مفتي الجمهورية: الفتوى وسيلة لتوجيه المجتمع نحو الطريق الصحيح في أمور الدين والدنيا

مفتي الجمهورية: الفتوى وسيلة لتوجيه المجتمع نحو الطريق الصحيح في أمور الدين والدنيامفتي الجمهورية

الدين والحياة19-7-2024 | 15:34

قال فضيلة الدكتور شوقي علام - مفتي الجمهورية ، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الأخلاق جزء لا يتجزأ، وركن ركين في الإسلام، وهي متغلغلة في كل الأحكام الشرعية ، وأصل من الأصول العامة الضابطة لحركة الناس؛ لكونها منبعًا كريمًا ينتج لدى الإنسان اللِّين والعطاء والعطف بما يثمر في إشاعة السعادة وحب الخير للغير.

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "مع المفتي" على فضائية قناة الناس، مضيفًا فضيلته أنَّ منظومة القيم والأخلاق هي العنوان الحقيقي للإسلام وللنبي محمد صلى الله عليه وسلم ولكافة الرسل والأديان السماوية التي اكتملت ببعثته r، وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام: «مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا فَأَتَمَّهَا وَأَكْمَلَهَا إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَهَا وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْهَا، وَيَقُولُونَ: لَوْلَا مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ»، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «فَأَنَا مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ، جِئْتُ فَخَتَمْتُ الْأَنْبِيَاءَ».

وأوضح فضيلة المفتي أن الإسلام ركَّز على أهمية الأخلاق، وهي مرتبة الإحسان التي ذكرها المصطفى في حديث سيدنا جبريل معه. والإحسان من حيث استقرارُه في القلب هو ما ينظِّم مسألة الأخلاق ويراقبها ليرقِّيها، كما أن طريق الإنسان في المحافظة على حياة ضميره، وطهارة فطرته يحصل من خلال مراقبة الله تعالى في جميع الأحوال، والأقوال، والأفعال، والحركات، والسكنات.

وأضاف فضيلته أن الشرع الشريف سلك في سبيل الحث على مراعاة منظومة القيم والأخلاق وترسيخها بين الناس منهجًا حكيمًا، حيث نلاحظ تأسيسه للقيم والأخلاق مع العقيدة، ثم غرْس ذلك وتعميقه في نفوس المكلفين من خلال العبادات مع سريانه في المعاملات وسائر السلوكيات الإنسانية، سواء في أعمال القلوب أو في أفعال الجوارح الظاهرة، بهدف أن يتحقق الإنسان بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو المثل الأعلى والإنسان الكامل، حيث وصفه الله تعالى بقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]. ولذا حصر النبي صلى الله عليه وسلم رسالته الخالدة في إتمام حُسْن الأخلاق؛ حيث يقول صلى الله عليه وسلم: «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

وشدد مفتي الجمهورية على أن الفتوى محاطة بسياج من التيسير والتبسيط. فالمفتي يسعى دائمًا إلى تقديم الحلول الشرعية التي تراعي واقع الناس وظروفهم، ملتزمًا بمبادئ الشرع السمحة التي تدعو إلى الرفق والتسهيل. حيث إن الفتوى جاءت لتصحيح مسار الأخطاء الشرعية وتصويب الفهم الديني الذي قد يعتريه بعض الغموض أو الخلل، كما أنها ليست مجرد إجابة على سؤال فقهي، بل هي وسيلة لتوجيه المجتمع نحو الطريق الصحيح في أمور الدين والدنيا.

ووضَّح فضيلته أن المفتي يقوم مقام النبي صلى الله عليه وسلم في فهم النصوص الشرعية وبيانها. وهذا الدَّور الرفيع والشريف يتطلَّب منه علمًا واسعًا ودراية عميقة بأصول الفقه وقواعده، ليتمكن من تقديم الفتوى الصحيحة التي تعكس روح الشريعة ومقاصدها.

وأشار فضيلة مفتي الجمهورية إلى أنه من المهم جدًّا والضروري أن يتَّسم المفتي باللين والرحمة في تعامله مع المستفتين. مشيرًا إلى أن أمناء الفتوى تلقَّوا تدريبًا جيدًا على أيدي المتخصصين في مهارات التواصل وعلماء النفس يؤهلهم للتعامل الحسن مع المستفتي، حيث إن أمين الفتوى لا يأنف ولا يستنكف ولا يمل من كثرة أسئلة المستفتين، بل يرحب بها لأنها جزء أساسي من طبيعة عمله، كما أن أمين الفتوى عليه أن يلم بكل العلوم المرتبطة بالفتوى، لافتًا الانتباه إلى أن الدار أصدرت المعلمة المصرية لعلوم الإفتاء، والتي بلغت 100 مجلدًا، شملت كافة علوم الإفتاء.

واختتم فضيلته حواره بتوجيه نصيحة للمتخصص في الفتوى قائلًا: لا تزعم أو تظن أنك أصبحت مؤهلًا تمامًا، بل عليك أن تتَّسم بالإخلاص والتواضع، وأن تسعى دائمًا إلى التعلم المستمر. كما نصح فضيلتُه المستفتيَ بألَّا يسأل إلا أهل الذكر، مستدلًا بالقول المأثور: "إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم".

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2