د. ناجح إبراهيم يكتب: السنة النبوية .. حديث الساعة

د. ناجح إبراهيم يكتب: السنة النبوية .. حديث الساعة د. ناجح إبراهيم يكتب: السنة النبوية .. حديث الساعة

* عاجل1-12-2018 | 21:48

 أصبحت السنة النبوية الشريفة حديث الساعة ،بحيث  أصبح كل من لا يعرف عنها شيئاً يدلى بدلوه في أمرها رغم أنها من أخطر قضايا الإسلام إذ أنها الأساس الثاني للإسلام بعد القرآن ..مستغلين توقيت ضعف الدين في قلوب الناس وهوانه علي أكثرهم بعد أن تشوهت صورته بفعل داعش وأخواتها وفعل فاعلين آخرين،ويمكننا طرح قضية السنة النبوية عبر هذه النقاط المختصرة:- أولاً:مكانة السنة في الإسلام هي مكانة الرسول من الدين,فوجودها يعني وجوده,وإنكارها يعني حذف الرسول وتعاليمه وأقواله وتوجهاته ووصاياه من الإسلام كله. ثانياً: حجية السنة في الإسلام ثابتة وواضحة لا لبس فيها ولا غموض وواردة في عشرات الآيات من القرآن منها"وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا""وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ"والعلة في عصمته وتسديد الوحى له أن يتبع ويطاع،لا أن يهال التراب عليه وعلي سنته وهدية وكذلك قوله تعالي"قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ"وكلمة اتبعوني واضحة الدلالة فكيف سيتبعه من يريد إلغاء سنته"فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا","مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ". ثالثاً:لا أدري لماذا يريد البعض إلغاء سنة النبي وحذفها من قاموس الإسلام ,تري ما الذي يضايقهم في أحاديث الرسول وهي من أعظم الحكم,ووصاياه من أدق وأجمل وأروع الوصايا،ماذا في آلاف الوصايا والحكم مثل:"لم يشكر الله من لم يشكر الناس""كل معروف صدقة""إن لربك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا وإن لبدنك عليك حقك فأعط لكل ذي حق حقه""قاربوا وسددوا""يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا""إن الدين يسر""الدين النصيحة""من يتحر الخير يعطه ومن يتق الشر يوقه""الصبر ضياء""الصدقة برهان""الراحمون يرحمهم الله""خير الناس أنفعهم للناس""من لا يرحم الناس لا يرحمه الله""أبدأ بمن تعول""خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه،وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره""تعرف إلي الله في الرخاء يعرفك في الشدة""والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"،وهناك عشرات الآلاف من مثل هذه الوصايا الجامعة التي لا خلاف عليها بين أهل الأديان والحكماء والعقلاء. رابعاً:نص الفقهاء علي أن الأحاديث التي لها علة تدور أحكامها مع علتها,فإذا وجدت العلة وجد الحكم,فقد نهي رسول الله عن حمل المصحف إلي بلاد الكفار وفي رواية بلاد الأعداء,لأنهم كانوا قديماً يهينون المصاحف. فهذه العلة انتفت الآن ولم تصبح موجودة،فإذا غابت العلة غاب حكمها وبالتالي للمسلم أن يصحب مصحفاً معه إلي كل بلاد غير المسلمين,لأن هذه البلاد تطبع فيها المصاحف وتوجد بحرية ولا تحدث إهانة لها. ومن أمثلتها"نهي الرسول"صلي الله عليه وسلم"أن يطرق المسافر أهله"أي زوجته"ليلاً والعلة"حتى تمتشط الشعثة،وتستحد المغيبة"أي تكون زوجته علي حال حسن من الهيئة والجمال لتدوم العشرة بينهما. أما بعد اختراع أجهزة الاتصال الحديثة التي يمكن أن يعرف الزوج زوجته بوقت قدومه لتستعد بزينتها وجمالها لاستقباله علي أحسن هيئة فقد انتفت العلة. والعلة تدور مع الحكم وجوداً وعدماً،وليس هذا إلغاءً لحديثه"صلي الله عليه وسلم"ولكنه الدوران في فلكه والإعمال الحقيقي له. خامساً:تصرفات النبي"صلي الله عليه وسلم"تنقسم إلي عدة أقسام سأذكر بعضها:- ما فعله النبي أو قاله أو أقره كنبي ورسول مبلغ عن الله فلا مناص من تطبيقه والعمل به وهو ملزم لكل أمة الإسلام وهو الذي جاءت به الآيات القرآنية التي تحث علي طاعته,وأن طاعته"صلي الله عليه وسلم"من طاعة الله ومعصيته من معصية الله",ولذا قال النبي"صلوا كما رأيتموني أصلي"وقال وهو في الحج "خذوا عني مناسككم"وهكذا ... سادساً:تصرفاته كبشر كسائر البشر وطريقة طعامه وملابسه وسريره ونومه وحجرته,فقد كان لا يحب الضب ولكنه لم يحرمه لأنه فعل ذلك بطبيعته البشرية,ويدخل في ذلك طريقة مداواته لنفسه أو للآخرين،وكل ذلك لا يلزم المسلم عمله,وإن فعله بقصد الحب لرسول الله والاقتداء به أثيب عليه ما لم يكن فيه ضرر عليه أو "مضيعاً لما هو أولي من الفرائض أو مؤدياً للتقصير في الواجبات الشرعية مثل أن يغضب والديه أو تطلق زوجته أو يخالف مجتمعه مخالفة تؤذيه. ومن أمثلة ذلك اكتحال النبي فهو مخالف لعادات الذكور في  مصر وقد يسبب حرجاً اجتماعياً أو عزلة اجتماعية لصاحبه في المدارس والجامعات والشارع,وقد فعله الرسول"صلي الله عليه وسلم"كعلاج لبعض أمراض العيون وقتها وقد اكتشفت في العصر الحديث علاجات أفضل وأقوى منه,أما استخدام النساء له فهو لا يصطدم مع الأعراف في مصر. سابعاً:تصرفاته عليه السلام كقائد عسكرى,وأكثر هذه التصرفات كانت مرتبطة بتكوين الجيش في عصره،فلم يتكون ديوان الجيش ويصبح جيشاً منظماً محترفاً إلا في عهد عمر بن الخطاب،أما في عهد الرسول فلم يكن هناك جيش نظامي موجود باستمرار,ولكن الجميع كان علي عهد النبي يعلم فنون الحرب ويستدعون حين الحاجة ويحضر بدبابته ومدرعته"الفرس أو الجمل"وكذلك بملابسه الحربية وسلاحه علي نفقته الخاصة,وليس لهم سجل معروف ولكن حماستهم الدينية تجعلهم يحضرون طواعية دون تخلف. إذا حديث"من قتل قتيلا فله سلبه"وحديث"للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهم" قالها الرسول باعتباره قائداً عسكرياً لجيش في حالة خاصة,ولا يصلح ذلك للجيوش النظامية الوطنية في أيامنا هذه والتي لا يتكلف فيها الجندي شيئاً لا سلاحاً ولا عتاداً ولا ذخيرة ولا دبابة ولا حتي ملابسه العسكرية. ثامناً : وهناك تصرفات كثيرة للرسول"صلي الله عليه وسلم"كرئيس للدولة سواءً في الصلح أو غيره,فمثلا صلح الحديبية كانت مدته عشر سنوات ورغم ذلك أباح الفقهاء الصلح أكثر من ذلك أو أقل منه،وأباح بعضهم الصلح المؤبد مع الأعداء,وأباح بعضهم الصلح مع كل أحد،والضابط الوحيد الذي وضعه الفقهاء الذين يسخر البعض الآن من عقلهم هو المصلحة ,وهناك فقهاء مثل العز بن عبد السلام كتبوا عن فقه المصالح والمفاسد منذ قرابة ألف عام,ومعظم الفقهاء ربطوا معظم قضايا الدولة بمصلحة الأمة منذ أكثر من ألف سنة. تاسعاً: ثوابت الإسلام عموماً قليلة ومتغيراته كثيرة,والغريب أن بعض الإسلاميين يحاولون تحويل المتغيرات إلي ثوابت ،وأغلب العلمانيين تقريباً يريدون تحويل ثوابت الإسلام إلي متغيرات لكي يكون ديناً هلامياً لا أساس له ولا أصل ولا جوهر يعرف به,ويعشقون من يدمر ثوابت الإسلام بحجة أو بأخرى. وبعضهم يريد أن يسوى بين المرأة والرجل في الميراث وهؤلاء جهلة لأن المرأة تأخذ في الميراث أكثر من الرجل في أكثر من 11 حالة تقريباً ,ولكنه التصفيق للجهل مثل من يصفقون للرئيس التونسي لأنه فرقع هذه الفرقعة الكاذبة,دون أن يسأل علماني واحد عن التقدم الصناعي أو الزراعي أو التقني أو الحريات في تونس وهي مهمة الحاكم أساساً. والخلاصة أنه علينا أن نكون مع ثوابت الإسلام في صلابة الحديد,ومع متغيراته في مرونة الحرير.
أضف تعليق