الزواج سنة الحياة وقد رغب الله ورسوله فيه؛ فمن تزوج فقد أدى نصف دينه، فليتق الله في النصف الباقي.
ويختلف حكم الزواج بحسب أحوال الشخص، فإنَّه من الأحكام المهمَّة التي اعتنَتْ بها الشريعة الإسلاميَّة؛ إذ هو من سنن المرسلين، وجاءت النُّصوص الكثيرة في القُرآن الكريم والسُّنَّة النبويَّة مُبيِّنة لمكانة هذا العقد وأهميَّته، وأجمعت الشَّرائع السماويَّة على مشروعيَّته.
وفى هذا الصدد قال الدكتور إبراهيم رضا أحد علماء الأزهر الشريف، إن الزواج في الإسلام ليس له حكم واحد، ولا أحد يستطيع القول بإن الزواج فرض أو واجب أو سنة بالعكس الزواج حكمه حسب كل شخص وحاله.
وأكد رضا: متقدرش تقول إن الزواج فرض فرضه الله أو سنة عن النبي فهذه تعبيرات غير دقيقة، والزواج قد يكون فرضا، وقد يكون حراما في حق من لا يقوى على متطلباته واللي معندهوش قدرة على النفقة واللي معندهوش قدرة على فتح بيت.
واختتم رضا قائلا: إنه وفقًا للأسباب السابقة، فإن زواج الشباب غير القادر حرام شرعا.
وفى نفس السياق قال الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتاوى الشفوية بدار الإفتاء، إن الزواج له أحكام تختلف باختلاف الأشخاص، مؤكدًا أنه قد يكون واجبًا وفي تركه إثم على صاحبه.
وأضاف عويضة أن الزواج واجب في حال كان الرجل قادرًا على الزواج وإن لم يتزوج؛ فسوف يقع في الحرام، مشيرًا إلى ما اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُود: «قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».
وأكد عويضة: حُكم الزواج يختلفُ باختِلاف حال الشخص وقُدرته الجسميَّة والماليَّة واستعداده لتحمُّل مسؤوليَّته، وقد ذكَر العلماء أنَّ الحُكم الشرعي للنِّكاح على خمسة أقسام: فتارةً يكون واجبًا، وتارةً يكونُ مستحبًّا، وتارةً يكون حَرامًا، وتارةً يكون مكروهًا، وتارةً يكون مُباحًا.
أحكام الزواج
أولًا: النكاح الواجب:
وذلك في حقِّ مَن يخافُ على نفسِه الوُقوع في محظورٍ إنْ ترك النكاح، فهذا يجبُ عليه النكاح في قول عامَّة الفقهاء؛ لأنَّه يلزمه إعفاف نفسِه، وصونها عن الحرام، وذلك واجبٌ على المسلم، وطريقه النِّكاح.
ثانيًا: النكاح المستحب:
وذلك في حال وُجود الشهوةٍ مع عدم الخوف من الوقوع في المحرَّم؛ فمَن كانت هذه حاله استحبَّ له النكاح؛ لاشتماله على مصالح كثيرة، بل ذكَر العلماء أنَّ الاشتِغال بالنكاح وتحصيلِه أَوْلَى من التخلِّي لنوافل العبادة، وهو ظاهرُ قول الصحابة - رضِي الله عنهم - وفِعلهم، وبه قال جمهورُ أهل العلم، قال ابن مسعود - رضِي الله عنه -: لو لم يبقَ من أجَلِي إلا عشرة أيَّام، وأعلمُ أنِّي أموتُ في آخِرها، ولي طول النِّكاح فيهنَّ - لتزوَّجت مخافةَ الفتنة.
وقال عمر - رضي الله عنه - لأبي الزوائد: ما يمنعك عن النِّكاح إلا عجزٌ أو فجورٌ.
وقال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى -: ليست العزبة من أمر الإسلام في شيءٍ.
ثالثًا: النِّكاح المُباح:
في حال عدَم الشَّهوة والميل إليه؛ مثل نكاح الكبير والعنين (الذي لا ينتصب) ونحوهما، وقد يكونُ مكروهًا في هذه الحالة؛ لأنَّه يُفوِّت على المرأة غَرَضًا صحيحًا من أغراض النِّكاح، وهو إعفافها، وربما أضَرَّ بها، ولكن تنتفي الكَراهة في حال رضاها؛ لأنَّ أغراض النكاح ومقاصده كثيرةٌ من تحصيل الأُنس والمودَّة والسُّكنى والنَّفقة ونحو ذلك، وليس الغرَض من النِّكاح قضاء الوطَء فقط.
رابعًا: النكاح المحرم:
وذلك في حقِّ المسلم إذا كان في دار كفَّار حربيِّين؛ لأنَّ فيه تعريضًا لذريَّته للخطَر واستيلاء الكفَّار عليهم، ولأنَّه لا يأمن على زوجته منهم.
خامسًا: النكاح المكروه:
إذا خافَ الجور ومَنْعَ الزوجة حُقوقها، أو كان لا شهوةَ له ويعوقه النكاح عن العبادة المستحبَّة، ونحو ذلك.