بالحكم"والدين"بالنبوة".
وكان يعود المرضي حتى لو كانوا في أقصى المدينة،ويمشي وحده دون حاشية ولا برستيج ولا مواكب،وكان يركب الحمار والبغل والجمل والحصان ويردف خلفه وكان أشراف العرب يستنكفون ذلك ويأنفونه,وكان يردف الصبى والرجل خلفه علي الدابة,وقد أردف ابن عباس ومعاذ وغيرهما وله حديث رائع مع ابن عباس وهما علي الدابة. وكان يقبل الهدية من كل أحد مسلماً أو غير مسلم ويأكلها ويكافئ عليها بالمزيد, ويرفض الصدقة.
كان زاهداً في الدنيا متقللاً منها,وكان يعصب علي بطنه الحجر من الجوع،ومرت عليه أوقات وهو رئيس للدولة ونبي للأمة لا يجد من الدقل" رديء التمر"ما يملأ بطنه،ولم يشبع من خبز القمح "أي الخبز الجيد"ثلاثة أيام متواليات,وكان يأكل ما يجده ولا يعيب طعاما قط ,وكان لا يأكل متكئا ويأكل مما يليه,وكان إذا لم يجد طعاماً نوى الصيام،وسأل زوجاته يوماً عن طعام فقالوا:ليس هناك إلا الخل فقال تأدباً وحمداً وشكراً لا وصفا ومدحا:نعم الإدام الخل.
وكان يلبس ما يجد من الثياب ولم يحرم ثوبا بعينه سوى ما كان فيه تشبه بالنساء ,ولم يحرم لوناً معيناً سوى ما أثر عنه من كراهة الأحمر،وكان يتطيب ويحب الطيب ويكره الريح الخبيثة.
وكان يكرم أهل الفضل ويتألف أهل الشرف,ولا يجفو علي أحد ويكره الجفاء ويقبل معذرة المعتذر إليه,ويمزح ولا يقول إلا حقا,ويضحك من غير قهقة,ولا يمضي عليه وقت في غير عمل لله تعالي أو فيما لابد له من صلاح نفسه أو غيره. وكان من رحمته بالناس أنه ما ضرب أحداً بيده قط إلا في حالة الحرب واصطفاف الجيوش ،فما ضرب خادماً ولا امرأة ولا أحداً ,وما لعن امرأة ولا خادماً ,وما انتقم لنفسه قط ولا دار حولها,كان غضبه كله لله,يدور مع الشريعة حيث دارت ولا يدور مع نفسه وذاته حيث دارت .
وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً أو قطيعة رحم فإن كان كذلك كان أبعد الناس عنه,قال أنس :خدمت رسول الله"ص"عشر سنين فما قال لي أفٍ قط ولا قال لشيء فعلته لم فعلته ولا لشيء لم أفعله هلا فعلت كذا" كان يهضم نفسه في ذات الله معظما للحق"سبحانه "ومتواضعا مع الخلق،وقد وصفته التوراة "عبدى المختار ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يجازى بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح ".
وكان يجلس حيثما انتهي به المجلس,يختلط بأصحابه كأنه أحدهم فيأتي الغريب فلا يدرى أيهم هو حتى يسأل عنه. خيره ربه بين أن يكون عبداً رسولاً وملكا رسولاً,فأشار إليه جبريل أن تواضع لربك ,فاختار أن يكون عبداً رسولاً,يأكل يوماً ويجوع يوماً,يحلم ولا يبطش,يعفو ولا ينتقم,يرحم ولا يقسو.
كان لا يواجه أحداً بما يكره,عف اللسان لم يعرف الفحش والتفحش يوماً حتى في أحلك اللحظات التي كانت قريش تشتمه وتسبه زوراً وبهتاناً. كان أصدق الناس لهجة وأوفاهم ذمة وأكرمهم عشرة,من رآه هابه لأول مرة ومن خالطه أحبه,كان رقيقاً متبسطاً مع أصحابه إذا تكلموا في الدنيا تحدث معهم,وإذا ذكروا أمر الجاهلية فضحكوا ابتسم لهم.
وكان أشجع الناس وروي عن علي بن أبي طالب"كنا إذا اشتدت الحرب واحمرت الحدق نحتمي برسول الله فما يكون أحد أقرب للعدو منه". كان نعم الأب والجد والزوج وهو القائل"خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ",حينما أغضبته زوجاته لم يطردهن بل ذهب هو إلي بيت أبيه "المسجد"ونام علي الحصير حتى أثرت في جنبه،ترى ماذا أخذت أمته من صفاته النبيلة أم أنها تنكبت الطريق وأغفلت هديه ؟!