سارة سعد تكتب: تأدبوا فى حرمة الألم

سارة سعد تكتب: تأدبوا فى حرمة الألمسارة سعد تكتب: تأدبوا فى حرمة الألم

* عاجل22-11-2018 | 20:17

يا سيّدي.. إن مَن يتألمُ يشعرُ أنّ ألمه هو الأقسى على وجه الأرض، ولو كان شوكةً في طرف إصبعه؛ فدعوه يتألم أو يعلن أن ألمه الأقسى! لا تخبروه أن فلانًا قُطعت رقبتُه ولم يصرخ كالأطفال مثله، لا تقولوا له إنّكَ تبالغُ في كل شيء، لا تجلبوا له إحصائيات بعدد الذين بُترت أقدامهم في الثانية التي أصيبت قدمه فيها بمجرّد شوكة! هو يعلم ذلك جيّدًا، ويشكر نعم الله في اليوم مليون مرة، لكن حين يضعف في ثانيةٍ لا تطالبه بالقوة ولا تقارنه بالآخرين! سيسقط!

..

إن أكبر إيلامٍ لأحدِهم أن تستصغرَ ألمَه، وإن أبشعَ جريمةِ قتلٍ هي تلك التي تقطعُ فيها بسبب لسانك رقابَ الآخرين.

إن الذي يشتكي إليكَ لا يحتاجُ إلى أن تتحولَ راهبًا ولا أن تجعلَ من حديثكما صومعةً، وإنما يريدُك أن تستمع إليه كأنّ لا أحد يتألم في الكون غيرُه! كأنَّ أحدًا لم يحبِب ولم يُخذَل في الكونِ سواه! كأنَّ غربتَه قبرٌ وحياته فيها جهنم! فأرجوك.. لا تنظِّر على متألم، ولا تستصغر ألمَه، ولا تقارنه بآلام الآخرين.

..

إن المرارات لا يقارنُ بعضُها ببعض، وإن ألم الشوكةِ في قدم أحدِهم يساوي ألم الرصاصةِ في رأس آخر، وإن المرءَ الواحدَ كلما ذاقَ ألمًا قال إنه أبشع ما مرّ به على الإطلاق.. فمن السطحية الساذجة والنظرة السخيفة، أن تقول للمسجونِ بأنه أفضل حالا من المقتول، وللمنفيّ بأنه أفضل حالا من المعتقل.. إن للألمِ حرمةً؛ فتأدبوا.

    أضف تعليق

    إعلان آراك 2