أعلن المركز المصري للدراسات الاقتصادية اليوم الإثنين، نتائج تحليل الطلب في سوق العمل المصري بالربع الثاني من العام الثالث (2024)، برعاية البنك الأهلي المصري، بالتركيز على فرص العمل في محافظات القناة، وذلك في ندوة لمناقشة أهم النتائج بحضور نخبة من الخبراء والمتخصصين، وشارك فيها من خلال تطبيق زووم هشام عكاشة رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري.
وعرضت الدكتورة عبلة عبداللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، أهم نتائج التحليل خلال ربع الدراسة، حيث أظهر التحليل تراجع إنتاج الوظائف لـ ذوي الياقات البيضاء بشكل مستمر بداية من الربع الرابع 2022 حتى منتصف 2023، وتبع ذلك تذبذب في إنتاج الوظائف انتهى بانخفاض آخر في الربع الثاني من 2024، واستمرار المركزية الشديدة في إنتاج الوظائف في إقليم العاصمة الذي استحوذ على نحو 90% من الوظائف المنتجة خلال ربع الدراسة، واستحوذ قطاع خدمات تكنولوجيا المعلومات على 22% من الفرص المتاحة في ربع الدراسة، يليه إدارة العقارات بنسبة 13% ثم التسويق والإعلان بنسبة 5%.
وأشار التحليل إلى، أن مجال خدمة ودعم العملاء أنتج ثلث الوظائف خلال الفترة وهو تغيير جوهري بعد انخفاض دام نحو عام ونصف، وأن أكثر من ثلثي الوظائف في قطاع تكنولوجيا المعلومات تتمثل في وظائف خدمة العملاء بنسبة 83%، وأظهر التحليل أن جميع الوظائف المتاحة لـ ذوي الياقات البيضاء خلال الفترة تطلب العمل من مكان العمل، وليس هناك وظائف تطلب العمل من المنزل، حيث ظلت الوظائف المتاحة للعمل من المنزل في تراجع مستمر خلال الفترة الماضية حتى بلغت صفر خلال ربع الدراسة، وبينت النتائج ثبات الطلب على حديثي التخرج منذ الربع الثالث من عام 2023، بينما الطلب على ذوي الخبرة قل في الربع الثاني من 2024 مقارنة بالربع الأول من نفس العام.
وبالنسبة لـ ذوي الياقات الزرقاء أظهر التحليل تراجع إنتاج الوظائف بداية من الربع الرابع من عام 2023، وبلغت نسبة التراجع في ربع الدراسة مقارنة بالربع السابق نحو 7%، واستمرت المركزية الشديدة حيث يستحوذ إقليم العاصمة فقط على 74% من إنتاج الوظائف، ويعد مجال التسويق والمبيعات هو الأكثر إنتاجًا للوظائف في الربع الثاني من 2024 بنسبة 41%، كما يظهر تذبذب ملحوظ في إنتاج الوظائف في جميع المجالات من ربع لآخر، وانخفاض ملحوظ في الخدمات في أحدث ربع، وارتفاع مستمر في الأعمال الإدارية منذ الربع الأول 2023، وتشترط 53% من وظائف ذوي الياقات الزرقاء ذكور، وتتطلب 43% من الوظائف مؤهل عالي، وتشترط أكثر من ثلثي الوظائف خبرة متوسطة، و12.2% فقط من الوظائف تقبل حديثي التخرج.
وتضمن التحليل خلال الربع الثاني تحليلا تفصيليا لإقليم القناة، ورغم العدد الكبير للمناطق الصناعية والموانئ المتعددة فى إقليم القناة، إلا أن التحليل أظهر أن مساهمة إقليم القناة في إنتاج وظائف ذوي الياقات البيضاء تقترب من الصفر حيث تمثل فقط نسبة 0.02% من إنتاج الوظائف في مصر خلال الفترة، وهناك زيادة ملحوظة في عدد الوظائف المتاحة خلال النصف الأول من عام 2024 مقارنة بالنصف الثاني من عام 2023 حيث أنتجت نحو 422 وظيفة في الربع الثاني، وتستحوذ الإسماعيلية على 42.4% من إجمالي الوظائف في إقليم القناة، وتعد محافظة السويس هي الأكثر استقرارًا و بورسعيد الأكثر تراجعًا.
ويعد قطاع التعليم هو الأكثر إنتاجًا للوظائف على مستوى إقليم القناة بالنسبة لـ ذوي الياقات البيضاء، يليه الخدمات والتعهيد والصناعة، وهو توزيع مختلف بشكل جوهري عن المتوسط العام للجمهورية، وبين التحليل أن 4% فقط من الوظائف في إقليم القناة تقبل حديثي التخرج مقابل 42% على مستوى الجمهورية، بينما زاد الطلب على ذوي الخبرة.
أما بالنسبة لوظائف ذوي الياقات الزرقاء، فقد أظهرت ضعف مساهمة محافظات القناة فى إنتاج الوظائف بنسبة لم تتجاوز 2% من إجمالي الجمهورية، وأظهر التحليل ارتفاع عدد الوظائف التي تنتجها محافظات القناة في النصف الأول 2024 بشكل ملحوظ، ولكن هذا الارتفاع لا يعوض الانخفاض الكبير الذي حدث في النصف الثاني 2023، ويرتفع الوزن النسبة لمحافظة الإسماعيلية بنسبة 49% من إنتاج الوظائف فى الإقليم على حساب السويس وبورسعيد، وتعد الإسماعيلية هي المحافظة الوحيدة التي ارتفع إنتاج الوظائف فيها على أساس سنوي.
ويمثل مجال القيادة والتوصيل 30% من إجمالي الوظائف المنتجة في إقليم القناة مقارنة بـ11% على مستوى الجمهورية، حيث أن هناك زيادة ملحوظة في إنتاج الوظائف في مجالي التسويق والمبيعات والقيادة والتوصيل في النصف الأول 2024، وتراجع إنتاج الوظائف الصناعية بشكل مستمر منذ النصف الثاني 2022، ولم يتم إنتاج أي وظائف في مجال السياحة في النصف الأول 2024، ويظهر التحليل تراجع الوظائف الصناعية في جميع مدن القناة بمعدل تراكمي تراوح بين -23% إلى -45%، وبينما 86% من الوظائف على مستوى الجمهورية تشترط الفئة العمرية 23 – 33 سنة، ترتفع هذه النسبة إلى 96% في إقليم القناة.
وقالت الدكتورة عبلة عبداللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، أن منطقة القناة نصيبها محدود من الوظائف وتشغيل الشباب وتعاني من ارتفاع البطالة، ويظهر التحليل تراجعًا مستمرًا في الوظائف بقطاع الصناعة وهو أمر مقلق للغاية، ولا يتناسب مع العدد الكبير للمناطق الصناعية والموانئ في منطقة القناة.
من جانبه، أشاد الدكتور ماجد عثمان المدير التنفيذي للمركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة"، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق، بالمجهود الكبير الذي يبذله فريق عمل المركز في هذا التحليل وكم المعلومات الكبيرة المتراكمة على مدار فترات الدراسة السابقة، حيث يعد أول تحليل من نوعه لدراسة جانب الطلب في سوق العمل، في حين تركز المسوح الأخرى النمطية سواء التي يصدرها جهاز الإحصاء ربع سنويًا أو المسح التتبعي لسوق العمل، على جانب العرض فقط، مطالبًا المركز بضرورة الربط بين الجانبين للاستفادة من هذه الجهود بشكل متكامل.
وأكد "عثمان"، أننا تفتقد إلى اتساق سياسات التشغيل مع السياسات العامة الأخرى في مصر ومن أهمها سياسات الاستثمار، في إطار متكامل لرؤية مصر 2030، ومن جانب آخر، قال "عثمان" أن اختفاء العمل من المنزل أمرًا متوقعا لأنه كان قاصرًا على فترة كوفيد 19، ولم يتم تأهيل المجتمع لثقافة العمل من المنزل ووضع ضوابط له حتى لا تقلع الشركات عن ذلك.
وتحدث عبدالحميد كمال عضو مجلس النواب سابقًا، عن محافظة السويس، مؤكدًا أن محافظته لم تحصل على نصيبها الذى تستحقه من التنمية وتعاني من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، رغم ما تملكه شركات صناعية تعمل في كافة المجالات من أهمها البترول و5 موانئ، مشيرًا إلى مشروع تنمية شمال غرب قناة السويس الذي وضعت هيئة المعونة اليابانية "الجايكا" مخططه منذ عام 1986، وأنفقت الحكومة نحو 4.5 – 6 مليار جنيه على البنية الأساسية للمنطقة، ورغم أن مساحة المشروع تصل إلى أكثر من 4 آلاف كيلو متر مربع، إلا أنه لم يتم تخصيص سوى 100 كيلو متر فقط لـ4 شركات كبرى، ولم تتعدى نسبة التنمية في المشروع 3.2% من حجم الأراضي الموزعة على المستثمرين، وأكد أن إغلاق عدد من المصانع في المحافظة يهدد بتفاقم مشكلة البطالة وما ينتج عنها من تأثيرات اجتماعية خطيرة، مطالبًا بإحداث تنمية حقيقية في محافظات القناة.
جدير بالذكر، أن تحليل الطلب على الوظائف في سوق العمل المصري يستهدف سد الفجوة الإحصائية والمعلوماتية في هذا المجال، حيث تركز معظم البيانات المتاحة من قبل الجهات الرسمية المحلية والدولية على جانب العرض فقط، لذلك بداية من يونيو 2021 قام المركز برعاية البنك الأهلي المصري بتجميع ومعالجة وتحليل جميع إعلانات التوظيف الموثوقة المنشورة على الإنترنت، وإتاحة النتائج من خلال لوحة بيانات سهلة الاستخدام يتم تحديثها بشكل ربع سنوي، بما يمكن الجميع من رصد اتجاهات الطلب على المهارات في سوق العمل المصري وكيفية تغيره بمرور الوقت استجابة للتطورات الاقتصادية محليًا وإقليميًا ودوليًا.