د. ناجح إبراهيم يكتب: السنة .. بين شيخ الأزهر ووزير الأوقاف

د. ناجح إبراهيم يكتب: السنة .. بين شيخ الأزهر ووزير الأوقافد. ناجح إبراهيم يكتب: السنة .. بين شيخ الأزهر ووزير الأوقاف

*سلايد رئيسى28-11-2018 | 22:15

تحدث فضيلة الإمام الأكبر د/أحمد الطيب في احتفال الدولة الرسمي بمولد النبي"صلي الله عليه وسلم"والذي حضره الرئيس السيسى عن أهمية السنة ومكانتها في الإسلام وأنها العمود الثاني للإسلام بعد القرآن,وأنها الشارحة والمفسرة والمبينة لمجمله والموضحة لمعانية وهي التطبيق العملي للقرآن في واقع الحياة،وأن الإسلام بغير السنة النبوية بأقسامها كالرأس بلا جسد. وكأنه يقول:المعني الحقيقي لإلغاء السنة يعني حذف الرسول"ص"من منظومة الإسلام,فما معني وجود الرسول إذا لم تكن أقواله وأفعاله وتصرفاته هي المنهج العلمي الذي يجعل القرآن حياً واقعاً نابضاً علي الأرض. وقد محصت السنة تمحيصاً علمياً نادراً لم يحدث في أي دين آخر,ورغم ذلك يريد البعض حذفها وهي التي بدأت كتابتها في حياة الرسول،وليس بعده بمئات السنين مثلما حدث مع رسل آخرين. وكأن الإمام أراد أن يسأل الذين يريدون حذف السنة والاكتفاء بالقرآن..هل فيه صلاة الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء وأعداد ركعاتها وهيئاتها ومقادير الزكاة وغيرها،فلولا السنة لضاعت هذه الأركان. لا أدرى ماذا في السنة يضايق هؤلاء فأغلبها حكم رائعة مثل"الراحمون يرحمهم الرحمن""المحتكر ملعون""من غشنا فليس منا""حصنوا أموالكم بالزكاة""مطل الغني ظلم""إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها""ابدأ بما تعول""اعمل ما شئت فإنك مجزى به""خذوا ما حل ودعوا ما حرم""لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة""لا تجسسوا""خير الناس أنفعهم للناس""ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه"وهكذا..ملايين الحكم العظيمة التي يريد هؤلاء حذفها دون مبرر. أما كلمة د/محمد مختار وزير الأوقاف فهي كلمة جيدة ومحكمة أيضاً ولا تتناقض مع كلمة الإمام الأكبر كما أشيع ويشاع بل تتممها وتكملها فهي تدعو إلي الحفاظ علي الثوابت وعلي رأسها السنة ولكنها تتحدث عن طريقة التعامل مع السنة,فهناك علة لكل حديث,والحكم في كل حديث يدور مع علته وجوداً وعدما. فقد نهي الرسول"صلي الله عليه وسلم"مثلاً عن حمل المصحف إلي بلاد الكفار والعلة في ذلك إهانتهم قديماً للمصحف،أما الآن فلا يوجد ذلك بل يطبع المصحف نفسه في هذه البلاد ويباع ويوزع علانية،فانتفت العلة وانتفى معه النهى والحكم,وليس هذا إلغاءً للحديث الشريف ولكنه دوران في فلكه وإعمال له بحق. ومن إعمال وتطبيق السنة التفريق بين ما قاله وفعله رسول الله باعتباره بشراً كسائر البشر وبين ما فعله باعتباره رسولاً مبلغاً عن الله,وبين ما فعله باعتباره قائداً عسكرياً. فأوامره العسكرية مثل"من قتل قتيلاً فله سلبه""للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهم"كل ذلك لا ينطبق علي عالم العسكرية الحديثة التي اختلفت جذرياً,فقد كان الجندى قديماً يحضر دبابته أو مدرعته"أي حصانه"وسلاحه"سيفه ورمحه"من ماله الخاص،أما الآن فالضابط والجندى يكفله الجيش بداية من ملابسه حتى طعامه وسلاحه. هذه الأمثلة لم يذكرها وزير الأوقاف,أما المثال الذي ضربه بحديث الرسول"ص""من أحيا أرضا مواتاً فهي له"وأنه يدخل في تصرفات الرسول كحاكم للدولة وليس مبلغاً لرسالة السماء,وأنه بمقدور الدولة الحديثة أن تتخذ طريقاً أخر في هذه المسألة يتناسب مع العصر ويتناغم مع مصلحة شعبها,فلا يمكن لأشخاص أن يستولوا علي آلاف الأفدنة ثم يستصلحونها ويملكونها,فهذا لا يصلح في الدولة الحديثة التي تضار من هذا التصرف. وهنا يمكن تلخيص قضايا التعامل مع السنة في ثلاث نقاط:السنة جزء أصيل من الإسلام,دوران الحكم مع علته وجوداً وعدماً,تقسيم تصرفات الرسول وأقواله بحسب النبوة أو غيرها,فما قاله أو فعله بحسب النبوة فوجب تنفيذه ولا مجال لإهماله أو تركه أو التغافل معه,أما الباقي فيتعامل بحسب عادات ومصالح وأعراف الأمم. وعلي الذين يريدون إشعال حرب بين الرجلين أو المؤسستين العريقتين أو بين الإمام والدولة أن يبتعدوا عن ذلك ولا يصيدوا في الماء العكر وينبغي علينا جميعاً أن نكون مع ثوابت الإسلام في صلابة الحديد وهي قليلة ومعروفة،ومع متغيراته في مرونة الحرير وهي كثيرة ولا تحصر،اللهم اجمعنا علي الحق والخير.

أضف تعليق

إعلان آراك 2