د. ناجح إبراهيم يكتب : الرسول العظيم .. ومكابدة الصبر والحلم

د. ناجح إبراهيم يكتب : الرسول العظيم .. ومكابدة الصبر والحلمد. ناجح إبراهيم يكتب : الرسول العظيم .. ومكابدة الصبر والحلم

* عاجل26-11-2018 | 20:33

ولد يتيماً فلم تكتحل عينه برؤية والده,ثم ماتت أمه وهو طفل فلم يستمتع بها وبحنانها,فقد مكث فترة يرضع في بادية بني سعد من حليمة السعدية،فصبر ورضي ولم يتسخط,ومات جده عبد المطلب سنده وكفيله بعد سنوات,ثم كفله عمه أبو طالب وكان فقيراً فخرج وهو صغير يرعي الغنم مقابل دراهم معدودة. ثم عمل في مال خديجة في شبابه فكان نعم الأمين الصادق في تجارته,ورتبت الأقدار له أن يتزوج من امرأة تكبره بـ 15 عاماً وغيره يرفض أن يتزوج من فتاة تقاربه السن,فرضي وسعد لأنها تحمل قلباً عطوفاً رحيماً وعقلاً كبيراً يستطيع تحمل أعباء الرسالة التي وصفها الله بقوله"إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً ". عاني أشد المعاناة في حمل الرسالة وأدائها,يبعث إلي الخلق وحده,والكفر والشرك يملأ الكون حوله,وكلما دعا إلي ربه قيل له:مجنون,ساحر,كذاب,كاهن,فإذا به يقابل هذه السفاهات بالصبر الجميل والحلم العظيم دون سخط أو ضيق,لم يقابل سفاهتهم بمثلها ولا تطاولهم بتفحش أو تبذل,فما كان رسول الله فاحشاً ولا متفحشاً فهو يكره الفاحش والبذيء,وهذا درس لمحترفي الشتائم والبذاءت الذين يظنون أنهم يخدمون قضية الإسلام وهم يوجهونها إلي خصومهم السياسيين.  ولما اشتد أذي كفار قريش عليه كان يفر من أذاهم من دار إلي دار,واضطر وهم أكرم الخلق أن يستتر بدعوته في"دار الأرقم"وفي إحدى المرات ضربوه حتى سال الدم منه ,وألقوا سلي الجذور"أي أمعاؤه"علي ظهره وهو يصلى فصبر وسكن لحكم ربه. في إحدى المرات حاولوا خنقه فدافع عنه صديق عمره ورفيق دعوته الصديق أبي بكر مستلهما القرآن" أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ". صدود وصلف أهل مكة اضطروه وهو المؤيد من السماء أن يخرج من مكة ليطوف علي القبائل هاتفاً فيهم"من يؤويني..ومن ينصرني"فقبيلة ترفض خوفاً من محاربة العرب,وأخرى تريد خلافته لنفسها ظناً أنه ملك،وإذا بثقيف لا تقف عند رفضه بل تسلط عليه سفهاءها وصبيانها ليضربوه بالحجارة ويشتمونه ويسبونه حتى جرحت أقدامه,أهكذا يهان نبي الأمة العظيم؟ بعدها لم يستطع العودة إلي منزله في مكة إلا في جوار المطعم بن عدي وكان كافراً رحيماً شهماً فأواه وأكرمه وأجاره,كل ذلك وقلبه لا يعرف الاعتراض علي ربه,لم يقل مثلما قال عمر يوم الحديبية"ألسنا علي الحق"فلم نعطي الدنية في ديننا؟. يأتيه ملك الجبال يطلب إذنه ليطبق علي من آذوه الجبلين؟فلم تأخذه العزة والأنفة ولا الرغبة في الانتقام بل قال في تواضع وعفو"اللهم اغفر لقومى فإنهم يعملون". رغم حجم الإهانات اللامتناهية لم يعرف قلبه الحقد أو الانتقام,يقتل عمه ونصيره حمزة,ويمثل بحثته فيهم أن ينتقم له فيمنعه الله من ذلك فيمتثل صاغراً لأمر ربه " وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ  وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ". ويحتضر عمه أبو طالب الذي لم يخذله أبداً ويتمني أن يسلم فيخاطبه ربه:"إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ"فيستسلم لأمر ربه. ويبتلي بالجوع و يربط الحجر علي بطنه وتمر الأشهر الثلاث ولا يطبخ في بيوت زوجاته شيئاً وهو يجمع الحكم والنبوة وربه يملك خزائن السموات والأرض,وهو قانع بحياته وراض بها,ما دام ذلك يرضي مليكه سبحانه. ويعذب أصحابه في مكة ويقتل أحبابه في المعركة تلو الأخرى ويشج وجهه وتكسر رباعيته ويهزم جيشه في أحد ويمثل بالكرام من أصحابه فلا يسخط ولا يتغير باطنه ولا يقل لربه"أين النصر". وتقتل رعل وذكوان الدعاة من أصحابه غدراً وخيانة ولما همَ أن يدعو عليهم  منعه الله "لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ"فسكن ظاهره وباطنه لأمر ربه. ورزق إبراهيم فتسري وتسلي به عن منغصات الحياة فمات،ورزق بالأحفاد الحسن والحسين فأخبر بما سيجرى عليهما فرضي عن ربه وقضائه رغم ألمه. وسكن بطبعه حبا وهياماً بعائشة التي كانت تمتلأ ذكاءً وجمالاً وحيوية فلم يهنأ بذلك،بل تكدر عيشه حينما قذفها القاذفون ظلماً وعانى ليال طوال قبل أن يتنزل القرآن ببراءتها". أظهر آيات النبوة فحزن لعلمه أن سيخرج بعده من يدعي النبوة مثل مسيلمة الكذاب والأسود العنسى". تغاضبه زوجاته فلا يطردهن إلي بيوت آبائهن ولكن يذهب هو إلي بيت أبيه وربه "المسجد" راضياً سعيداً. كان يمرض ويشتد عليه المرض,ويوعك كما يوعك رجلان من أمته,ولم يطلب يوماً من ربه أن يعفيه لمكانته ونبوته من هذه الأمراض. وخير بين الدنيا والآخرة,وبين البقاء والرفيق الأعلى فاختار الرفيق الأعلى,سلبت روحه الشريفة وهو نائم في حجرة غاية في البساطة ويرفض أن يجلس فيها اليوم عامل بسيط ويموت وهو يرتدي ملابس غاية في البساطة والزهد,وليلتها لم تجد زوجاته زيتاً يوقد به المصباح..عليك الصلاة والسلام يا سيدي يا رمز الرضا العظيم والصبر الجميل والحلم اللا محدود.
أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2