قوة إسرائيلية خضراء لسفك دماء العرب!

قوة إسرائيلية خضراء لسفك دماء العرب! مناحم بيجن

كنوز أكتوبر18-8-2024 | 14:47

لأن المحافظة على شعب الله المختار هو الهدف، الذى ترتكب باسمه إسرائيل معظم جرائمها، فقد شكلت الحكومة مؤخرًا قوة دموية مهمتها الأساسية قتل العرب البدو فى صحراء النقب والاستيلاء على أراضيهم لبناء مزيد من المستوطنات عليها، والعجيب أن إسرائيل أطلقت على فرقة الاغتيالات هذه اسم (الدوريات الخضراء).

كانت الساعة تقترب من الثامنة صباحًا عندما اتجه عدد ضخم من عربات الدوريات والشاحنات والجرارات التابعة للجيش الإسرائيلى لتنفيذ عملية هجومية جديدة ضد العرب البدو فى صحراء النقب، اختلط ضجيج العربات بصراخ النساء والأطفال، الذين تجمعوا خارج خيامهم حتى المسنين منهم العاجزين عن السير هرولوا ذعرًا، أمام رجال الشرطة العسكرية والقوات الخاصة. وفى وحشية بالغة أخذت الجرارات تمزق الخيام وتبعثر محتوياتها البسيطة، والتى لا تعنى شيئًا بالنسبة لنا، ولكنها بالنسبة لهؤلاء البدو هى كل شىء، ولم ينفض النهار حتى أصبح هؤلاء التعساء بلا مأوى يفترشون الأرض ويلتحفون السماء.

جاء هذا فى إحدى المقالات التى خصصها الصحفى الإسرائيلى «يهوشع سوبول» لإثارة هذه المشكلة مستنكرًا الدور، الذى تلعبه الدوريات الخضراء ضد عرب النقب ومحاولاتهم لطردهم والاستيلاء على أرضهم بالقوة، وهو استنكار أبداه كثير من الصحفيين الإسرائيليين بعد أن تمادت الحكومة فى أعمال الإرهاب القديم وانصرفت عن جهود السلام التى بدأتها مصر.

و العرب البدو فى صحراء النقب يبلغ عددهم اليوم 37 ألف نسمة. ويشير «سوبول» إلى ذلك قائلًا: إن هذا العدو له الحق.. كل الحق فى الأمن الذى يدعو إليه « مناحم بيجن » من أجل الشعب الإسرائيلى.. لقد تعرض هؤلاء البدو لأنواع من الاضطهاد الشديد منذ قيام الدولة، وكان عددهم حينئذ يقارب الستين ألفا، هاجر معظمهم بسبب العنف ضدهم.

وفى سنة 1951 زادت أعمال الإرهاب الإسرائيلى ضدهم، فالتقى زعماؤهم مع «حاييم فايتسمان»، و«يجائيل بادين»، الذى أكدا لهم مراعاة مصالحهم وممتلكاتهم وتعهدا بوقف العمليات التخريبية، التى يشنها جيش الدفاع على خيامهم، ولكن شيئًا من هذا الوعد لم يتحقق، بل حدث العكس تماما فاستولى الجيش الإسرائيلى سنة 1954 على مساحة واسعة من أراضيهم ووضعها تحت الحراسة على أنها من متطلبات الأمن.. ليصبح ما تبقى للبدو هو 400 دونم، وهى مساحة تضيق بعددهم الحالى.

ولا تزال الحكومة مسيطرة على هذه الأرض حتى يومنا هذا والصراع يتفجر فى أوقات متقاربة بين هؤلاء الضعفاء وقوات الجيش، كلما استولت الأخيرة على مزيد من الأرض.

ويقول زعيم البدو الأكبر: إن هذه العمليات التى يدعون أنها تفتيشية هى فى الحقيقة تفتيتية؛ لأنها تحطم كل ما نملكه.. ويبدو أن لا أمل لنا فى الإنصاف بعدما التزمت الصمت كل الجهات التى تقدمنا إليها بالشكوى.

ويعلق «سوبول» على ذلك بقوله: إن ضجة واحدة مهما بلغت من الأهمية لا تغفر هذه العمليات اللا إنسانية التى رأيتها بعينى، وتحدثت فيها مع السكان العرب فى هذه المنطقة.

ويستمر استنكار الصحفيين الإسرائيليين لهذه المذابح، ويقول «يهودا لهف» من صحيفة «على همشار»: ألم يكتف أريل شارون بهدم آمالنا فى السلام ببنائه للمسوطنات، فيضطهد أيضًا البدو البسطاء من أجل هدف مخز، وهو حرمان عرب النقب من أراضيهم.. وإذا كان من الصعب أن نقبل ما تدعيه الحكومة من أنها تهدف بهذه الخطوات «الاغتصابية» إلى إيجاد حلول حقيقية لمشاكل الإسكان والتكدس المتزايد فى المدن اليهودية الرئيسية.. إذا كان صعبًا أن نقبل ذلك، فإنه من المستحيل أن تصدق أنها تفعل ذلك من أجل حل مشكلات بدو النقب، كما يدعى المسئولون الإسرائيليون ضمن ما يدعون أن مصادرة الأراضى العربية ضرورة تفرضها احتياجات الأمن،

ثم إنه يسخر من هذه الحكومة التى تخصص يوما للاحتفال بعيد الأرض ويتساءل: لا أدرى لماذا تهتم السلطات بذلك؟! هل اغتصابنا لأراضى المزارعين العرب يستحق أن نقيم له عيدا؟!.. إننا لا نكتفى بالسرقة بل نعلنها فخورين بأننا لصوص.. والواقع أن ذلك يثير هؤلاء الفلاحين الطيبين ضدنا وضد أبنائنا من بعدنا، نحن لا نعيش وحدنا على هذه الأرض، هل نسى مناحم بيجن وأتباعه أن العرب يشكلون قوة عاملة تفوق قوتنا؟! والمثل يقول (الضغط يولد الانفجار).. إذا انفجر غضبهم سيكون لذلك أسوأ الضرر على الاقتصاد الإسرائيلى.. إننى أشعر بالمرارة لهذه التصرفات الساذجة من جانب الحكومة، وليعلم بيجن أن العالم لن يسكت على هذا الإهدار لآدمية الإنسان العربى .

هذا هو رأى الإسرائيليين أنفسهم ووجهات نظر أخرى لم يكونوا ليعلنوها، لولا أنهم تبينوا الصدق فى نيات السلام العربية، ولمسوا التعنت والتعسف من جانب حكومتهم.

ولا شك أن محاصرتهم لرئيس الوزراء بأخطائه يفتح جبهة جديدة للضغط عليه حتى يدرك أن المشكلة العربية الإسرائيلية ليست الذريعة المناسبة للتوسع فى الأراضى العربية، كما همس له بذلك وزير الزراعة أريل شارون، بعد تولى بيجن السلطة فى مايو الماضى.

نشر بمجلة أكتوبر فى أغسطس 1978م – 1398هـ

أضف تعليق

المقامرة الأمريكية والحرب الإقليمية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2